«أوسيانو».. سفير المطبخ الكاتالوني إلى الشرق الأوسط

سانتي سانتا ماريا مهندس الطعام

سانتي سانتا ماريا طاهي كاتالونيا الاشهر («الشرق الاوسط»)
TT

مثل باقي الطهاة الكاتالونيين، يمزج مهندس الطعام سانتي سانتا ماريا ما بين الأرض والبحر في مطعمه وأطباقه، ولا يتخلى عن التقاليد والمنتجات المتوسطية التي تعبق برائحة الشواطئ والجزر، وبالتحديد برائحة مونتيزي في كاتالونيا الإسبانية. أطباقه بسيطة وبعيدة عن التعقيد، ولكنها في نفس الوقت متطورة، يطغى عليها طابع المواسم والفصول.

سانتي سانتا ماريا اسم لمع في بلاده إسبانيا وتميز بنكهاته غير المسبوقة التي يتوصل إليها في كل طبق يبتكره. في عام 1981 افتتح مع زوجته آنجيل سيرا، أول مطعم له تحت اسم «إل راكو دي كان فابيس»، ومنه كانت البداية، ومن بابه فتحت لسانتي باب الشهرة العالمية، ومن خلاله قدم أطباقا مميزة تحمل الطابع التقليدي والحديث في آن معا، واشتهر مطعمه الأول بديكوره الرائع، حيث تولى الرسام والفنان الإسباني أنتوني تابييس مهمة تزيين الجدران بأروع اللوحات التي تحمل توقيعه.

لا يعتمد سانتي سانتا ماريا على لائحة طعام واحدة ، إنما يبدلها بتبدل الفصول وتوفر المنتجات في وقتها، حصل مطعمه على 3 نجوم «ميشلن» للتميز، وكان ولا يزال المطعم الكاتالوني الأول الذي يحصل على نجوم «ميشلن»، وبعدها افتتح مطعما ثانيا تحت اسم «سانتسيلوني» وتربع منذ افتتاحه على لائحة أفضل مطاعم العاصمة الإسبانية مدريد، وحصل على نجمتي «ميشلن» ومن المنتظر أن يحصل على نجمته الثالثة، ليصبح بذلك أول مطعم في مدريد يحمل هذا العدد من النجوم.

أما بالنسبة لمطعمه الثالث «أوسيانو» الواقع في فندق «أتلنتس النخلة»، فوضعه مختلف، فهو المطعم الأول لسانتي سانتا ماريا خارج أوروبا، ويتميز بديكور رائع يتماشى مع ديكور الفندق البحري، ويتخصص بتقديم المأكولات البحرية، لا سيما الأسماك، ومختلف أنواع ثمار البحر، إلى جانب أطباق مبتكرة من اللحوم تحمل كلها توقيع سانتي، ويتميز المكان بأجواء من الرقي والجمال والرومانسية الأخاذة.

يقع المطعم بالقرب من ردهة «رويال تاورز»، وتصل إليه عبر سلالم تأخذك إلى الطابق السفلي وسوف يفاجئك منظر الأسماك تسبح خلف جدران المطعم البلورية، وتجلس بجانب الجدار لترى الأسماك تشاركك العشاء وفي طبقك عرس من النكهات البحرية.

تزين المطعم حبات اللؤلؤ والفضة التي تضفي رونقا خاصا على المشهد الفريد النابع في قلب الحياة البحرية، وسوف تتمتع بالمأكولات في وقت تتمايل الحيتان والأسماك بمختلف أنواعها حولك في أجواء ملؤها الرومانسية.

