بيير غانيير الطاهي.. الذي يعرف كيف يدلل المطبخ الفرنسي

مطاعمه تمتد ما بين باريس وسيول ولكن توقيعه واحد

الطاهي بيير غانيير المطبخ حياته وعالم الأعمال لا يهمه تصوير: حاتم عويضة
TT

كان اللقاء في مطعم «سكيتش» في شارع كوندويت في وسط لندن، مع عملاق الطهاة الفرنسيين بيير غانيير، الطاهي التنفيذي في المطعم المذكور الذي يملكه رجل الأعمال الجزائري مراد معزوز، إضافة إلى عدد من المطاعم في باريس ودبي وسيول ولاس فيغاس..

عندما وصلنا، كان غانيير لا يزال غارقا في اجتماع خاص مع رئيس الطهاة في سكيتش ولكنه اختصر الاجتماع وانضم إلينا لإجراء حوار خاص، مع العلم بأنه ليس طاهيا يطمح لأن يكون في الصحافة وتحت الأضواء في جميع الأوقات، وببعض الترحيب بـ«الشرق الأوسط» استهل غانييرحديثه بالقول بأنه سعيد جدا لأنه يتقرب اليوم أكثر من ذي قبل إلى العالم العربي، خاصة بعدما افتتح فرعا جديدا لمطعمه في فندق الإنتركونتيننتال في دبي، وراح يضحك وهو يقول بأنه تعلم الكثير منذ افتتاح المطعم لدرجة أنه استطاع ابتكار أطباق جديدة يدخل فيها حليب الإبل وهذا الشيء يسعده جدا لأنه من المهم جدا أن يتعلم المرء من كل شيء يصادفه في حياته.

ووصف غانييرمأكولاته التي يقدمها في جميع مطاعمه حول العالم بالبساطة والكلاسيكية الفرنسية مضيفا: «أسعى لتحضير ما أحبه من طعام» فهو وبكل فخر يصف المطبخ الفرنسي بالأناقة والجودة ويقارن أطباقه باللوحات الفنية، ويقول بأن أهم ما يميزه عن باقي الطهاة هو تنبهه إلى التفاصيل في المذاق والتقديم، ويعترف بأنه من المشاكل التي تواجهه هي اختيار المساعدين له في المطبخ، ويقول بأن العمال والطهاة يأتون للعمل معه ويسعى إلى أن يعمل معهم على مستوى أسرة واحدة في المطبخ للحفاظ على الطاقة الإيجابية، وشدد غانييرعلى كلمة العمال «معي» وليس «لدي» قائلا بأن هناك فرقا كبيرا هنا بين أن يعملوا لدي ويعملوا معي فهم يفهمون المفهوم العام لطعامي ومطبخي، وقال: «أنا لست غوردن رامسي أنا أكره أسلوبه في الطهي أحبه على الصعيد الشخصي ولكني لا أحب طريقته في المطبخ» وتابع: «لكن ربما يعود هذا إلى الأسلوب الفذ في التعامل لأسباب خاصة ببرامج التلفزيون»، وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كان هو ذاته عصبيا في المطبخ، قال غانييرإنه من الضروري أن يكون الطاهي هادئا في المطبخ حتى لا يؤثر على من حوله، مشيرا إلى أنه ليس مع تحول الطاهي إلى نجم تلفزيوني، ولو أنه كانت لديه بعض التجارب في التلفزيون، وبحسب ما يقوله فهو يرفض العمل مجددا في التلفزيون إلا في حال عرض عليه مبلغ كبير من المال.

بيير غانييرهو أول من أدخل أسلوب الاندماج أو الانصهار في المطابخ العالمية «الفيوجن» إلى المطبخ الفرنسي، وهنا يقول إنه يحافظ على التقاليد الفرنسية في مطبخه ولكنه لطالما أراد طهي ما يحبه بطريقته الخاصة وهذا ما يسميه البعض بالفيوجن، لكنه لا ينكر أبدا أن المطبخ الفرنسي لا يمكن أن يكون إلا كلاسيكيا، ربما مع القليل من الحركة. ويقول غانيير: «عندما أستعمل بهارا أو مكونا جديدا في أي طبق فرنسي أو أي طبق تابع لأي مطبخ قد نخطئ ولكن الخبرة تجعلنا ندرك كيف ستكون النتيجة قبل تنفيذ الطبق».

