مطعم «الغابة».. غابة في مطعم

تحت شعار «الجلسة علينا والأكل عليك»

مطعم الغابة في قلب الطبيعة السورية («الشرق الاوسط»)
TT

في نهاية طريق غوطة دمشق الذي يتقاطع مع الجسر الخامس من طريق مطار دمشق الدولي وفي منطقة تزدحم بسلسلة من المطاعم الكبيرة والفخمة والأنيقة والواسعة اختار أصحاب مطعم «الغابة» نمطا جديدا في التعامل مع زبائنهم معتمدين نمط «السيران الدمشقي» الشهير ومبدؤهم هنا: نرحب بك في مطعمنا ونقدم لك جلسة بين أجمل الغابات والأشجار الوارفة الظلال وبجانب البحيرات التزيينية بمياهها الراقصة وأنوارها الملونة وحتى نتيح لك عدة خيارات في الجلوس ومنها في الأسفل ضمن الصالة الكبيرة الواسعة الزجاجية والمشرعة نوافذها للريح الناعمة أو في الهواء الطلق بين الأشجار العملاقة وبجانب المسطحات الخضراء حيث تسمع صوت مياه السواقي وهو يجري يعطي الجالس بجانبه شعورا بالانتعاش والصفاء الروحي خاصة في فصل الصيف والربيع، أو نجلسك في الطابع العلوي الضخم بأرضيته الخشبية القاسية وبسقفه الكبير المسقوف كله بأوراق وأغصان الأشجار وسعف النخيل وبمنظر جميل رائع وحتى نتيح لك وأنت جالس في أي زاوية من زوايا الطابق العلوي الاستمتاع بمنظر بانورامي من كل الاتجاهات وأنت تتناول الطعام حيث يمكنك مشاهدة قمم جبل قاسيون وأنت تنظر شمالا وغربا مع بيوتات سكانه المرتفعة في المناطق المسماة الجادات وستشاهد فيما لو نظرت جنوبا طريق مطار دمشق الدولي بحاراته الواسعة وبمنشآته السياحية المنتشرة على طول الطريق السريع، وفيما لو نظرت شرقا سترى بساتين غوطة دمشق وما تبقى منها في مناطق شبعا والمليحة وزبدين، كذلك نتيح لك اختيارات أخرى في مطعمنا ومنها أن تتناول طعامك في البيت الريفي الواسع الذي صممناه ليماثل بيوت الريفيين في قرى دمشق حيث الغرف المبنية من الطين والخشب وحيث توجد المصطبة المرتفعة التي يمكنك الجلوس فوقها وتناول طعامك ولم ننس بئر المنزل العربي والوعاء المتدلي في أسفله بشكل تراثي جميل حيث يمكنك شرب الماء مباشرة منه أو يمكنك تعبئة زجاجتك منه مما سيعطيك مياها نقية باردة وكذلك هناك البسط الريفية المزركشة التي يمكنك الجلوس عليها وهناك قناديل الكاز والسقف المصنع من أعمدة خشبية اسطوانية تتقاطع مع ألواح مستطيلة لتعطي شكلا هندسيا جميلا، وأمامك الخيار الآخر أيضا وهو أن تجلس في المضافات العربية التي صممت على شكل مضافات البادية وضمت كل مفردات الخيم البدوية، ولم يتوقف أصحاب هذا المطعم في خياراتهم هنا بل وضعوا خيارا آخر لزبونهم خارج النمط العربي التقليدي حيث أنشأوا في مطعمهم قسما آخر أطلقوا عليه المجالس الماليزية وذلك لمن يرغب أن يتناول طعامه وهو يعيش أجواء التراث الماليزي ونماذج من غاباتها الجميلة ونباتاتها البرية وغير ذلك.

