«علبة الطعام المدرسية»: مكوناتها بين الخطأ والصواب

كيف تختارين الأفضل لهم؟

TT

يتحوّل مذاق الطعام وأسلوب الغذاء السليم الى «محور معارك» يتصارع فيها الأهل والأطفال لاختيار أنواع المأكولات الواجب تناولها يومياً والابتعاد قدر الإمكان عن كل ما «يسمن ولا يغني من جوع» الذي يحيط بهم من كل حدب وصوب. لكن، وأمام هذا الواقع الصعب لا بدّ أن يخطو الاهل خطوة في الاتجاه الصحيح ويصوّبوا الأمر قبل فوات الأوان، وأولى هذه الخطوات تبدأ من الغذاء المدرسي الذي يشكّل انطلاقة سليمة في ظلّ بقاء الأطفال ساعات طويلة في المدرسة يجبرون خلالها على تناول ما تحتوي عليه علبة الطعام أو «lunch box». وهنا يأتي دور الأم لاختيار الأصناف المناسبة التي تغذّي الطفل وتغنيه قدر الإمكان عن «الإغراءات» التي يتعرّض لها في دكان المدرسة وما تقدّمه من أنواع مضرّة للصحّة. وفي هذا الإطار أشارت دراسة قامت بها مدرسة «سانت بارناباس» البريطانية أخيرا إلى العلاقة الوثيقة بين مكونات الطعام ونشاط الأطفال وسلوكهم المضطرب داخل المدرسة وخارجها. وقد أظهرت الدراسة التي شارك فيها 100 تلميذ وجود علاقة وثيقة بين نشاط التلاميذ والمواد التي تضاف الى وجباتهم الغذائية كالألوان الصناعية والمواد الحافظة ومنكّهات الطعم والرائحة، وقد اتضح أنها تؤدي الى مضاعفة نشاط التلاميذ وإصابتهم باضطراب في السلوك طوال اليوم. كذلك، من جهتها تشير المتخصصة في التغذية نانسي حبيقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أهمية أن «يصبح الطعام الصحي والسليم نظاما غذائيا يعتمد عليه الأهل في تربية أولادهم منذ الصغر، وهذا من شأنه أن يكون كفيلا بمنح الطفل نشاطا وحيوية وبنية جسدية ونفسية أقوى». وللوصول إلى هذه النتيجة تعطي حبيقة قواعد غذائية أساسية لتعويد التلاميذ في المدارس على سلوك غذائي سليم، وهي ترتكز على التقيّد بأسس الهرم الغذائي الخاص بالأطفال المكوّن من «الحبوب والفاكهة والخضار والحليب واللحوم». وبالتالي فإن إدخال مكونات هذه الانواع في علبة طعام التلميذ المدرسية اليومية يعتبر أمرا مهما وعاملا مساعدا في حصول الطفل على القدر الكافي من متطلبات الجسم كي ينمو ويتمتّع بصحّة جيدة، الأمر الذي يؤثر إيجابا على إنتاجيته وتركيزه ويمنحه النشاط طوال النهار. وتشير حبيقة الى أن 60 في المائة من الأمهات يعتمدن سلوكا غذائيا خاطئا في تأمين مستلزمات أبنائهن الغذائية خلال دوام المدرسة ويلجأن الى أسهل الأساليب، كأن يسمحن لهم يوميا بتناول أنواع المعجنات كالمناقيش والـ«كرواسان» وغيرها من المأكولات التي تحتوي على دهون مشبعة ووحدات غذائية مرتفعة، بدل تخصيص وقت معين صباحا لتحضير علبة طعام متنوعة وصحية. وأهم هذه الأنواع التي يمكن تسميتها باللائحة السوداء التي يجب شطبها من غذاء الاطفال المدرسي هي تلك التي تعتبر من المواد الحافظة الغنية بالدهون المشبّعة واللحوم المعلّبة كالـ«المرتديل» والـ«هوت دوغ» والمايونيز إضافة إلى الأصناف التي قد تؤدي الى تسمّم الطفل اذا بقيت خارج البراد لأكثر من 6 ساعات، وتدخل في لائحتها اللبنة والدجاج واللحوم. وتشدّد على ضرورة تناول وجبة الفطور قبل الذهاب الى المدرسة صباحاً لما لها من دور في منح الطفل نشاطا وحيوية، وإن كانت بكمية صغيرة، ويفضّل أن تكون عبارة عن كوب من الحليب وحبّة من الفاكهة. وقد أشارت بعض الأبحاث العلمية إلى أن الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة من دون تناول الطعام لا يكون أداؤهم بنفس مستوى أولئك الذين يتناولون وجبة الفطور.