إذا طالعت الموقع الإلكتروني لبيير غانييرفهو أشبه بموقع خاص بشاعر، والسبب وبحسب ما قاله إنه يؤمن بتنفيذ الحواس الخمس في أطباقه وهو لا ينكر ذلك ولا ينكر كونه مليئا بالمشاعر، بيير متزوج ولديه ولدان يقوم بالطهي في المنزل عندما يسرق لحظات نادرة يقضيها مع ذويه، وتحدث غانييرعن زوجته واصفا إياها بالطاهية متوسطة المستوى، وأضاف ضاحكا أنه يشك في بعض الأحيان بأن تكون زوجته تتظاهر بأنها طاهية غير جيدة حتى يقوم هو بالطهي بنفسه، ولكنه لا يمانع بأن يقوم بتحضير الطعام في البيت ولو أن الأكل في البيت يختلف لأنه أكثر بساطة ولا يتطلب التطلع للتفاصيل والتقديم المفرط في التصميم.

وعندما تكلمنا عن السفر وأهميته في حياة الطاهي المهنية، قال غانييربأنه يعشق السفر ولكنه لا يرى أن السفر مهم للطاهي لابتكار الأطباق الجديدة وقال عبارة غريبة مفادها أنه «يسافر في ذهنه وعقله» مضيفا: «أنا لا أسافر لكي أستقي الأفكار التي أترجمها في أطباقي فأنا أسافر بعقلي ومخيلتي أنا أسافر في كل الأوقات ولكني لا أعتقد بأن السفر قد يساعد على الابتكار وعندما أسافر أهتم بالتركيز على الطهي وأسعى لإيجاد المكونات الجديدة وتعلم بعض الأساليب الجديدة في الطهي ففي كل يوم نتعلم شيئا جديدا».

بيير يملك أكثر من 12 مطعما حول العالم، في كل منها روح غانييرإنما روح المطعم والجو العام فيه يختلف باختلاف جغرافية المكان ويقول غانيير: «عندما فتحنا المطعم في اليابان كان شيئا مهما ورائعا وعندما فتحنا الفرع في دبي كان الوضع مضحكا فأنا لم أتخيل أني سوف أطهو بحليب الإبل ولم تكن الفكرة صعبة إنما الصعوبة هو أن يبقى الطاهي طاهيا ولا يتحول إلى رجل أعمال».

وشدد غانييرعلى أهمية أن يبقى الطاهي في المطبخ لأنه المكان الأنسب له قائلا بأنه لا يعرف سوى الطهي ولا تهمه الأرقام والحسابات والأشياء الخاصة بالأعمال، عندما يزور أيا من مطاعمه إن كان في لندن أو باريس أو دبي يكتفي بالاجتماع مع رئيس الطهاة بهدف إجراء بعض التعديلات في لائحة الطعام ونأخذ بعض الملاحظات في عين الاعتبار (يريني كتابا مليئا بالملاحظات عن سكيتش)، في مطعمه في دبي كانت الفكرة عن طريق الصدفة وكان الافتتاح في عز الأزمة المالية في 2008 واليوم ينظر إليه على أنه الأفضل في المدينة ويعيد سبب هذا النجاح إلى رئيس الطهاة أوليفي بيل الذي وصفه بالطاهي الرائع خاصة أنه عمل معه لأكثر من 10 سنوات ووصفه بالإخلاص، وقال: «علاقتي جيدة جدا مع الطهاة في مطاعمي، ومع الطهاة الآخرين الناجحين في حياتهم المهنية أمثال الأخوين ألبير وميشال رو وميشال رو الابن وهو يعشق قصة العائلة لأنها عملت بإخلاص على مدى السنين وهم خير سفراء للمطبخ الفرنسي الراقي».

