بيل كلينتون.. أفضل «وسيلة دعاية» للمطاعم حول العالم

يكفي أن يأكل مرة في المطعم حتى تنهمر الاتصالات عليه وتبدأ الحجوزات

TT

تناول بيل كلينتون عشاءه في «بخارى»، وهو مطعم راقٍ في نيودلهي في مناسبتين فقط، ولكن لم ينته إثر هاتين الزيارتين مطلقا؛ فيبدو أن الزبائن لن يتركوا هذا الأثر ينتهي.

منذ العشاء الأول الذي تناوله هناك، في عام 2000، كان الكثير من الزبائن يطلبون الطبق ذاته الذي طلبه الرئيس، لدرجة أن المطعم بدأ في تقديم طبق خاص يجمع بين أنواع مختلفة من اللحوم - وهو الطبق الذي أعد من قبل لكلينتون وضيوفه. ويحتوي طبق كلينتون، كما يشتهر، على أنواع مختلفة من اللحم والعدس والخبز المخبوز في الفرن.

ويبلغ سعره: 5000 روبية، أو نحو 110 دولارات.

وبالنسبة لهؤلاء الذين لا يمكنهم تناول لحم الضأن المفروم والدجاج المشوي، ما زال في إمكانهم الاستمتاع بليلة في بخارى تحمل صبغة زيارة كلينتون. يمكنهم فقط طلب الجلوس على «مائدة كلينتون»، التي تضم ستة مقاعد ويقال إن كلينتون اختارها في منتصف المطعم، حيث يسمح موقعها برؤية المطبخ الموجود في الهواء الطلق. ولكن تأكد من أن تتصل قبل ذهابك.

يقول أفيناش ديشوخ، مدير في فندق «إي تي سي ماوريا»، حيث يقع مطعم «بخارى»: «الغريب في الأمر أننا لم نعلن مطلقا عن حقيقة أن كلينتون تناول طعاما هنا. ويبدو أن الجميع يعرفون ذلك عندما يدخلون إلى المطعم».

ربما يبدو ذلك غير مرجح، نظرا لشركات المأكولات السريعة التي تربط نفسها باسم الرجل، ولكن هناك عبارات أكثر ربحا للمطاعم حول العالم من هذه: «لقد تناول كلينتون طعامه هنا».

بطريقة أو بأخرى، أصبح الرئيس الأميركي الأسبق رقم 42 حكما بين المطاعم الراقية العالمية، حيث يمكنه إضافة نجمة ميشلان غير رسمية لأحد المطاعم بمجرد ظهوره هناك. وهو يفعل في المطاعم حول العالم ما فعله جورج واشنطن من قبل في الفنادق في أميركا.

وعادة ما يظهر اسم كلينتون بصورة روتينية في كتب الدليل ومقالات الصحف التي تتناول المطاعم، مع إشارة ضمنية إلى أن محب تناول الطعام الفاخر منح مصادقته لهذه الأماكن. وإذا كنت تسافر كثيرا، ربما في النهاية تسمع نصيحة مثل: «عندما تذهب إلى مدريد، جرب (كاسا لوسيو)، لقد تناول بيل كلينتون طعاما هناك مع ملك إسبانيا»، أو «لتذهب إلى (لو بون دو لا تور) في لندن، إن كلينتون يحبه».

كيف أصبح كلينتون، تحديدا، الخبير الأول في تصنيفات خارج الولايات المتحدة؟

ينتشر افتراض صحيح بأن كلينتون لديه علاقات جيدة في كل مكان يزوره، وأنه من غير المرجح أن ينتهي به الحال في مكان سيئ. ويبدو أنه شخص يحب الطعام الجيد، أكثر من معظم المشاهير، حتى إنه قبل أن يجري جراحة في قلبه، كان يشتهر بشهيته الكبيرة.

وعندما يزور كلينتون مطعما ما، يعلم جميع من في المكان أنه هناك، ويقول دوغلاس باند أحد المساعدين، الذي كثيرا ما يسافر مع كلينتون، وأجاب على أسئلة هذا الموضوع نيابة عنه، إن رئيسه يقدم نفسه لجميع زبائن المطعم وجميع النادلين والعاملين في المطبخ، ودائما ما يقف لالتقاط الصور والتوقيع في سجل الضيوف، ويرسل واحدا من فريق مساعديه بطاقة شكر للمطعم بعد عدة أيام.