هذه الخيارات التي يقدمها أصحاب مطعم الغابة لزبائنهم ولكنها مشروطة بشرط بسيط وهو «أن تجلب طعامك معك» فهم وعلى نمط السيران الدمشقي يقدمون كل شيء للزبون من مستلزمات الجلوس وحتى أدوات شواء اللحم وتحضير المقبلات وليستمتع الزبون مع مرافقيه بجلسة شعبية ترفيهية جماعية خاصة إذا كانوا شلة أصدقاء أو مجموعة من الأسر في رحلة جماعية فلن يروا الندل مطلقا، وإنما فقط في بداية الجلسة سيأتون ليحضروا مكان الجلوس ومستلزمات تحضير الطعام وسيغيبون فيما بعد ولن يكون هناك بخاشيش لهم وهم يغادرون المطعم بل سيدفعون رسما بسيطا لدخول المطعم لا يتعدى الدولار الأميركي الواحد عن كل شخص وهو رسم للاستمتاع بكل أقسام الغابة المطعم والتجول فيها وكذلك سيدفع الزبون رسما زهيدا عن الخدمات التي يقدمها المطعم كالطاولة وكراسي الجلوس واستخدام مستلزمات طهي الطعام، وفي حال لم يرغب الزبون في أن يجهز طعامه بنفسه فسيعمل قسم المطبخ في المطعم ومن يعمل به من محضري طعام ومقبلات وطهاة على تحضيره للزبائن مهما كان المطلوب كاللحوم المشوية والكبب والكبة بجميع أنواعها والمناسف والدجاج المحضر بالطرق المعروفة كما سيحضرون جميع أنواع المقبلات الشامية واللبنانية والحلبية وغيرها، وهذه الخدمة أيضا مشروطة فالشرط هنا أن تأتي بكل مستلزمات تحضير ما تريده من طعام معك كاللحم والبقدونس والخضار والدجاج وغير ذلك وما على هؤلاء إلا تجهيزه في مطبخهم ولتذهب أنت لتحضره من عندهم بعد فترة زمنية يحددونها لك حسب الازدحام والطلبات وهم هنا سيأخذون رسما مناسبا كأجرة لطهي طعامك مقابل أن يريحوك من العمل لساعات في ذلك كما سيكون الكراسون غائبين عنك لأنك ستخدم نفسك بنفسك من لحظة تقديمك مواد الطعام إلى عمال المطبخ وحتى استلامه مطهيا ووضعه بالشكل الذي تريده على طاولة طعامك وفي المكان الذي اخترته من خلال الخيارات السابقة التي ذكرناها في جلوسك بمطعم الغابة.

وإذا كان قصد أصحاب مطعم الغابة أن يتفردوا عن غيرهم في خدماتهم وحجم واتساع مطعمهم الغابة والغابة المطعم فإنهم لم ينسوا أي مفردة من مفردات الغابة في واقعها الطبيعي فقد حرص هؤلاء ومنذ تأسيس مطعمهم قبل سنتين على إقامة أكبر وأضخم حديقة حيوانات في سورية، ففي القسم الشرقي من المطعم وبعد أن تنهي تناول طعامك وتريد التجول في الغابة المطعم وتنتقل من الخيارات السابقة وتعبر المطبخ ستجد أمامك بابا ضخما وإذا ما دخلت منه ستجد نفسك أمام عشرات الأقفاص والممرات الواسعة التي تضم عشرات الحيوانات المفترسة والأليفة النادرة والمعروفة والتي جاء بها أصحاب المطعم من كل دول العالم وسترى الأطفال والكبار وهم يحاولون وعبر طبقات الأسلاك الحديدية المتعددة الطبقات مداعبة القردة والنمور والفيلة والزرافات والثعابين والتماسيح وحمار الوحش والضباع والثعالب والذئاب وغيرها بطريقة عفوية جميلة، كذلك لم ينس أصحاب المطعم إيجاد كل ما يطلبه الزائر الزبون فأسسوا سوقا تجارية بعشرات المحلات التي صمموها أيضا بشكل تراثي جميل من مخلفات الأشجار الحراجية وأخشابها وبحيث تبيع هذه المحلات كل ما يريد الزبون شراءه من مواد استهلاكية وغذائية وحتى ألبسة وزجاجيات وفخاريات مصنعة بشكل تراثي وفي إحدى زوايا المطعم والسوق سيشاهد عددا من الشباب أمام آلة تحضير غزل البنات يحضرونه أمام الزبائن بلونه الزهري الجميل وشكله المنفوش داعين الأطفال لتناوله، كما لم ينس هؤلاء زيادة فترة الزيارة والترفيه للأسر والمجموعات المدرسية التي تزورهم فأنشأوا مدينة ألعاب وملاه.

ويبقى أن كل ما يقدمه المطعم من خدمات لزبائنه في مرافقه وفي كل متر مربع من مساحاته الواسعة جدا يشعرهم بأنهم يتنقلون ويجلسون ويتجولون في غابة عذراء بكل مفردات الغابة المعروفة كما سيشمون رائحة خشب الأشجار وأوراقها المميزة وهم يتناولون طعامهم الذي أعدوه بأنفسهم أو من خلال طهاة المطعم.