وعن تجربته في دبي يقول غانييربأن العرب يحبون المأكولات الفرنسية ولكنهم يفضلون أطباقا معدلة تروق لذائقتهم، وهو لا يجد مشكلة في ذلك على الإطلاق فلا بد أن يتخلى الطاهي عن عجرفته وفخره خلال العمل ويضع نصب عينيه أن الزبون هو ملك في أي مطعم، وهو دائما على حق واحترام الزبائن والعاملين واجب، وأضاف غانييروبكل تواضع أنه لا يجد حتى مشكلة في حال رد الزبون طبقه إلى المطبخ فهذا حقه وليس على الطاهي إلا تأمين الراحة التامة للزبون وتقديم الأفضل. وأضاف: «أنا لا أسعى إلى الشهرة أنا هنا أطبخ ومهمتي هي إرضاء الزبائن».

غانييريقوم بإدارة جميع مطاعمه بما فيها مطعم سكيتش في لندن من بعيد لذا كان لا بد من طرح سؤال عن سر نجاح المطاعم من دون أن يكون متواجدا فيها في جميع الأوقات وكان جوابه بأن الفضل في ذلك يعود إلى فريق العمل، فإذا كان فريق العمل لا يعمل على نفس الوتيرة والحماس لن يكون النجاح حليفك، وتحدث غانييرعن الأخطاء التي اقترفها على مدى مسيرته المهنية الطويلة واعترف أن مطعم سان أتيين الذي افتتحه في وسط باريس للمال والأعمال كان من الأخطاء الفادحة التي قام بها، فكانت خطوة افتتاح أول مطعم في منطقة مالية فكرة غير موفقة خاصة أن المنطقة تتحول بعد إغلاق البورصة إلى صحراء مقفرة، وهذه كانت مشكلة حقيقية لأن المنطقة كانت شبه خالية فموقع المطعم مهم جدا قبل أي شيء آخر.

ورفض غانييربأسلوبه الهادئ والدبلوماسي نعت أي من الأسماء اللامعة في عالم الطهي بأي صفة، ولكنه قال بأن هيستن بلومنتال الطاهي البريطاني المثير للجدل في أسلوبه في الطهي والمعروف بجنونه، قال غانييرإنه يقدر عمله لأنه موهوب ويعمل كثيرا وبشكل دؤوب ولكن لكل طاه أسلوبه تماما مثل الموسيقيين والرسامين لكل منهم أسلوبه وطريقته ولكن النتيجة مختلفة ولكنها جميلة بالتأكيد، وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كان من المهم أن يكون الطاهي من نفس بلد المطبخ الذي يطبخ طعامه مثل الوضع مع بعض الطهاة الفرنسيين في مطاعم نوبو، كان جواب غانييربأن الجنسية تلعب دورا لا بأس به لأنه لا بد أن يفهم الطاهي ثقافة مطبخه أكثر من أي ثقافة طعامية أخرى. وأضاف: «لكن أعتقد أيضا أن التدريب الجيد والمكثف من شأنه تحويل أي طاه من أي جنسية فنانا حقيقيا في مطبخ غريب عنه»، وردا على سؤال عما إذا كان المطبخ الفرنسي عانى في الآونة الأخيرة من الانحدار، رفض الرد وقال بأنه لا يستطيع الرد على سؤال كبير ولكنه لا يمكنه إلا المدافعة عن طعامه فهو يطهو كل شيء فرنسي ولا يصح التعميم.

وروى غانييرأنه يحاول خلال سفره إلى شتى بلدان العالم إلى التعرف إلى مطابخها عن طريق المأكولات الشعبية إذ يطلب دائما تجربة أشهر أكلة في كل مدينة مثل التبولة في دبي والسمك والبطاطس في لندن ويقول بأنه يحب المأكولات اللبنانية ولكن في بعض الأحيان لا يحب الطعام والسبب يكون المطعم نفسه لذا لا يمكن التعميم على المطبخ بكامله وهذا هو الرد على السؤال السابق.