سيتناول أي شخص يسير على نهج كلينتون في المطاعم التي ارتادها طعاما جيدا، ولكنه يجب أن يعرف أن ذوقه في المطاعم، عندما يختارها فعليا، يتجه نحو المطاعم المشرقة الحيوية غير المهتمة بالتفاصيل؛ فهو لا يفضل المطاعم ذات موائد عليها مفارش بيضاء والوجبات ذات السعر المحدد المكونة من 10 أجزاء.

ولأسباب صحية أصبح كلينتون نباتيا في الوقت الحالي، وفي أثناء أسفاره الأخيرة نيابة عن مرشحين ديمقراطيين، تحتوي وجبته الغذائية على حساء ميسو الشعير وبوريتو الحبة السوداء والقرنبيط والبطاطس بالكاري، وهو ما يقوم بإعداده أحد مساعديه، ولكنه في الخارج يكسر ذلك النظام.

يقول خافيير بلازكويز، ابن صاحب مطعم «كاسا لوسيو»: «لقد تناول فيليه اللحم في المرة الأخيرة التي جاء فيها منذ أربعة أشهر. ينصحه الأطباء بعدم تناوله، ولكنه يتناوله على الرغم من ذلك».

تمنح مصادقة المشاهير - سواء كانوا نجوم سينما أو رياضيين أو أي شخص يصنف على أنه ذو شعبية كبيرة - حقوق تفاخر لجميع أنواع المطاعم، وقد ساعدت رعاية كلينتون في الولايات المتحدة على الترويج لأماكن مثل «إل مولينو» في مانهاتن، و«جورجيا براونز» في واشنطن.

ولكن فيما يتعلق ببيل كلينتون والمطاعم في الخارج, تأتي الفائدة على نطاق أكبر بكثير. يقول مديرو وأصحاب المطعم من بكين إلى آيسلندا وما بينهما، إن ظهور كلينتون في مطاعمهم من الممكن أن يحدث تحولا كبير ليجعل من مطعم مغمور مكانا شهيرا، أو يزيد من شهرة المطاعم المعروفة. وأفضل من كل ذلك أنه يبدو أن أثر هذه المصادقة يبقى لأعوام.

يقول ديتليف أوبرمولر، صاحب «غوغلهوف»، وهو مطعم في برلين استضاف كلينتون والمستشار الألماني، غيرهارد شرودر، في عام 2000: «كان لدينا زبائن من السويد في الليلة الماضية، سألت إحداهم: (كيف سمعت عن هذا المكان؟) فأخرجت صحيفة من حقيبتها، ولكني لم أستطع القراءة باللغة السويدية، فأخبرتني أنها تتحدث عن تناول بيل كلينتون لطعامه هنا من قبل، وكان ذلك منذ عشرة أعوام».

ولم ينس أوبرمولر أيا من تفاصيل تلك الزيارة؛ لقد أخبرته قوات الأمن الألمانية هو والعاملين لديه قبل وصول كلينتون ورفاقه بعشرين دقيقة، وانتشرت أخبار العشاء بعد ذلك سريعا عبر الإذاعة والتلفزيون، وفي ذلك الوقت كانوا يقدمون لضيوفهم طبق الحلوى، عندما اجتمع حشد من 2000 شخص على جانبي الطريق لتحية الرجل الذي أعلن أن «برلين حرة» في خطاب ألقاه عام 1994 أمام بوابة براندنبورغ.

وعندما غادر كلينتون المطعم، اندفع عدد كبير من الصحافيين ليدونوا التصريحات والتفاصيل، ووسط كل هذه الفوضى، اختفت جميع أدوات المائدة والأطباق والأكواب التي كانت على مائدة كلينتون، وحصل أحد الصحافيين المتهورين على فاتورة العشاء، (وكانت تحتوي على طلب كلينتون تشوكراوت، وهو طبق ألزاسي مكون من ملفوف مخلل ولحم بقري وبطاطس). وفي اليوم التالي، نشرت صحيفة ألمانية صورة لفاتورة الحساب على صفحتها الأولى.

ولم يطلب كلينتون مطلقا أن يكون مبعوث المطاعم الأجنبية، ولكن يجب الإشارة إلى مفارقة واضحة: «إنه لا يبحث عن الأماكن التي يتناول فيها طعامه، بل نادرا ما يختار المطاعم التي يذهب إليها».

