البرغل منافس الأرز الأول

من طعام شعبي إلى وجبات عصرية

TT

«العز للرز والبرغل شنق حالو». واحد من الأمثال الشعبية اللبنانية الدارجة، الذي يبطن ان الارز هو مأكل الميسورين ربما لانه مستورد، وأن البرغل المعد محلياً هو مأكل الطبقات غير الميسورة.

ويعتبر البرغل جزءاً من الثقافة الغذائية الشعبية في لبنان، ولا يغيب عن موائد اللبنانيين، لا سيما في القرى وأحياء المدن الفقيرة من دون ان يعني ذلك ان هذه المادة الغذائية لا تدخل في تركيب وجبات الميسورين.

وإذا عدنا عقوداً قليلة الى الوراء لوجدنا أن اللبنانيين كانوا يحضرون البرغل بالطرق الفولكلورية، بحيث يجمعون القمح عن البيادر ويعرضونه لأشعة الشمس فترة من الوقت، ثم يحضرون «الخلقين» ـ وهو وعاء نحاسي ضخم ـ ويضعونه في باحة الدار أو ساحة الضيعة فوق موقد الحطب، وقد وضع فيه الماء والقمح بعد تنقيته من الزؤان، وتحلّق حوله أهل الدار وحتى أهل الحي. ويبقى «الخلقين» فوق النار الى ان ينضج القمح من دون أن يتفتح. وحتى تحل البركة يبادر المشرف على اعداده الى توزيع أكواب من القمح المسلوق على الحاضرين مع الجوز واللوز والزبيب وبعض السكر. بعد ذلك يصار الى نقل الكمية المسلوقة إلى «سطيحة» ليفرشها على قماش نظيف حتى يجف من الماء، ثم يؤخذ الى المطحنة ليطحن خشناً أو ناعماً بحسب رغبة حامل القمح. بعض العائلات في القرى النائية كانت تجرش القمح بواسطة «الجاروشة» ـ وهي كناية عن حجرين أسودين مستديرين فوق بعضهما بعضا، ثم يدار الجزء الأعلى بواسطة مقبض خشبي في جانبه بعد أن تلقى قبضة القمح في وسط الجزء الاعلى ـ وهكذا يبدأ تساقط البرغل على جوانب الجاروشة، التي لا يتعدى قطرها نصف متر، وأحياناً أقل. ثم يخزن البرغل اما في «الكوارة» ـ وهي جيب من الطين أصبحت نادرة اليوم ـ أو في اكياس قماشية ليكون الطعام الرئيسي والمغذي، وليدخل في الكثير من الوجبات اللبنانية الخاصة، ولا سيما «التبولة» (خليط من البقدونس والنعناع والبصل والحامض والبندورة مع البرغل)، التي باتت رمزاً من رموز الوجبات اللبنانية مع «الكبة النية»، التي تتكون من قطع اللحم المدقوقة في الجرن وبواسطة مدقة خشبية مستديرة والبرغل والبصل والبهارات وبعض اوراق الحبق، ثم توضع على المائدة وتزين بأوراق النعناع وتغمر بزيت الزيتون وتؤكل مع البصل الاخضر أو اليابس. وتكاد كبة الجرن تكون نادرة اليوم لتحل الآلة محل الجرن في هرس اللحم وخلطه. ولطالما تغنى شعراء لبنان بالكبة النية والتبولة اللتين كانتا تستخدمان لاغراء المغتربين بالعودة الى وطنهم الأم.

ويدخل البرغل أيضاً في العديد من الوجبات الاخرى، منها ما هو مع اللحم، ومنها ما هو من دون اللحم، مثل كبة البطاطا التي تؤكل نيئة أو مقلية أقراصاً ومستديرات مقفلة ومحشوة بالخضراوات والحمص، كما تؤكل مع البندورة (الطماطم) المطبوخة بالزيت أو السمن مضافاً اليها الملح والبهار.

أما وجبات البرغل مع اللحم فهي عديدة، منها ما يطبخ مع البندورة والبصل والبهارات، ثم يقلى اللحم المفروم مع البصل والبهارات ويصب فوق صحن البرغل المطبوخ ويقدم ساخناً. وهناك كبة البرغل باللحم، التي تبدأ بسلق البرغل الناعم مع الماء والملح، وبعد أن يبرد يعجن مع البيض باليد حتى يتماسك، ثم يكور العجين وفق الحجم المبتغى، ويحضر بالاصبع ويحشى باللحم ثم يقلى على النار حتى ينضج، ويمكن قبل نضوجه اضافة بعض الزبيب اليه، ما يعطيه طعماً محبباً.

يذكر أن 100 غرام من البرغل غير المطبوخ تحتوي على 360 سعرة حرارية، منها 8 غرامات أليافا غذائية، 12.5 غرام بروتينا، 69 غراماً من الكاربوهيدرات، 0.8 سكريات، 17.5 دهونا، 0.2 غرام دهونا مشبعة.