الملوخية.. من غذاء الفراعنة إلى معجنات تايلاندية

مشروع كلف صاحبه بيته وحياته.. ولكنه ناضل من أجله

TT

شو أوجا، الرئيس السابق لشركة توريدات طبية يابانية مقرها تايلاند، أصابته لعنة المنتجات العضوية قبل 12 عاما. ولأنه بيولوجي متخصص في الأحياء البحرية وبيئي نشط، أنشأ أوجا مزرعة «هارموني لايف» للمنتجات العضوية، عند سفح جبل خاو ياي في باكتشونج التابعة لمقاطعة ناكورن راتشاسيما، 140 كلم شمال شرقي العاصمة بانكوك. ولأن أوجا (55 عاما) ليس لديه أدنى فكرة عن الزراعة العضوية، فقد ذاق الأمرين في تعلمها.

يقول أوجا: «في السنوات الخمس الأولى خسرت نقودا.. خسرت كل شيء، بيتي في اليابان، بعت كل شيء، لم يتبق شيء».

بدأت أمور المزرعة في التحسن، بعد دخول أوجا في شراكة مع مستثمرين تايلانديين قبل ثلاثة أعوام تقريبا.

وقال أوجا: «الشركة تبلي بلاء حسنا الآن.. لكنني لم أسترد ما استثمرته بعد». أحد الأسباب الرئيسية وراء النجاح الذي تحقق كان الاستثمار في محصول الملوخية، التي تخصص الشركة نحو ثلاثين في المائة من مساحة المزرعة البالغة 11 هكتارا (110 ألف متر مربع) لزراعتها، نظرا لعوائدها المتزايدة.

لا تختلف الملوخية، التي تعرف أيضا باسم نبتة الفراعنة أو الخبازي في شكلها عن أوراق الشاي الصغيرة، ولطالما كانت جزءا من منظومة الغذاء المصري منذ قرون. تتمتع الملوخية بقيمة غذائية عالية، فهي تحتوي على ضعف ما تحتويه السبانخ من عناصر الكالسيوم والمنغنيز وبيتا كاروتين وفيتامين ألف.

يستخدم اليابانيون الملوخية كمشروب يعبأ في أكياس، مثل أكياس الشاي، بل في شكل كبسولات كمكمل غذائي، بوصفها مضادا للسموم. مزرعة أوجا العضوية حولت الملوخية إلى معجنات شعيرية خضراء متوافرة حاليا في مطاعم بانكوك، مثل سلسلة مطاعم «إم كيه سوكياكي». كما أنتجت الشركة من الملوخية شعيرية فورية تصدرها للولايات المتحدة وكندا واليابان وسنغافورة وهونغ كونغ وأوروبا.

يتحدث أوجا عن الشعيرية الفورية التي تحمل اسم مزرعته «هارموني لايف» أو «غرين نودل»: «لقد ابتكرت (نوعا من) الشعيرية غير المقلية، وهي عالية في قيمتها الغذائية ولا يضاف لها أي مود حافظة أو ألوان صناعية، ومصنوعة بالكامل من مكونات عضوية»، نالت الشعيرية الفورية التي ابتكرها أوجا ترخيصا كمنتج عضوي من وزارة الزراعة الأميركية والرابطة الدولية لأصحاب المزارع العضوية ومؤسسة «أورغانيك تايلاند». وتقول «هارموني لايف» إنها الشركة الأولى والوحيدة التي تنتج الشعيرية الفورية العضوية غير المقلية من الملوخية، التي تعطي الشعيرية لونها الأخضر المميز.

يقول أوجا ووجهه يشع بهجة: «الأطفال عادة لا يميلون لتناول الخضراوات، لكن إذا صنعت شعيرية من الخضروات فسوف يأكلونها». وعلى الرغم من أن الملوخية معروفة في اليابان، فإن الشعيرية العضوية سريعة التحضير ليست بنفس رواج الفطائر المحلاة الساخنة هناك. وقال أوجا عن الأسواق التي يصدر لها منتجه: «السوق الأميركية تستجيب (للمنتج) بسرعة، لكن ليس السوق اليابانية.. اليابان ليست حريصة بهذا الشكل على (المنتجات) العضوية.. ذلك أن المزارع العضوية تحتاج لمساحات أرض شاسعة، لا يحيط بها جيران، وهو أمر متعذر في اليابان. كي تحصل على ترخيص مزرعة عضوية، يتعين عليك أن تترك الأرض بعد حراثتها عامين أو ثلاثة دون زراعة كي تتخلص من المواد الكيماوية، كما يحب أن تبعد عشرين مترا على الأقل عن أي مزرعة أخرى تستخدم المواد الكيماوية. على الرغم من الطلب الهائل على المنتجات العضوية في أوروبا والولايات المتحدة، فإن هذا القطاع لا يحظى باهتمام في تايلاند، إحدى دول آسيا القلائل المصدرة للغذاء.

تقول ويلا سيني بونو تشوبهاي، التي كانت تعمل مع مؤسسة التعاون الفني الألمانية، في مشروع يهدف لتحويل المزارع التايلاندية إلى مزارع عضوية: «هناك الكثير من الإمكانات في انتظار الصادرات العضوية، لكن تايلاند تعاني من نقص في المعروض».

وتضيف: «سيتطلب الأمر وقتا قبل أن يتحول مزارعونا إلى (المنتجات العضوية) بعد أن اعتادوا استخدام المواد الكيماوية لفترة طويلة».

ويصادق على قولها أنصار فكرة الزراعة العضوية.

وقال فيتون بانياكول، مدير «غرين نت» وهي جمعية تعاونية تشجع المزارعين على زراعة الأرز العضوي منذ أكثر من عقد: «التوسع مستمر، لكنه ليس كبيرا».

ويقدر فيتون وجود نحو 29644 هكتارا من الأرض مخصصة للزراعة العضوية منذ 2009، مقارنة بـ1602 هكتار قبل تسع سنوات.

وقال فيتون: «خلال العامين الماضيين شهدت توجها من قبل عدد متزايد من الشركات نحو إنتاج الأغذية العضوية المعبأة، والحصول على تصاريح إنتاجها.. هناك طلب كبير على الأغذية العضوية المعبأة».