عدي سالونكي.. طاه برتبة فنان

يرسم من أطباق ساحل الهند الغربي لوحات تؤكل

TT

الصفة المشتركة التي تجمع ما بين الفنان والطاهي هي الذوق وحب الابتكار والإبداع، ولكن ليس كل طاه فنانا. الطاهي الذي يمكن وصفه بالفنان هو الذي يجيد الطهي ويتمتع بذوق عال عندما يحين وقت التقديم، مما يجعل العين تشبع قبل المعدة بعد رؤية لوحات فنية استبدل فيها بالألوان الزيتية المكونات الغذائية والبهارات والصلصات.

رئيس الطهاة في مطعم «فيراسوامي» اللندني عدي سالونكي هو مثال الطاهي الفنان، الذي يبدع في تحضير الأطباق بقدر إبداعه في التقديم فترى أطباقه ملونة غنية أنيقة وشهية، وهذه الصفات قلما تجدها مجتمعة في طبق واحد خاصة في الأطباق الهندية التي قد تفتقد إلى عنصر التقديم في قالب شهي يتناسب مع الطعم.

في مقابلة مع «الشرق الأوسط» قال عدي سالونكي الذي يرأس الطهاة في أقدم مطعم هندي في بريطانيا، بأنه يحمل في جعبته أطباق ساحل الهند الغربي، المكان الذي ولد وترعرع فيه، وهذا ما يجعله يعشق تحضير المأكولات التي تدخل فيها الأسماك وثمار البحر.

بدأ سالونكي عمله في فندق «بريزيدانت» في مومباي وشغل حينها منصب طاه متدرب في عام 1985 وانتقل بعدها للعمل في مطعم هندي في جنوب أفريقيا في عام 1991. ثم انتقل بعدها للعيش في لندن والتحق بإمبراطورية «ماسالا وورلد» التي تضم تحت رايتها مطعم «فيراسوامي» و«ماسالا زون» و«تشاتني ماري» و«أمايا»، المنتشرة في لندن.

يقوم سالونكي بإضافة الأطباق الجديدة على لائحة الطعام في «فيراسوامي» بحسب المواسم وأطلق مؤخرا أطباقا جديدة ستكون متوافرة طيلة موسم الصيف وشهر رمضان المبارك، ومن الأطباق الجديدة التي ابتكرها سالونكي، «حساء بومباي بالطماطم» Bombay Tomato Soup، ويمكن تناوله مع المقبلات ويتميز ببهاراته المناسبة وغير القارسة، إضافة إلى طبق «الناوابي» Nawabi Stuffed Chicken Tikka، وهو عبارة عن طبق محشي بدجاج «التيكا». ولمحبي الدجاج أيضا يمكنهم تناول طبق الدجاج مع الحامض «Nimboo Do Pyaza»، وإذا كنتم بصحبة الصغار وتفضلون إطعامهم أطباقا أقل حدة وغير حريفة لا يكثر فيها استخدام البهارات فننصح بطبق الدجاج الكلاسيكي Murgh Makhani.

وبما أن سالونكي يأتي من منطقة ساحلية في الهند، تجده مهتما بابتكار الأطباق التي تشكل فيها الأسماك وثمار البحر المكون الرئيسي، وفي لائحة الطعام الجديدة أضاف طبق «البرياني بالسمك» Monkfish Biryani، وقال سالونكي بأن الطبق المفضل لدى العرب هو «البرياني» وأيضا يفضلون الأسماك في الكثير من الأحيان، وهذا ما جعله يطور طبق «البرياني» ويعطيه نكهة جديدة وخفيفة في الوقت نفسه مستخدما ما يعرف بسمك «الراهب» الخالي من الدهن، وفكر أيضا سالونكي في محبي اللحم الأحمر، وجاء بطبق جديد أطلق عليه اسم «Raan Akbari»، وهو عبارة عن قطعة لحم ضأن محمرة على نار خفيفة، واللافت في هذا الطبق أنه خال من الدهون وخفيف ويذوب في الفم، ويقدم مع الخضار المسلوقة وطبق السبانخ المدخنة Saag، وطبق العدس المطبوخ Moong Dal Tadka.

ويبقى طبق سمك الـ«Seabass» من ألذ أطباق السمك في المطعم، وطوره سالونكي بطريقة رائعة فهو يقدم مسحوبا منه الحسك ومتبل بالبهارات الهندية الخفيفة، وقد تكون الحلوى الهندية لا تحظى بشهرة عالمية إلا أن سالونكي استطاع خلق موازنة ما بين جودة المأكولات الرئيسية في المطعم وأطباق الحلوى وابتكر أطباقا رائعة من ناحية النكهة وطريقة التقديم، ونذكر منها طبق «تاندوري ماندارين» Tandoori Nectarine، وطبق الموز المطبوخ Banana Kulfi، وطبق الفراولة البرية Wild Strawberry Shrikhand، وطبق «شاهي توكرا» Shahi Tukra.

ويقول سالونكي بأن المكون الذي يستعمله في مطبخه وبشكل مكثف هو الكزبرة الخضراء الطازجة ويعتقد بأن هذه العشبة تساعد على خلق نكهة تتناسب مع باقي المكونات، كما أنها تعطي نوعا من الطراوة ونكهة طازجة للطبق.

