آن ساكسيلبي تغري الأميركيين بأجبانها

من فن المتاحف إلى فن تحضير الأجبان

TT

كان يوم آن ساكسيلبي حافلا عندما قابلتها هذا الشهر. كانت متجهة إلى قصر غريسي من أجل المشاركة في حفل توزيع جوائز «نيبورهود أتشيفمينت أواردز» حيث حاز «ساكسيلبي تشييزمونغرز»، متجر بيع الجبن الخاص بها الذي افتتحته منذ 5 سنوات والقاطن في «ايسكس ستريت ماركت»، على لقب أفضل مشروع تجاري صغير في مانهاتن هذا العام.

لكن الأهم قبل المهم.

قالت امرأة شابة، أثناء قيامها بإرجاع عبوة كبيرة من لبن الزبادي «أشعر بالاستياء الشديد». وقالت ساكسيلبي، أثناء قيامها بوضع ملعقتها في الحاوية: «لا تشعري بالاستياء أبدا، فلا تكون أشياؤهم متماسكة دائما». ووافقت على أن المذاق غير مناسب وقامت باستبدال أخرى جديدة بالعبوة. ثم انتقلت إلى عميل آخر يريد تناول ساندويتش «بلافمان»، وهو وجبة بريطانية خفيفة. وقالت السيدة الشابة لساكسيلبي التي كانت تقطع شرائح الخبز الإيطالي من سوليفان ستريت وتقوم بفرد الصوص عليه ثم تقوم بوضع جبن التشيدر من مزارع شيلبورن بفيرمونت: «كنت أفكر فيه منذ أن تناولت أحد هذه الساندويتشات منذ أسبوعين». ويتكون هذا الساندويتش من الجبن والخبز والصوص. وقالت ساكسيلبي: «إن هذه طريقة مألوفة في نيويورك حيث يحتوي الساندويتش على كل شيء».

وتعلم ساكسيلبي الكثير عن كيفية جعل سكان نيويورك سعداء نظرا لكونها أحد سكان ليبرتي فيل الأصليين. وبعد تخرجها في جامعة نيويورك، عملت لدى «موراي تشيز» وتدربت في مزارع أميركية وفرنسية لتتمكن من صناعة الجبن. ومنذ أن افتتحت عملها الخاص، يتم الاحتفاء بها بصورة متزايدة نظرا لاختياراتها المتنوعة وغير المسبوقة لأنواع الجبن من مزارع أميركية. كما قامت هذا العام بتوسيع مخزونها ليشمل أنواع جبن فرنسية. وتقوم بتوزيع عمليات التجزئة الصغيرة الخاصة بها على مقر جديد في بروكلين، بالإضافة إلى 173 مطعما في نيويورك من بينهم حانة «غراميرسي» و«بلو هيل» بستون بارنز، وحانة «مينيتا» و«ذا دتش».

وفي شهر مايو (أيار)، عندما افتتح دانيال بولد «إبيسيري بولد» وقع اختياره على ساكسيلبي لإمداد محل الجبن الخاص به بـ12 نوعا من الجبن الأميركي و12 نوعا من الجبن الفرنسي، ويتغير ذلك بصورة موسمية، 4 مرات كل عام.

وقال بولد: «كنا نستطيع عمل هذا بأنفسنا لكني أردت أفضل أنواع الجبن وأكثرها تميزا. لدى آن اتصالات بمزارع نادرة وأغلب المحلات لا تريد أن تشاهد الوقت الأول الذي يتم فيه بيع الجبن. كما أنني أردت أنواع جبن فرنسية، وقد قامت آن بدراسة عملية صناعة الجبن في فرنسا وتعرف كيفية إعداد الجبن جيدا»، وأضاف ضاحكا: «إنها فرنسية للغاية».

ربما تكون ذات ذوق فرنسي عندما يتعلق الأمر بالجبن، لكن يبدو أن ساكسيلبي (30 عاما)، تنتمي إلى منطقة وسط غربي أوروبا. وهي ذات بنية طويلة وهزيلة تشبه بنية العدائين. وهي أيضا ذات طبيعة مشرقة وجذابة ولا تشعر بالاستياء على الإطلاق إذا ما ابتسمت إلى زبائن لا يقومون بمبادلتها الابتسام.

جلسنا في نهاية السوق وقمنا بشق ساندويتش «بلافمان» لتناول الغذاء. وكانت الجبن التشيدر مناسبة تماما للصوص الحلو واللاذع والمتبل الذي تقوم أيضا ببيعه.