يتولى الطاهي دانيل شافيز مهمة رئاسة المطبخ في «أوسيانو» وهو في الأصل من البيرو في أمريكا الجنوبية. انتقل عندما كان صغيرا مع والده إلى الولايات المتحدة الأميركية، ولطالما عرف أن اهتمامه الأول والأخير كان الطبخ والمطبخ. عمل بجانب كبير الطهاة سانتي سانتا ماريا على امتداد ثلاثة أعوام ونصف في برشلونة قبل أن ينتقل إلى دبي العام الماضي ليتولى منصب رئيس الطهاة في المطعم، وهو متخرج من مدرسة سانتي سانتا ماريا، ويقوم بتطبيق كل القواعد التي يبتكرها ويتبعها سانتي في مطبخه وأطباقه. تأثر شافيز بجدته التي كانت طاهية من الدرجة الأولى، وبدأ الطهي في البيت في سن صغيرة للغاية، لكن زاد اهتمامه بعالم الطبخ أثناء دراسته بمعهد فلوريدا للطهي. وتخصص شافيز بالمطبخ الكاتالوني، لأنه يعكس نمط الطهي المميز لمنطقة حوض البحر المتوسط، لكن على نحو أكثر تميزا. بحيث تنتمي معظم المكونات التي يعتمد عليها المطبخ الكتالوني إلى الجبال، مثل عيش الغراب والعناصر البرية الأخرى، وهو أمر يعشقه الطاهي سانتي سانتا ماريا. أما أسلوب التجهيز فيتميز ببساطته، بينما يحمل الطعام الكتالوني نكهة قوية. علاوة على ذلك، يتنوع الطعام باختلاف الفصول، وهو المبدأ الذي يحاول سانتي سانتا ماريا تطبيقه في «أوسيانو»، حيث يحرص شافيز والعاملون فيه على تغيير قائمة الطعام باستمرار طبقا لتغير الفصول. وعن المكونات التي يستعملها في مطبخ «أوسيانو» رد شافيز على سؤال «الشرق الأوسط»، بأن «المكونات تتميز بتنوع كبير، فعلى الرغم من أن «أوسيانو» يعد مطعما متخصصا في المأكولات البحرية، فإننا نعرض كذلك مجموعة واسعة النطاق من اللحوم. ونظرا لكون دبي مركزا تجاريا رئيسا، نتمتع بالقدرة على الحصول على مكونات من دول متنوعة مثل إسبانيا وأستراليا بسهولة نسبية». وأضاف شافيز أن سانتي سانتا ماريا يلقب بـ«مهندس الطعام»، وهو يؤمن بضرورة التحلي بالبساطة في إعداد الطعام ومن مصطلحاته الشهيرة: «تعقيد البساطة». ويفضل سانتي سانتا ماريا عرض الطعام بصورة تخلو من المبالغة والتكلف، مع التركيز على المذاق والمكونات. وعن جودة الأسماك يقول شافيز، «إنه لم يعد من الصعب الحصول على أنواع جديدة، بسبب تطور وتوفر سبل الاتصالات والنقل وبسرعة فائقة. أما بالنسبة للأنواع المفضلة في مطبخ سانتي سانتا ماريا، فيتنوع هذا الأمر باختلاف الموسم، ونوعية الأسماك المتاحة في السوق، لكن الأنواع الرئيسة التي نستخدمها هي سمك الأخفس الإسباني ولانغوستين (سمك روبيان ضخم) الإسباني والأخطبوط». ويقول شافيز «إن أسلوب الطهي الكاتالوني متأثر بالمطبخ العربي. من جانبنا، نفضل استخدام مكونات محلية، لكننا لم ندخل أي تعديلات سعيا لإرضاء الأذواق المحلية. في الحقيقة، حصلنا على استجابة إيجابية للغاية من قبل ضيوفنا في «أتلانتس النخلة». وتعتمد أطباق «أوسيانو» على استقاء الإلهام وروح الابتكار من أي شيء، فنحن تحيطنا عناصر بمقدورها إثارة ملكة الابتكار. لكن من المهم بالنسبة لنا على نحو خاص التميز بالابتكار، بحيث نغير في قائمة مأكولاتنا باستمرار». وبما أن سانتي سانتا ماريا هو مبدع في المطبخ الكاتالوني وحاصل على عدة نجوم للتميز، يضيف شافيز أن نظام نجوم «ميشلن» أكثر الأنظمة جدية وجدارة بالاحترام بالنسبة للمطاعم العظيمة. والمؤكد أن الحصول على نجوم «ميشلن» يعد إنجازا كبيرا وتكليلا لرحلة طويلة. وتستمر هذه الرحلة حتى بعد الحصول على النجوم، حيث يتعين على المطعم والطاهي العمل بجد للاحتفاظ بهذه النجوم وهذه السمة الطيبة. يعد «أوسيانو» واحدا من المطاعم المتخصصة في المأكولات البحرية ويحظى بثلاثة من نجوم «ميشلن» وأنشأه الطاهي سانتي سانتا ماريا في أول مشروع تجاري له خارج القارة الأوروبية. ويعرض «أوسيانو» مأكولات بحرية رائعة، ويتميز بتصميم أخاذ، حيث يقع تحت سطح الماء داخل منتجع «أتلانتس» وتحيطه مناظر بالغة الروعة.

وعلى الرغم من إتقان الطاهي شافيز طهي المأكولات الكاتالونية، فإنه يفضل شخصيا مأكولات بلاده البيرو، فهو يقول إنه من الضروري أن يتنقل الطاهي من بلد إلى آخر لاكتساب عادات وتقاليد المطابخ التي يزورها، فهو عاش في مختلف أرجاء العالم، لذا يعشق عدة أطباق ومطابخ من بينها الأكلات الإيطالية والإسبانية والفرنسية واليابانية، إلى جانب عدد آخر من الأكلات الأخرى، ويبقى طبقه المفضل في «أوسيانو» هو السرطان البحري، وهو يقدم على مرحلتين، الأولى مع سلطة مع صلصة خل بعشب الليمون، وبعد ذلك مخالب السرطان التي تقدم داخل الزيت وعليها التوابل وقشر البرتقال. أشهر أطباق «أوسيانو» هو يخنة السمك الكاتالوني مع البصل والثوم والطماطم والبطاطس والزعفران. ويقوي تماسك قوام اليخنة بإضافة بيكادا كاتلانا (خليط من بندق وخبز وثوم). ويقول شافيز إنه «من المهم جدا العمل في المطبخ عند توفر مكونات طازجة، لا سيما الأسماك في حالة «أوسيانو» فهناك كثير من العوامل التي تسهم في التعرف على ما إذا كان السمك طازجا، منها ضرورة أن يتمتع قشر السمكة بطبقة خارجية جيدة، وكذلك رائحة جيدة، ومستوى مناسب من التماسك. وتقع مسؤولية اختيار السمك على رئيس الطهاة وعلى الطاهي الذي يأتي بالمرتبة الثانية من بعده، ولا نقبل إلا بأفضل الأسماك». ومن مشاريع سانتي سانتا ماريا المستقبلية، افتتاح مطعم جديد في سنغافورة قريبا، فمن المعروف عن سانتي سانتا ماريا أنه طموح للغاية، وحلمه أن يصبح سفيرا للمطبخين الكاتالوني والإسباني في العالم، وهو في طريقه إلى تحقيق الحلم، لأنه استطاع منذ افتتاحه أول فرع له خارج القارة الأوروبية أن يحصل على إعجاب الناس، لا سيما الشعب الشرق أوسطي الذي يتميز بذوق عال في مجال الأكل والمطبخ. للمزيد من المعلومات: www.atlantisthepalm.com