وعن الاستخدام المفرط للبهارات من قبل بعض الطهاة في المطاعم الهندية، يقول سالونكي بأنه يجب على الطاهي أن يتوصل إلى معادلة صحيحة لاستخدام البهارات فهي تعطي نكهة إضافية لأي نوع من أنواع المأكولات الهندية ولكن يجب التنبه إلى الكمية، فالبهار من شأنه إيقاظ النكهة الأخرى في المكونات المرافقة له في الطبق، إلا أنه يجب عدم الإفراط في استخدامه ويجب تحديد الكمية بمعرفة ودراية. وعن دوره كرئيس للطهاة في أقدم مطعم هندي في بريطانيا يرى سالونكي بأن «فيراسوامي» مليء بالتاريخ والعراقة كما أنه يحب المأكولات التي تقدم فيه لأنها لا تقتصر على جزء في الهند دون سواه، حيث إنها تترجم مطابخ الهند من جنوبها إلى شمالها وشرقها إلى غربها، ويضيف سالونكي بأن عمله إلى جانب عدد من الطهاة البارعين يجعل مهنته أسهل بكثير.

من المعروف عن سالونكي تمرسه في تقديم أطباق السمك، وبحسب قوله فإن مكان ولادته وترعرعه في منطقة ساحلية في الهند جعله يفهم أسلوب طهي الأسماك وثمار البحر بطريقة أفضل، مضيفا أن بعضا من أفضل أنواع الأسماك تجدها عند الساحل الجنوبي للهند كما أن السمك وباقي أنواع ثمار البحر تدخل في النظام الغذائي اليومي للهنود في ذلك القسم من البلاد.

ويشرح سالونكي أن «المشكلة التي يواجهها عند تغيير لائحة الطعام الموسمية في المطعم يواجهها عندما يضطر إلى إزالة طبق وابتكار آخر ليحل مكانه، والمشكلة هنا تكمن في أن هناك العديد من الزبائن الدائمين الذين يقصدون المطعم لتذوق طبق معين، وتراهم يعترضون على فكرة تغيير لائحة الطعام، لذا نسعى دائما إلى إعادة الأطباق التي تلاقي رواجا في المطعم، وهذا ما يحتم علينا إعادة طباعة لوائح الطعام كل 40 أو 50 يوما وفي كل مرة نضيف أطباقا جديدة، وفي أبريل (نيسان) الماضي قمنا بإضافة بعض الأطباق الهندية الملكية للاحتفال بالزواج الملكي للأمير ويليام وكاثرين ميدلتون وخلقنا ما سميناه بلائحة الطعام الملكية، خاصة أننا قمنا في السابق بتحضير الأطباق الهندية للملكة إليزابيث في إحدى المناسبات في قصر باكينغهام. واليوم أضفنا طبق «البرياني بالسمك» لأنه يتناسب مع فصل الصيف، كما أن طبق السمك مع الحامض من الأطباق الصيفية الجديدة». وعن مصدر المكونات التي يستخدمها سالونكي في مطبخه يقول بأن معظمها يتم جلبه من الهند مباشرة، فبالنسبة إلى بهارات روغان جوش الكشميرية يتم شحنها من كشمير في شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام عندما ينضج الفلفل الكشميري. أما بالنسبة إلى اللحوم فيتم شراؤها طازجة يوميا من جزارين محليين في بريطانيا ونفس الأمر ينطبق على الأسماك والخضار والحليب لأننا نصنع ما يسمى بـ«البانير» يوميا.

وبالنسبة إلى البهارات الجافة فيتم شراؤها من محلات هندية محلية أسبوعيا، وإذا ما ألقيت نظرة إلى الخزائن في المطبخ فسترى أنها شبه خالية، وهذا دليل على أننا نقوم بتحضير كل الأطباق من مواد طازجة وغير معلبة أو مجلدة. وبالنسبة إلى جميع أطباق الحلوى فيتم طبخها عند الطلب مباشرة ولا يتم تبريد أي منها إلا إذا دعت طبيعة الطبق لذلك.

وعن كمية الأرز التي يستخدمها سالونكي في مطبخه يقول بأن الأرز يدخل في عدد كبير من الأطباق الهندية لذا يقوم باستخدام نحو 200 كيلوغرام من الأرز في الأسبوع الواحد، وهو يعمل إلى جانب 12 طاهيا متمرسا يساعدونه في ابتكار الأطباق وتطبيقها وتقديمها.

وعن مطبخه المفضل يقول سالونكي بأنه يحب الأكل الهندي في المقام الأول وتليه المأكولات الإيطالية وهو يقوم بالطبخ في المنزل لسببين، أولا لأنه يعشق الطهي، وثانيا لأنه يرى في ذلك فرصة لإجراء بعض التجارب والاختبارات التي لا يمكن القيام بها في مطبخ المطعم، فيجرب أنواعا جديدة من المكونات والبهارات. وعند ابتكاره أي طبق جديد يفكر في الزبون وذائقته.

ويرى سالونكي أن الزبون العربي يملك ذائقة كما أنه ناقد جيد للأكل ويعرف ما هو لذيذ وما هو عالي الجودة ولكن تراه يفضل أطباقا معينة لا يستغني عنها في كل مرة يتناول فيها المأكولات الهندية، ومن الأطباق المفضلة لديه طبق «أرز البرياني» التقليدي خاصة الطبق الذي يقدم في «فيراسوامي»، وهو يطبخ على طريقة الوصفة القديمة التي تعود إلى عام 1926 ولم يتم تعديلها على الإطلاق، ولكن قمنا اليوم بإضافة طبق «البرياني بالسمك»، ومن الملاحظ أنه طبق ناجح جدا يطلبه العرب باستمرار منذ أن أطلقناه أوائل الصيف الجاري، كما يحب العرب طبق «لحم الضأن بالكاري» و«الكباب» و«خبز النان».

يشار إلى أن مطعم «فيراسوامي» يعود تأسيسه إلى عام 1932 على يد حفيد جنرال إنجليزي وأميرة من المغول، وهو يتميز بديكوراته التي تجمع ما بين عراقة الهند وحداثة الغرب.

الحجز في المطعم ضروري: www.veeraswamy.com