يقول إند: «أتمنى لو كنت أستطيع أن أقول لك إن هناك علما دقيقا في ذلك. إنه مشغول للغاية، ولديه الكثير ليفعله، ولكن لا يعني ذلك أن الأمر ليس مهما بالنسبة له».

ويقول إند إنه في العادة تأتي اقتراحات المطاعم من أحد أعضاء فريق كلينتون الذي يستشير أحد موظفي الفندق، ويحتل الشعور بالراحة الأهمية ذاتها مثل المذاق، ويقول إند إن أحد الأسباب التي جعلت كلينتون يفضل مطعم بخارى، هو أنه يقع في الطابق الأرضي في الفندق الذي غالبا ما يقيم فيه كلينتون، مما يعني أن مرافقيه من الحرس سيتمكنون من تناول الطعام معه من دون التسبب في ازدحام المرور في نيودلهي.

وفي أوقات أخرى، يترك اختيار المطعم للشخصيات رفيعة المستوى داخل البلاد التي يزورها. وحتى في تلك المواقف من الممكن أن تكون الاختيارات غامضة بعض الشيء.

وقال أوبرمولر: «كان المستشار شرودر هنا في الأسبوع الماضي، وسألته لماذا جاء هو وكلينتون إلى غوغلهوف في تلك الليلة؛ فقال إنه ليست لديه فكرة، ولكنه يعتقد أن أحد أفراد حكومته قد اختار هذا المكان، وهذا كل ما يعرفه».

ويبدو أن الحظ الجيد يلعب دورا كبيرا على نحو مدهش في ذهاب كلينتون إلى المطاعم في الخارج. لقد ساعد كلينتون عربة تبيع النقانق في ريكايفيك تسمى «بيدجيرين بيستيو بالشير» على تحقيق شهرة عالمية بعد توقفه عندها أثناء زيارة إلى آيسلندا في عام 2004، ولكن كان الرئيس الأسبق يسير إلى جانبها مباشرة.

تقول غودرن كريستموندوتير صاحبة العربة: «تعمل لدي هذه السيدة الكبيرة اللطيفة منذ 30 عاما، وقد رأت كلينتون، فصاحت منادية عليه ليتوقف ويتناول أحد نقانقنا. وقد فعل».

وفي اليوم التالي، كان مراسلون من التلفزيون والصحف من جميع أنحاء العالم يتصلون بها، وفي عام 2006، أصبح «بيدجيرين بيستيو بالشير» (أفضل من يقدم النقانق في آيسلندا) ضمن قائمة أفضل خمس محلات للأطعمة الأوروبية في صحيفة «غارديان» الإنجليزية. ومن المؤكد أنه تمت الإشارة إلى توقف كلينتون عند العربة.

وتقول كريستموندوتي: «كان أمرا لا يمكن تصديقه، كان قدرا كبيرا من الاهتمام. ولم أستوعب مطلقا كل هذه الضجة حول ساندويتش نقانق واحد».

بلا شك تتحول تلك الضجة إلى المزيد من الزبائن والمزيد من المال، ولكن من الممكن أن تكون لها آثار جانبية. يقول أوبرمولر إنه لمدة أشهر بعد زيارة كلينتون، كانت هناك أعداد كبيرة من السائحين الذين عادة ما يقفون أمام غوغلهوف، ليس لتناول الطعام، بل من أجل الدخول والتحديق فيه ببلاهة.

وأضاف: «كان الأمر سيئا لفترة ما. وكان الكثير من الناس الذين يعيشون هنا غاضبين منا. وقالوا إننا دمرنا الحي».

ويجدر تحذير أي شخص يرغب في تناول الطعام في مطعم ذهب إليه كلينتون: «هناك الكثير من المعلومات المضللة هنا. على سبيل المثال، يشير موقع (ياهو ترافيل) إلى أن كلينتون كان أشهر رعاة (كوسباسي) وهو مطعم كباب في إسطنبول. ولكن يقول مدير المطعم إن هذا غير صحيح».

ويضيف: «ولكن زارتنا تشيلسي كلينتون ذات مرة. وهي نباتية، لذا صنعنا لها كبابا من الباذنجان». يبدو أن سحر كلينتون يمتد إلى ابنة الرئيس الأسبق أيضا. فبعد عدة أيام من تناولها وجبة في كوسباسي، جاء رجل كان في المطعم في تلك الليلة، واشترى المقعد الذي كانت تجلس عليه.

* خدمة «نيويورك تايمز»