لوحات تشكيلية في أطباق شهية

تأكلها أو تتأملها أو تحتفظ بها في ثلاجة البيت

طبق على شكل لوحة فنية شهيرة («الشرق الاوسط»)
TT

هل تخيلت يوما أن تلتهم لوحة للفنان فان جوخ؟ أو أن تحلّي بترنيمة ملونة لدافنشي؟ بل ربما يكون طبق المقبلات الأساسي لبيكاسو.. إنها ليست قفشة مضحكة أو خيالا بعيدا، بل هي قوائم فعلية تقدم لزبائن مطعم (أكو- Aqua) في فندق الفورسيزون ـ نايل بلازا القاهرة، حيث يعمد الشيف الفرنسي الفنان، كريستوف جيلينو، إلى تقديم أشهر اللوحات التشكيلية التي أثَّرت في وجدان العالم، في أطباق رئيسية تحتار كثيرا أمامها، هل تأكلها أم تتأملها أم تريد الاحتفاظ بها في ثلاجة المنزل لأطول فترة ممكنة.

قائمة الفن التشكيلي الذي يقدمه كريستوف في أطباقه الأساسية تعتمد على 4 أنواع من المقبلات، و3 أنواع من الأطباق الرئيسية، ونوعين من الحلويات، إلا أن ذلك لا يمنعه من التنوع في عرض لوحاته التشكيلية حسب رغبة الزبون، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مئات اللوحات التشكيلية التي يمكن رسمها في أطباقي، ومنها أطباق مقبلات باردة وساخنة وأنواع مختلفة من الحساء واللحوم والأسماك فضلا عن الحلويات».

وهناك أطباق طعام تنتمي للمدرسة الفنية التشكيلية الكلاسيكية، وأخرى للمدرسة التكعيبية، وثالثة للسريالية، وغيرها.. أما أفضل اللوحات التشكيلية التي يفضل الزبائن أكلها، فهي كما يقول كريستوف: «طبق السالمون بالمستردة والريحان». وتقدم قائمة «الطعام التشكيلي»، ليس فقط بالمكونات لكل طبق، بل بصورة مرفقة لشكل اللوحة التشكيلية التي ستقدم في الطبق لاحقا للزبون. ويشير «كريستوف» إلى أن كثيرا من الزبائن يقومون بالاحتفاظ بصور صغيرة للوحة التي سيتناولونها للمقارنة في البداية بين إتقان اللوحة الأصلية وطبق الطعام الذي سيعكس تلك الصورة، ثم يحتفظ بالصورة الأصلية بعد ذلك كتجربة فريدة، حيث نقدمها له كهدية بسيطة مع الأطباق.

كريستوف يشعر بالسعادة وهو يقوم بعمله الغريب هذا.. وهو يقول عن ذلك: «كم أكون سعيدا بتقبل زبائني لفكرتي المجنونة، وكيف تزداد سعادتي حينما أشعر بالرضا في عيونهم عن هذه التجربة، فأنا مؤمن تماما أن الفن إلهام، وأن الطهي نوع من الفنون كالموسيقى والفن التشكيلي والكتابة.. الفنون لا تتجزأ ولكنها تتنوع».

أما عن كيف واتته هذه الفكرة الغريبة، فيوضح: «نشأتُ في منزل يقدِّرُ فيه الوالدان قيمة الفنون بشكل عام، سواء كان ذلك في عالم الموسيقى أو الفنون التشكيلية، لذا كان منزلنا يتزين بكل ما يمت إلى هذين النوعين من الفنون تحديدا، فتربيت عليها وتأثرت كثيرا، أثناء دراستي، بالعديد من الفنون، منها الفن التشكيلي بطبيعة الحال، وحينما عملت كـ«شيف» رئيسي لمطعم (أكوا)، راودتني تلك الفكرة المجنونة، فالطهي فن أيضا، وطريقة تقديم الطبق وشكله لا تقل أهمية أبدا عن محتواه وعن طريقة تناوله، فتناول الطعام فن وتذوق وإحساس كذلك.

ويضيف قائلا: «لقد رسمت كذلك أروع اللوحات الفنية التي يقتنيها الفندق وترجمتها عملياً في أطباقي، حيث لم يقتصر التحدي على تقليد الشكل فقط بل كذلك على ضرورة إكساب الوجبة مذاقاً شهياً لا يقل عن روعة الشكل».

ويؤكد كريستوف أن صناعة الأطباق التشكيلية ليست بالصعبة، ولا تأخذ وقتا طويلا، ولكن الصعوبة الحقيقية في تطبيق شكل اللوحة لأول مرة في طبق يحتوي على خضروات ولحوم مثلا، وذلك لاختيار أفضل المكونات من ناحية الطعم والمكونات الرئيسية ومن ناحية أخرى توافق الألوان مع محتويات اللوحة التشكيلية وتمازجها، و.. «لي أن أقول إن أشهر 8 أطباق رئيسية عندي استغرق إعدادها للوصول إلى شكلها النهائي، للوحات التشكيلية الشهيرة، حوالي شهرين من التجريب».

ويضيف: «أنا أستخدم في أطباقي ريشة رسم ألوان تشكيلية حقيقية، خاصة في تزيين اللوحة ببعض التفاصيل الصغيرة، كما أنني لا أستخدم نوعا واحدا من خضار معين كالفلفل الملون مثلا، فأحاول تجربة كافة الألوان، مع كافة الدرجات المتاحة.. فأحيانا يكون مكون الطبق به فلفل، ولكن أي درجة لونية هي. ولنا أن نقيس على ذلك كافة مكونات الطبق اللونية وفي ذات الوقت النكهة والمذاق.. وهناك بعض الألوان لخضروات ليست متوفرة في مصر مثلا، فأقوم بالحصول عليها من الخارج لكي يظهر الطبق مثل اللوحة قدر المستطاع».