ويضيف غانييرأن المكونات تلعب دورا مهما في إنجاح أي طبق ولكل شيء سعره فهناك عدة أنواع للطماطم، وهذا ما يجعل سعر الطبق عاليا في بعض من المطاعم العالمية.

وتحدث غانييرعن علاقته بمراد معزوز صاحب سكيتش التي وصفها بالوطيدة جدا، في حين وصف معزوز بالإخلاص للشخص والعمل وفنان جميل سر نجاحه يكمن في أنه يعشق عمله، في مطعم سكيتش يأتي الناس للأكل الجيد وليس فقط للاسم، ومراد يعرف كيف ينجح عمله.

في أوقات الفراغ يسعى غانييرللجلوس في منزله القريب من باريس ويغتنم الفرصة لتثقيف نفسه من خلال قراءة كتاب جيد ومفيد، وهو لا يعتزم الاعتزال لأن العمل يجعله يفكر ويبتكر ويشعره بالنشاط كما أنه يعرف كيف ينظم وقته وأصبح اليوم في مرحلة تخوله أخذ قسط من الراحة بعيدا عن العمل متى شاء ذلك.

وعن المطعم الأقرب إلى قلبه يقول غانييربأنه يعتبر مطعمه في دبي هو الأقرب إليه لأنه كان بمثابة مغامرة حقيقية، كما أنه يقدر العاملين في المطعم هناك كثيرا فهم من جنسيات مختلفة من النيبال ولبنان والأردن والهند وما أحبه فيهم هو حبهم للتعلم واهتمامهم بالتفاصيل إنهم أذكياء يتعلمون بسرعة فائقة وهم بحاجة للمال لمساعدة ذويهم وهذا سبب إضافي لإظهار الطاقة المفعمة بالحيوية.

يشار إلى أن أحدث مشاريع غانييركان افتتاح مطعم جديد له في برلين في فبراير (شباط) الماضي، وعن المكون الذي لا يمكن أن يعيش من دونه هو الماء والملح ويقول: «إذا وجد هذان المكونان فأنا أكون ممتنا».

* قائمةطعام تضم أطيب ما جاء به البحر والأرض

* يفسر مطبخ بيير غانييرعلى أنه أشبه بالفرضيات، ورغم التحديد الدقيق لكل مرحلة من مراحل صنع الطعام، فإن كل شيء فيه متروك للاستكشاف. تتضح اللحظة الفارقة مع بيير غانييرفي وقت تناول الطعام، فالرفاهية المطلقة والخدمة الفائقة والترحيب من طاقم الخدمة في المطعم والتقديم المميز للأطباق بدايات فقط للحظة لا تقارن حيث تتحول الكلمات إلى مذاقات. تتمتع بانوراما الذوق بطعم المغامرة والانعكاس الكامل لكل الأشياء المحيطة. تضم قائمة المطعم أطيب ما جاد به البحر والأرض، فغانييرعاشق للازدواجية، فهذه النكهات والقوام والأذواق والحواس والسعادة البالغة في وضعها في نصابها أمر ليس باليسير على الإطلاق والدليل على ذلك تلك الخيارات المعقدة.

ينبغي أن يفسر أسلوب غانييركقائمة طعامه، التي تقوم على الأمانة الخاصة، فيكشف غانييرعن طبيعة منتجاته بالتعاون مع إحساس رائع بالتحول، الذي يشبه إلى حد كبير عملا فنيا، وتعبيرا دقيقا عن رجل يسعى إلى الكمال. فهو قادر على الحصول على أقصى جهد من يعملون معه. وتسمح له غرائزه باكتشاف الأبعاد الجديدة للأذواق التي يستخدمها، دون فقد ما هو متوقع.

* النشأة وبداية المعرفة

* نشأ بيير غانييرفي سان إيتيان، المدينة ذات التاريخ الصناعي القديم. هذه البيئة القاسية التي كان العمل الشاق فيها قيمة نبيلة ومحترمة.

