«الشية».. طبق سوداني يعشق الجمر

طبق رائحته تدلك إليه

مشاو على الطريقة التقليدية («الشرق الاوسط»)
TT

يقال إن «أطعم أطباق اللحوم تلك التي تطهى على الجمر»، وفقا لخبراء الأطباق الحمراء، تعد أقدم أنواع الأطباق التي عرفتها الشعوب، بيد أنها لا تحتاج سوى نزر بسيط من التوابل يتلقفها الجمر الحامي ليحيل شرائح اللحم إلى قطع متساوية بمذاق مستساغ.

فالكباب الشامي، والمظبي الحضرمي، والساتي الإندونيسي، وغيرها من أطباق اللحوم المشوية، تلقى رواجا كبيرا لدى شعوبها، ولكن طبق الشية السودانية الذي يصنفه خبراء الأغذية ضمن هذه الفئة يتميز عنهم بفوائده الصحية ورواجه الكبير لدى عديد من الشعوب.

زوار مدينة جدة وسكانها البالغ عددهم نحو أربعة ملايين نسمة وفق تقديرات رسمية، يلحظون لوحة موزاييك فريدة تتشكل من خليط نادر للسكان من مختلف السحنات والأجناس، ورغم الاختلافات تجدهم يتلقون في بعض الأشياء، منها أطباق أطعمه جاءت من بلاد مختلفة وألفها الجميع كوجبات يومية، مثل الكبسة بأنواعها، والصيادية، والفرموزا، والمنتو، والمطبق، والمعصوب.

«الشية» طبق قادم من السودان اشتهر وسط سكان جدة، فرض نفسه كأحد الأطباق التي تحتفي به الأسر في المناسبات التي تستوجب الذبائح بشكل عام، ويتم اختيار اللحم من أماكن محددة من الذبيحة تتميز بخاصية خلوها من العظم والشحوم، وتعلن الشية عن نفسها في المكان المحيط بها بألسنة الدخان المعبقة برائحة الشواء الفريدة.

وتتميز الشية بخلوها من أي إضافات، وهو الأمر الذي قاد لانتشارها في عدد من المدن السعودية، وفي جدة ـ على وجه الخصوص ـ برز عدد من المطاعم المتخصصة في الشية السودانية التي لا تزال تطهى بأياد سودانية على الرغم من أن الاستثمار سعودي.

«مطعم الشهد للشية السودانية» هو أحد تلك الاستثمارات في القسم الجنوبي من عروس البحر، لكن اللافت أن المكان يديره يمنيون ولبنانيون، فيما يقوم بالعمل على الطلبات طباخ سوداني، ويموج المكان بمختلف الأجناس من أبناء المدينة المقيمين.

يقول عبد الله حميد أحمد، مدير المطعم، وهو من اليمن، إن الفكرة برزت لتقبل الناس لهذا النوع من اللحوم المشوية التي تشبه إلى حد كبير وجبة المظبي السعودية أو الحضرمية.

وقال إن المطعم لا يتعاطى سوى مع الذبائح السودانية «السواكني» لتميزه بطعم خاص وخلوه من الشحوم، ويتم يوميا ذبح ما بين ثلاثة إلى 10 خراف سواكنية، صاحب المال سعودي والمشغلون يمنيون والطباخ سوداني لأنه يعرف أسرار اللحوم السواكنية. وأضاف: «يستهلك المطعم يوميا بين 3 إلى 10 كباش، وتزداد في نهاية الأسبوع لتصل إلى نحو 10 كباش يومي الخميس والجمعة».

محمد حامد الذي كان يقف قبالة آلة الشواء يقلب في اللحوم بطريقة خاصة، اعتبر مطعمهم دوليا تديره شعوب عربية، وقال إنه خبر هذا العمل منذ سنوات طويلة في السودان، وجاء إلى السعودية ليعمل في هذا المطعم الذي يجتذب كل الجنسيات تقريبا ولا يقف على السودانيين فقط، حيث تجد الباكستاني والهندي والمصري والسوري والفلبيني وكل الجنسيات تقريبا.

ويبين حامد أن الشية تصنع من لحم الكتف والفخذ والريش (الأضلاع)، فيما تحول بقية الذبيحة إلى أعمال الشوربة (المرق)، ويقدم مع الوجبة اللبن والعدس والسلطات، وزاد بقوله: «الطلب الواحد بقيمة 14 ريالا شاملا كل الإضافات، ويمكن أن يكفى لشخصين».

ورفض حامد في بداية الأمر الإفصاح عن طريقة إعداد الشية، واعتبر أن ذلك من «أسرار المهنة»، خاصة طريقة وضع التوابل، لكنه قال إن اللحم يخضع للجمر أولا ويتم تجهيزه بطريقة نصف استواء، ثم تحفظ في إناء خاص حتى يطلبها «الزبون»، وحينها يتم تعريضها للجمر بتركيز أكثر لتخرج ساخنة طازجة وناضجة.