«العقابية» أو «العوجة» تبدأ الموسم بـ«الطراوة» وتنهيه بـ«القساوة»

وجودها يعلن قدوم الربيع والصيف

لذيذ في بداية الموسم ونهايته
TT

مسكينة هي ثمار «العقابية» أو «العوجة» أو «اللوز الأخضر»، فهي تبدأ مدللة ثمينة وتنتهي «مشرشحة» رخيصة الثمن. بهذه الكلمات البسيطة يعلق أحد باعة العقابية في سوق القصاع الدمشقي وهو يجر عربته الجوالة، وهو بالفعل لم يبتعد عن الحقيقة؛ فمع بدايات فصل الربيع تبدأ ثمار العقابية بلونها الأخضر الزاهي بالظهور في أسواق دمشق مؤذنة ببداية موسم ظهور فواكه الصيف اللذيذة الطعم والمذاق والمتنوعة وبشكل فلكلوري على عربات وبسطات بائعي الفواكه الموسمية، حيث ينتظرها الكثير من ذواقي الفاكهة الصيفية، ولذلك يقوم الباعة بتدليلها بشكل طريف وجميل حيث يعرضونها على عرباتهم مع رشها بالماء بشكل دائم وتزيينها على جوانبها بثمار الليمون والورود وكأنهم يحتفون بقدومها بطقس سنوي جميل ليلفتوا انتباه المارة إليها، وهم بالتأكيد ينتظرون ظهورها كل عام ليتلذذوا بتناولها خضراء زاهية مع قليل من ملح الطعام، والطريف هنا أن ظهورها الذي يكون قصيرا، حيث يستغرق نحو الشهر ونصف الشهر فقط خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، يبدأ بأسعار مرتفعة جدا وتباع من قبل الباعة بالغرامات (200 غرام في العادة للثمار) لتنتهي مباعة بالكيلوغرامات بحيث ما كان سعره في البداية لمائتي غرام يعادل في نهاية موسمها سعر كيلوغرام أو أكثر، وهذه من المفارقات الطريفة التي تتخصص بها تقريبا ثمار «العقابية»، خاصة أن سعرها يتهاوى بعد فترة زمنية قصيرة جدا، في حين أن معظم الثمار الصيفية تبدأ منخفضة السعر حيث يكون نضجها في بدايته لتنتهي مرتفعة السعر كالكرز والمشمش والخوخ وغيرها. ولتسميتها بـ«العقابية» تفسيرات مختلفة، ومنها أنها كثمار لوز خضراء طرية يقوم المزارعون بترك الكثير منها لتيبس وتتحول في أواخر الصيف إلى ثمار جافة يخرج منها حبات اللوز ليتم الاستفادة منها وتحويلها إلى مكسرات بعد تحميصها أو إبقائها نيئة لتضاف لبعض الأطعمة والحلويات الشرقية وغيرها، كما يطلق البعض من السوريين على «العقابية» اسم «العوجة»، وذلك بسبب شكل الثمرة المعوج من أسفلها، حيث يظهر جانبها المواجه لقمة الثمرة مائلا بشكل واضح، ولذلك يطلق علها «العقابية».

ولـ«العقابية»، التي يفضل تناولها بحجم صغير أو متوسط، نكهة خاصة ومذاق لذيذ إن كان في لبها اللزج حيث البذرة التي تتحول فيما بعد إلى لوزة أو في غلافها الأخضر الخارجي الذي يكون قاسيا نوعا ما في نهاية موسم «العقابية»، في حين يكون طريا قابلا للتناول مباشرة من قبل الإنسان ومن خلال أسنانه فقط، في حين لا بد من استخدام السكين لتناوله من خلال حزه به من وسطه حتى يسهل أكله، خاصة إذا كانت الثمرة كبيرة أو قاسية قليلا.

وينحصر استخدام «العقابية» في تناولها خضراء فقط مع قليل من ملح الطعام ولا يمكن تحويلها إلى أي منتج غذائي آخر كغيرها من الفاكهة الصيفية، على الرغم من أن بعض باعة المخللات الدمشقيين عملوا على تخليلها ويعرضونها في موسمها إلى جانب المخللات، ولكن شعبيتها تنحصر فقط في تناولها كما هي وفي موسمها بشهري مارس وأبريل فقط، ولكن، وحسب الكثير من الباحثين العلميين، للعقابية فوائد غذائية وصحية كثيرة تعادل فوائد اللوز بعد نضجه، بسبب ما تتضمنه من مكونات غذائية وفيتامينات؛ فثمرة العقابية تحوي الألياف وفيتامين A وحديد ومواد آزوتية وماء ويستخدم في معالجة البشرة الجافة ويعيد للوجه نضارته وحيويته من خلال عصير قشوره، كما يفيد مرضى الكلى وارتفاع كولسترول الدم، حيث يعمل على تخفيض النوع السيئ منه ويرفع النوع الجيد.

وحسب الباحث الأكاديمي الدكتور نزال الديري، فإن اللوز هي التسمية المعتمدة من قبل علماء النبات والبساتين، ويأخذ تسمية علمية وهي:Botanical Nomenlature، في حين أن البعض يفضل وضعه في جنس مستقل، ويعتقد بأن موطنه الأصلي هو غرب آسيا ومنها انتقل إلى اليونان وبقية أوروبا وأميركا، ويزرع اللوز من أجل الحصول على اللوزة Nut، وبالتالي التغذي على اللب Kernel، أي الجنين، وغلافه الموجود داخل الغلاف الخشبي الصلب، والثمرة حسلة جافة قاسية والبذرة الحقيقية (قلب اللوز) هي الجزء المأكول من الثمرة الناضجة، أما في البلاد العربية فيمكن أن تؤكل الثمرة غير المكتملة النمو Immature، وهو ما يسمى بـ«العقابية».

وفي هذه الحالة، فالأجزاء المأكولة هي كل ما نشأ عن جدار المبيض والمبيض نفسه من الداخل للخارج: الجنين (البذرة) والإندوكارب، وهو ما يسمى الغلاف الخشبي للوزة، ثم الميزوكارب والاكسوكارب، وهذان في اللوز يصبحان جزءا واحدا جلديا ينشق عن اللوزة عند نضج الثمار، ولذلك عند دراسة تطور الثمار لا توجد مرحلة امتلاء الخلايا المميزة في اللوز يصبحان جزءا واحدا جلديا ينشق عن اللوزة عند نضج الثمار.