«لو روليه دو فينيس لانتروكوت».. فيه تتذوق طعم باريس في نيويورك

الحجز فيه ممنوع ولائحة طعامه محدودة

TT

افتتح مطعم (لو ريلي دو فينيس لانتروكوت) فرعا جديدا قبل عدة أشهر في الوادي الضيق بجادة لكسينغتون وشارع 52، وهو مطعم يلائم زوار الفندق والمتجولين بوسط المدينة الصاخب.

ولا يقدم المطعم قائمة طعام حقيقية يمكن الحديث حولها؛ فهو لا يقدم سوى السلاطة وشرائح اللحم المشوي، وربما الشراب مع قطعة من الحلوى. وتقدم النساء اللاتي يرتدين ملابس الخادمات الفرنسيات الطعام في هذا المطعم حتى أنهن يظهرن وكأنهن قد خرجن للتو من أحد الأفلام الأولى لبرستون سترجيس، ولكن الأمر يبدو رائعا.

وبالرغم من أن ذلك النموذج قديم للغاية فإنه جديد على نيويورك، وذلك حيث إن هناك فروعا أخرى لمطعم لانتروكوت بباريس ولندن والبحرين وبرشلونة. وقد تم إنشاء أول فروعه في باريس في عام 1959 على طراز مطاعم البندقية بإيطاليا وكان يطلق عليه «استراحة البندقية» وكان مؤسس المطعم بول غينيست دي سورس يعمل بالأساس كصانع نبيذ وكان يعتقد أن إنشاء مطعم ربما يساعد على ترويج العنب الذي تزرعه أسرته منذ قرون.

ولكن لي ريلي دي فينيس (استراحة البندقية) لم يزدهر بسبب قائمة النبيذ التي كان يقدمها. فلم تكن لدى السيد غينيستي دي سورس طموحات كبيرة نظرا لقلة خبرته في مجال المطاعم. فلم يفكر سوى في تقديم السلاطة كبداية، ثم قدم بعد ذلك قطعا من اللحم المشوي التي يطلق عليه الفرنسيون (إنتروكوت) مع صلصة كثيفة تحتوي على قدر كبير من الزبد، بالإضافة إلى كمية وفيرة من البطاطس المقلية.

ولم يكن يقبل بالحجز، فإذا أردت أن تتناول الطعام في المطعم فما عليك سوى الظهور والجلوس. وكانت نتيجة تلك القرارات رائعة للغاية. فسرعان ما عرف المطعم ليس باسمه الجغرافي بل بنوعية اللحم الذي يقدمه: الانتروكوت. ومنذ ذلك الوقت يصطف الناس أمام المطعم رغم أن الأسرة قد تفرقت وأصبح هناك أفرع لمالكين مختلفين في جميع أنحاء العالم.

لم يصطف الناس حتى الآن أمام مطعم انتروكوت في نيويورك رغم أنه على غرار غيره من الفروع لا يقبل الحجز المسبق. كما أن المطعم يتمتع بمساحة كبير ربما لتتلاءم مع السوق الكبير في الحي. كما أن نشاطه في تزايد مستمر؛ حيث كان عدد الزائرين في تزايد مستمر خلال الأسابيع الثمانية الماضية. فتقول إحدى النادلات العاملات:«إنه يتحسن. فهو يكسب المزيد من الجمهور».

ويمتاز المطعم باتساع مساحته بالفعل، فالزائرون يدخلون القاعة، المقامة على شكل مثلث براق اللون بالقرب من جادة ليكسنغتون وشارع 52 ويمتد جنوبا وغربا. وبالرغم من أن طلاء ذلك المبنى ليس جيدا مقارنة بأبنية البندقية إلا أنه يوائم الذوق الفرنسي الذي يجمع بين الرداءة والرهافة. وتصطف الأرائك في ذلك المطعم بينها طاولات صغيرة، وكل شيء في ذلك المطعم يبدو أصغر من الشائع في المطاعم الأميركية. وبعد أن تستقبلك مديرة المطعم وترشدك للطاولة الشاغرة تأتي إليك في ثوان إحدى النادلات لتسألك«عن درجة الحرارة التي تريد طهي قطعة اللحم عليها؟». وهي تطرح عليك الأسئلة بطريقة ودودة ولكن بإيقاع رتيب كالتي تتحدث به لنادلات في العادة أو الممرضات بالمدارس. (ولا يوجد رجال في عالم لانتروكوت على الأقل في قاعة تناول الطعام). ويمكنك أن تخرج من المكان خلال 20 دقيقة إذا كنت لا ترغب في البقاء.