في سن الـ15 أصبح غانييرمساعد طاه، حيث اجتذبه فن الطهي أكثر من أي شيء آخر. كان يعرف العمل، وقد شهد والده يقوم بذلك أمامه ويعلم كل الصعوبات التي ينطوي عليها مثل هذا العمل. بيد أنه تكيف مع العمل سريعا، وأظهر علامات الخبرة رغم سنوات عمره البسيطة. فالوجبة ذريعة، وأحد أوجه النشاط الاجتماعي، والمشاركة، وهي لحظة من التواصل بين الأفراد الجالسين حول المائدة. الطهي بالنسبة لغانييرلا يتلخص في العمل البدني للطهي بل يتطلب توحيد وإيجاد لحظة من التضامن.

بعد رحلة من التعلم والسفر عاد غانييرإلى مسقط رأسه فرنسا، ليعمل في بداية الأمر مع والده في مطعم كلوز فلوري. في أعقاب ذلك انتقل ليفتتح مطعمه الأول في وسط المدينة. وسرعان ما لقي أسلوبه في الطهي انتشارا بين أوساط النقاد، لكنه واجه في الوقت ذاته الكثير من المشكلات التي كانت بسبب كرمه الزائد. فقد كان يحب سان إيتيان فيما ينبغي أن يعتبر نوعا من التناقض، فبات معروفا ويحظى باحترام بين أقرانه وحاز على 3 نجمات في تصنيف ميشلان، لكن في الوقت ذاته أجبر على إغلاق مطعمه.

نجح بيير غانييرفي كل شيء، عدا عنصر واحد فقط، وهو أنه لم يكن ينظر مطلقا إلى الماضي، فوجد التمويل اللازم للعودة مرة أخرى. فموهبته لم تكن موضع شك، ولم يكن بحاجة سوى إلى الجمهور، وفي شارع رو بالزاك في باريس عاد مرة أخرى ليبدأ من الصفر مستعدا لخوض تحد جديد.

* رقم 6 طريق بلزاك

* وجد بيير غانييرنفسه أمام فندق بلزاك، الذي يقع على بعد 4 مبان من الضاحية الثامنة لباريس، والتي كانت مساحة رائعة لإبراز موهبته. حاول الطاهي إضفاء أجواء من الدفء والفخامة إلى مطعمه، فهو يميل إلى الرقة، فأخذت الحوائط ألوان العسل، والسجاد السميك، وظهرت اللمحات الفنية في أدوات المائدة وأطباق التقديم والبورسلين الأبيض من مدينة ليموج الفرنسية. في مدخل المطعم تقف لافتة ترحب برواد المطعم، في المؤخرة مدخل القبو شفاف تماما، أحد أهم الملامح التي يفضلها بيير غانيير. لا يمكن للكلمات أن تكذب، ففي الصالون الخاص هناك 3 فجوات تطل على المطبخ تمكن من رؤية عملية الطهي بشكل كامل.

كل عنصر وكل مكون من مكونات الطعام يتم الكشف عنه بشكل مباشر ودون مواربة. ولعل أهم ما يميز غانييرهو الصراحة وتمكنه من فن الطهي، ربما كانت تلك الصفة الأبرز التي يمكن تذوقها في الأطباق التي يعدها. دائما ما يحاول غانييرالبحث عن القيمة في كل ما يقدمه، دون أي أبهة بأذواق خاصة من كل أنحاء العالم. وككل الديكورات في غرفه، تعطي البساطة الأطباق عامل الإحساس في الإعداد. فهو يقوم بتوليف الأشياء ليعطي القيمة ويميل إلى الاكتشاف. أهم ما يسعد الطاهي المتمرس هي عملية البحث والتجريب، وكل الطرق والوسائل يمكن استعارتها أو تقليدها، طالما أنها تنقل الأحاسيس الرائعة النهائية التي تتأقلم مع مطبخه، يقوده في ذلك غريزة طبيعية ومعرفة واسعة بأساليب الطهي، وإعادة اكتشاف نفسه لأجل هذه المشاعر القوية الجديدة.