كذلك تؤكد حبيقة على أهمية التنويع في اختيار أصناف المأكولات التي تحتوي عليها علبة الطعام المدرسية التي يفترض أن تشتمل على أكبر قدر ممكن من مكونات الهرم الغذائي لا سيما الخضار والنشويات والبروتيين والفاكهة، مع العلم أنه للأطفال بعد سن الأربع سنوات، يفضّل اختيار أنواع الطعام الخالية من الدسم، وبالتالي يترك الخيار للأم للانتقاء من الأنواع المتوفرة لديها والأهم تلك التي يرغبها الطفل. بالنسبة الى الخبز، يمكن اعتماد الأبيض منه في تحضير «ساندويتش» الأطفال الذين يقل سنهم عن 4 سنوات، والابتعاد عن الأسمر منه لأنه يخفّف من امتصاص جسم الطفل للفيتامينات، كذلك لأن الألياف تعمل على إشباع الطفل قبل تناوله بقية الطعام الذي يزوده بالسعرات الحرارية اللازمة التي يحتاجها. أما بعد هذا السن فمن الأفضل اعتماد الخبز المصنوع من القمح الكامل لأنه مصدر غني بالحديد و«فيتامين ب» وشطب خبز الحليب أو «pain au lait» من اللائحة اليومية بشكل جذري والاستعاضة عنه بما يعرف بخبز «baguette». أما حشوة هذا الـ«ساندويتش» فيمكن اختيارها وفقا للأسس التي ذكرت سابقا، وأهم أنواعها الحبش أو «turkey ham» والأجبان الطازجة والمعلّبة الخالية من الدسم والاستعاضة عن الدهون المشبّعة التي تحتوي عليها بغير المشبّعة الموجودة في الجوز والفستق النيء التي يمكن إدخالها ضمن الأصناف الموضوعة في علبة الطعام، ويمكن التنوّع والاستعانة بالزيت والزعتر وإضافة إليها ما تيسّر من أنواع الخضار الطازجة مثل الخيار والخس والجزر أو المربى مع زبدة الفستق أو الزبدة العادية الخالية من الدسم. كذلك بإمكان الأم دعم طفلها بأفضل قدر من أنواع الخضار من خلال طبق صغير من السلطة، اذا أمكن ذلك، ويتم اختيار مكوناته من الأنواع التي تبقى سليمة وصالحة للأكل فترة طويلة وإن كانت خارج البراد. ولإعطاء الطفل الكمية التي يحتاجها يوميا من الفاكهة، وهي حبتان، لا بدّ من إدخال أنواع منها في مكونات الوجبات المدرسية نظرا لاحتوائها على خليط من الفيتامينات، والمواد المضادة للأكسدة، والألياف، وهي تبقى أفضل من العصير المعلّب الذي يحتوي على كميات كبيرة من السكريات، ولا مانع طبعا من الاعتماد على العصير الطازج على اختلاف أنواعه اذا توفّر ذلك، من دون أن ننسى التركيز على أهمية شرب الماء، لا سيما أن الطفل يحتاج إلى ما يقارب ستة أو ثمانية أكواب من السوائل يومياً ليتمتع بصحة جيدة، وكلى قوية، وبشرة صحية، وحاسة بصر وجهاز هضمي سليم.

ولأن الإغراءات التي ينجذب اليها الاطفال تكمن في ما يسمى الـ«سناك»، تنصح حبيقة بإبعاد الأطفال عن العادات الغذائية السيئة التي ترتكز على الشيبس والشوكولا، التي يجب أن لا يتناولها التلميذ أكثر من مرتين في الاسبوع، والاستغناء كليا عن المشروبات الغازية التي تمتص المعادن من الجسم ولا سيما الكالسيوم الذي يؤثر سلبا على نمو الأطفال. وتعطي أفكارا صحية من شأنها أن تفي بالغرض المطلوب بأقلّ خسائر صحية ممكنة، وأهمها، «pop corn» المصنوع في المنزل والفاكهة المجففة واللبن الزبادي المعلّب بطعم الفاكهة، والـ«سيريال» المشبّع بالفيتامينات، وقطع من الحلويات المصنوعة في البيت شرط أن تكون مكوناتها طازجة وقليلة أو خالية من الدسم. وكي يكون الاختيار صائبا بالنسبة الى سلامة غذاء الأطفال، تؤكّد حبيقة على ضرورة التنبّه الى مكوّنات الأنواع المكتوبة عليها قبل شرائها، كأن يتم التأكّد من خلوها ممّا يعرف بـ«BHA و BHT» التي يكثر وجودهما في أنواع الشيبس والسيريال، كذلك خلوها من ملوّنات «yellow fix و blue one وred 40» الموجودة في المشروبات الغازية والعصائر وأنواع السكاكر و«hydro proteine» لأنها تعتبر من المواد التي يؤدي تناولها الى الإصابة بمرض السرطان.