ويجب أن ترفض السرعة التي تخدمك بها هذه المرأة؛ فزوار المكان ليس لديهم اختيارات كثيرة فيما يتعلق بنوعية الطعام الذي يتناولونه ولكنهم يستطيعون كبح جماح السرعة التي يتلقون بها الخدمة. وبالتالي فيمكنك أن تطلب كوكتيلا لكي تبدأ به، كما يمكنك الإصرار على تأجيل طلب الطعام حتى تفرغ من المشروب. (إذا طلبت الطعام مع المشروب فإن الأمر سينتهي في أغلب الأحوال إلى أن تأتي السلاطة قبل المشروب. وهو أمر مؤسف ويجب تجنبه). وتأتي الوجبات في أحجام ملائمة – وأقصد بذلك أنها لا تأتي في تلك السلطانيات الضخمة التي تقدم في كافة أنحاء منطقة اللحوم وبالتالي فهم يشجعون عادة التناول البطيء للطعام.

يمكنك كذلك تناول اللحم المشوي الذي يأتيك خلال وقت قصير للغاية. ونظرا لأنه متوافر منذ بداية ذلك المطعم.

وعلى نفس السياق، نعود مرة أخرى للنادلة، التي تقدم الآن السلاطة. وهي عبارة عن كومة صغيرة تختلط فيها أوراق الخس الخضراء والحمراء في صلصة من المستردة التي كانت تقدم في بداية افتتاح المطعم بنفس كثافة المايونيز، إلا أنهم جعلوه أقل كثافة في الآونة الأخيرة حتى أصبح أقرب إلى الحرير، وعلى سطح الطباق يتناثر فتات الجوز الغني والمليء بالزيوت. تأتي قطع اللحم على مرحلتين، في طبق صغير إلى حد ما: تتناول قطعة اللحم مع الصلصة والبطاطس المقلية ثم يتم تقديم الطبق التالي. وقطعة اللحم البقري جيدة للغاية وقد تم تقطيعها إلى شرائح رفيعة عكس اتجاه النسيج وهي لينة كلحم الأغنام بالإضافة إلى أنها تعد وجبة مثالية لكي تتناولها مع أحد الأصدقاء. وتعد البطاطس المقلية مثالية؛ فهي مملحة ومقرمشة يذوب داخلها بنعومة في الفم رغم أنها لا يتم هرسها حتى عند غمسها في الصلصة.

وعلى ذكر الصلصة فقد تم كتابة الكثير حولها. ولكننا لا نعرف عنها سوى القليل، فبالنسبة للمكونات يحتفظ المطعم بها سرا. وهي على الأرجح نوع معدل من صلصة كافي دي باري التي تقدم في جنيف منذ الأربعينيات: الزبد أساسا منقوع مع أعشاب ومسطردة وكريمة، مع إضافة قطعة صغيرة من كبد الدجاج في وسطها تماما. وبغض النظر عن مكوناتها، فإنك ستحصل على وجبة رائعة. هل تريد المزيد؟ يتم الحفاظ على حرارة تلك الأطباق من خلال وضعها على (صواني) تشتعل أسفلها الشموع، على طاولات التقديم المنتشرة في جميع أنحاء قاعة الطعام. كما أن صورة السيدات اللاتي يرتدين الملابس الرسمية وهن يسرن على أرضيات داكنة من الخشب والرخام وهن يحملن أطباقا من اللحم وردي اللون والبطاطس الذهبية في إضاءة متلألئة هو مشهد جميل ومؤثر للغاية. يذكرني الأمر بلوحات مانيه، فهو يشبه لوحة فلولي بيرغير دون الياقة العالية.

وبالرغم من لانتروكوت هو مطعم جديد بمانهاتن فإنه يحمل قدرا من الحنين إلى الماضي، يمكن أن يرجع في جانب منه إلى الملابس التي ترتديها النادلات وأجواء قاعة تناول الطعام.

ولكن الطعام يستدعي كذلك عصر الأطباق الفضية وآداب المائدة، بالإضافة إلى بساطة السلاطة واللحم والبطاطس والإفراط في وضع الملح والزبد. وبالطبع يمكنك العثور على لحم أفضل في أماكن أخرى ولكن الرضا الذي سوف تشعر به بعد تناول تلك الوجبات سيكون بعيد المنال إلى حد كبير.

يتمتع المطعم بجو مبهج، كما أنه يعرض لوحات من البندقية، وزهور جميلة في ضوء الشموع.

مستوى الصوت: عندما تكون القاعة ممتلأة بالضيوف تكون الضوضاء منخفضة للغاية.

الأطباق المفضلة هي السلاطة واللحم المشوي، والبطاطس المقلية.

الحجز: لا يوجد حجز بالمطعم.

البطاقات الائتمانية: يتعامل مع الأنواع الرئيسية.

الكراسي المتحركة: يتكون المطعم من طابق واحد كما أن الحمامات كبيرة المساحة.

* خدمة «نيويورك تايمز»