* لاغايا.. باريس

* كانت لاغايا تدرب على أسلوب يقوم على نكهات البحر. وقام كريستيان غيون بتصميم غرفة ذات أجواء بحرية، في شكل بالغ الحداثة والرقي، وتعتمد القائمة بشكل رئيسي على أطباق اليوم بخيار واحد من اللحم. يعيد مرتاد المطعم اكتشاف متعة وبساطة الإجازات على ساحل البحر.

* غانيير ينتشر في العالم

* كانت حياة بيير غانييرمليئة بالكثير من المواجهات المدهشة، فعلى طول الطريق مر بالكثير من المسارات التي شملت بعض أفضل الأسماء الراقية في الفن والعلوم والتجارة. وفي كل مرة كانت الروابط تقام، على أساس مشترك من حب الجودة والجمال. وقد مهدت صداقاته الطريق للكثير من المغامرات الإنسانية وتلك المتعلقة بالطعام. ومن ثم قام غانييربالاشتراك مع مراد معزوز بافتتاح مطعم سكيتش في لندن، الذي كان المكان الوحيد بالنسبة للكثيرين الذي أثمرت فيه موهبة بيير غانيير. قام بتصميم المطعم أشهر مصممي الديكورات الداخلية، حيث اعتبر سكيتش أحد الأماكن الرائدة في لندن. ويتوافر في المطعم شاي بعد الظهيرة والمعجنات إلى جانب الوجبات الكاملة. يعتبر سكيتش أول افتتاحات غانييرفي الخارج، غير أنه في أعقاب ذلك قام بافتتاح مطاعم له أخرى في طوكيو وهونغ كونغ. وفي اليابان حاول غانييرتخطي المطبخ التقليدي بتقديم قهوة ومعجنات من ابتكاره هو.

وعبر 48 عاما من الخبرة أصبحت أفكاره أكثر تفردا، بيد أنه لا يزال قادرا على التعبير بشكل محدد عما يتوقعه. ويمتلك غانييرالقدرة على توجيه الفرق التي تعمل معه عن بعد. ولديه وصفات مكتوبة بخط اليد، والتي ألفت جميعها في مطبخه الخاص، يمكن أن تنقل إلى الجانب الآخر من العالم. تشكل كل من مطاعمه في فرنسا والخارج مدارس ومقومات وظيفية هائلة بالنسبة للموهوبين من الطهاة العاملين لديه.

في عام 2007 قام غانييربافتتاح مطعم فخم في فندق دي أيرلي في كوريتشفال، والذي يحتوي على عدد محدود من الطاولات في غرفة فخمة وأنيقة، ترحب بكل الضيوف الدوليين بهذه المناسبة.

افتتح بيير غانييرمطعمه «رفليت» في دبي في يونيو (حزيران) من عام 2008 في فندق إنتركونتيننتال فستيفال سيتي. ويطل المطعم، الذي عمل الديكورات فيه المصمم العالمي كريستيان غيون، على خليج دبي، ويضم 50 طاولة ترحب باجتماعات الضيوف في واحدة من أكثر المدن حيوية في العالم.

في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2008 افتتح بيير غانييرمطعما في سيول، في الطابق الخامس والثلاثين من فندق لوتي، وهو ما جعله أول طاه حاصل على 3 نجوم يفتتح مطعما في كوريا. وبمساعدة المصمم أوليفر غانيير، جلب تميز المطبخ الفرنسي إلى سكان غير معتادين على أطعمة من الدرجة الأولى. في عام 2009 افتتح غانييرأول مطعم له في الولايات المتحدة بافتتاح مطعم تويست في فندق ماندرين أورينتال في لاس فيغاس، بولاية نيفادا، والذي لقي بسببه إشادة كبيرة واعتبر واحدا من بين أكبر 10 مطاعم في الولايات المتحدة، في تصنيف أندري غايوت. في العام التالي افتتح مطعم سان تروبي في فندق لو هوتل سيز، ومطعم لو منيو في فندق لوتي هوتل موسكو.