مطعم قصر نزاري في قلعة الحمراء يستوحي لائحة الطعام من القرن الـ15

ماذا كان يتناول آخر ملوك إسبانيا؟

TT

ماذا كان الطعام المفضل لآخر ملوك إسبانيا؟ بعد دراسة عميقة أعد شيف مطعم قصر نزاري في قلعة الحمراء، وهو من أشهر المطاعم في غرناطة بجنوب إسبانيا، قائمة طعام تضم أشهى الأطباق في القرن الـ15. يمكن للسياح حاليا الذهاب إلى الفندق والجلوس على طاولة في الشرفة التي تطل على مشهد رائع لحدائق جنات العارف وطلب أطباق الملوك. من المؤكد أن هذا سيشعرك وكأنك آخر العرب في غرناطة. إذا أردت تصور قائمة الطعام الملكي، فانسَ تماما البطاطس أو الطماطم أو الفلفل. من البديهي ألا يتناول هؤلاء الملوك البطاطس لأنهم نشأوا على أيدي جنود إسبان من أميركا الجنوبية بعد عام 1492. وهكذا هو الحال بالنسبة إلى الطماطم أو الفلفل.

على الجانب الآخر، تزخر هذه الأطباق بالتوابل والبهارات واللحوم. يقول أحد القائمين على المشروع: «استعنَّا بكل الوثائق المتاحة لدى مؤسسة التراث الأندلسي. تمكنا من دراسة أطروحتين عن طعام عائلة نزاري ولم يدخل السمك إلا في 50 من 700 طبق فقط». لم يكن من المعتاد طهي اللحم في ذلك الوقت بحيث يصبح ناضجا تماما. وطبقا للوثائق الخاصة بتلك الفترة، كانت ذائقة السلاطين أقوى من يومنا هذا بسبب ظروف حفظ الطعام. لهذا السبب كان على المطعم أن يغير قليلا من طريقة الطهي حتى يجعل نكهة تلك الأطباق تتوافق مع الذائقة الجديدة. وقال رئيس المطعم: «إن هذا نتيجة التجريب نظريا وعمليا في المطبخ».

يوضح البحث الجديد عن المطبخ العربي القديم في إسبانيا أن لحم الضأن لم يكن من الأطباق المعتادة التي يتناولها العرب الذين كانوا يعيشون في جنوب البلاد.

وقال خوان كارلوس سانشيز، مدير المطعم: «لقد أخذنا فكرة طهي لحم الضأن عن العرب، لكن ذلك تم حديثا.. لقد كان لحم الحمل مقصورا على الأثرياء في مملكة نزاري»، لكن لدى الطبقتين المتوسطة والدنيا كان حساء الحريرة الطبق الموجود دائما على الطاولة. ويصنع هذا الحساء من الحمص والدجاج والبصل والكرفس وورق اللوري والفلفل والعدس والبهارات الصفراء، التي كانوا يفطرون عليها خلال شهر رمضان. ويتصدر هذا الطبق قائمة نزاري. ومع ذلك ليس هذا الحساء هو الطبق الذي ينبغي تقديمه، بل يمكن تقديم طبق آخر من الخضراوات والجزر والكوسة مع العسل، وهو يعتبر من الأطباق التي يشتهر بها المطبخ العربي. يمكن أيضا تقديم لحم طير مطبوخ مع البصل والكركم والكمون والقرفة ثم يلف في عجينة رقيقة تشبه المعجنات في «ألف ليلة وليلة». حتى مع معرفة أن آخر الملوك كانوا يتناولون القليل من السمك، تقدم قائمة الطعام طبقا رئيسيا، هو «سيكباي»، التونة المخللة بسلطة البرتقال والثوم والزيتون. لكن بالطبع من الممكن تناول اللحم. من الأطباق الرئيسية الأخرى: يخنة ساق البقرة مع التفاح والباذنجان والزعفران مع الملح والفلفل والكزبرة والزعتر والزنجبيل والقرفة والروزماري وزيت الزيتون والبصل.

لكن أفضل طبق يأتي في النهاية.. وحذر أحد الطهاة في المطعم قائلا: «في المطبخ العربي هناك قاعدة لكل الحلوى الأندلسية التقليدية. وتعتبر أطباق الحلوى هي أقل الأصناف التي طرأ عليها التغيير على مدى 5 قرون».

وطبق الحلوى الرئيسي هو «المجبنات»، وهي حلوى اعتاد العرب إعدادها عندما كانوا يعيشون في إسبانيا وظلت تُطهى في بعض المناطق في جنوب البلاد، وليس فقط في الأندلس، بل في مدينتي لقنت ومرسية. ويقدم المطعم المجبنات مع الفاكهة والجبن. إنها عبارة عن كتلة محشوة من خثارة اللبن والفاكهة التي تقلى حتى تتخذ شكل المثلث. ويتم طهي الحلوى بالطريقة التقليدية؛ حيث وجدت طريقة طهي العرب في القرن الـ15 كما أوضحها أحد الطهاة. وهناك أصناف من الحلوى الأندلسية هذه الأيام ترجع أصولها إلى أطباق حلوى قديمة مثل «سوبليلوس ألبوراجينوس» أو «روسكوس دي لوجا». وقد أوضحت هذه التجربة كيف وصلت هذه الأطباق إلى إسبانيا. وابتكر زرياب، مسؤول المراسيم في زمن الخلافة الأموية، بعض طرق تقديم الطعام التي تبدو عادية في زماننا هذا مثل ترتيب تقديم الطعام وهي الطبق الأول ثم الطبق الرئيسي ثم الحلوى، بينما كان معتادا في ذلك الوقت تقديم الطعام كله دفعة واحدة. وقال أحد الطهاة في المطعم: «نحن فخورون بقول السياح المسلمين الذين يتناولون حساء الحريرة إنه من أفضل الأصناف التي تذوقوها».

و«سبانيش برادورز» هي شركة حكومية تدير فنادق ومطاعم ملك الدولة في أنحاء البلاد. وفي غرناطة داخل القلعة الحمراء يطل المطعم على مشهد رائع من الحدائق والنافورات بقصر جنة العارف. وكان المطعم من الأديرة الإسبانية القديمة التي أمر الملوك الكاثوليك بإنشائها في القرن الـ16 فوق قصر نزاري بعد خروج المسلمين من المدينة. ولهذا من الممكن الاستمتاع بمشاهدة بعض اللوحات أو التماثيل التي تعود إلى القرنين الـ17 والـ18، فضلا عن التصميم المعماري. ويمكن للزائر تناول الطعام في قاعة الطعام أو الشرفة للتمتع بالمشهد الرائع. لكن من الممكن أيضا تذوق أطباق إسبانية مثل الـ«غازباتشو».