وعلى الرغم من أن العمل الأول الذي شغلته ساكسيلبي عندما كانت في الـ14 من عمرها كان في محل بيع الحلوى المثلجة التي تدعى «دايري دريم»، فإن تعلقها بالجبن حدث بعد سنوات من زيارتها لأحد أصدقائها في فلورانس، حيث تذكر: «لقد كان المكان أشبة بسوق في الهواء الطلق وكان مذاق الجبن والسجق أفضل مليون مرة من أي شيء تناولته من قبل». وعند عودتها إلى نيويورك عملت في مخبز بشارع تشامبيرز بالقرب من سوق المزارعين ورأت امرأة من مزرعة «كاتو كورنر» قادمة. وقالت ساكسيلبي: «لقد أرادت كعكة حتى تقوم بتناولها مع الجبن في وجبة الفطور. اعتقدت أن هذا غريب. وعندما حان وقت تناول الغداء ذهبت إلى هناك لأتناول أنواع الجبن الخاصة بهم. وكانت أفضل من أي شيء تناولته، وذكرتني بالجبن الإيطالي الريفي المصنوع في المنزل. وأصبحت أحد الزبائن المعتادين هناك وكنت أجهل الكثير عنها لذا أحضرت دفترا وقمت بتدوين أسمائها. وفعلت الشيء نفسه في موراي وديبلو حيث كنت أحاول تعلم كل ما أستطيع تعلمه».

وبمرور الوقت برعت في هذا المجال وقررت أن عالم الفن ليس مناسبا لها. وقالت: «تلقيت برامج تدريبية في معارض ومتاحف مختلفة لكنها كانت أماكن تتسم بالبرودة والتدرج والغرور. ولم تناسبني على الإطلاق».

وقد أمضت 6 أشهر في مزرعة «كاتو كورنر» في ولاية كونيتيكت لتتعلم كيفية إعداد الجبن. وتقول: «كنت مفتونة بأن أرى اللبن في الصباح الذي يتحول إلى الجبن في فترة الظهيرة. وقد احتل ذلك محل الفن في عقلي».

وعادت إلى موراي للتدرب لعام آخر، وقالت إنها تناولت وزنها جبنا هناك، حيث قامت بتذوق من 20 إلى 40 نوعا من الجبن يوميا. وهناك التقت هيرفي مونس، وهو شخص بارع في تحديد عمر الجبن. وحدد لها أن تعمل في الكهوف التي يمتلكها خارج ليون مع 3 أسر في وادي لوار يقومون بإعداد الجبن الذي يقوم بتحديد عمره وبيعه. وكان هدفها أن تفتتح متجرا خاصا بها. واقترح عليها أحد أصدقائها أن تفتتح المحل في «إسيكس ستريت ماركت». وقالت ساكسيلبي: «لقد قمت بالتسوق هنا عندما كنت في الجامعة، أحببت الجو العام هناك، فالسوق عبارة عن مجموعة من المشاريع الصغيرة التي تمتلكها العائلات». (كما تكلمت دون تحفظ عن معارضتها للخطة المؤقتة التي تشير إلى أن المدينة تنتوي إزالة السوق).

وكانت ساكسيلبي في الخامسة والعشرين من عمرها عندما افتتحت المحل بعد أن اقترضت من والديها بام، مدرسة الحضانة، وبيل، رئيس شركة الكشف عن الإشعاع. وقالت: «شعرت أن لدي محلا لبيع الأشياء المستعملة في اليوم الأول. حيث قمت بفتح الباب وانتظرت قدوم الناس». وبعد مرور 9 أشهر أصبح بينويت بريل شريكا لها وازدهر عملها كما ازدهرت حياتها الشخصية حيث تزوجت في شهر فبراير (شباط) بباتريك مارتينز، صاحب شركة «هيريتاج فوودز» بأميركا وهي شركة تقوم بشراء اللحوم وغيرها من المنتجات. كما يمتلك أيضا «هيريتاج راديو نتوورك»، وهي محطة إذاعية إلكترونية تقع في الفناء الخلفي لـ«روبيرتا»، مطعم إيطالي في بروكلين تستضيف فيه ساكسيلبي عرضا أسبوعيا يسمى «كاتينغ ذا كيرد».

وعندما أخبرتها أنني أشعر بانجذاب شديد نحو اسمها، الذي يبدو كقصيدة يطلقها تشوسر، الشاعر الإنجليزي، أومأت برأسها وقالت: «هناك مدينة في إنجلترا بالفعل تدعى ساكسيلبي وقد قمت بزيارتها مع أسرتي، وهي عبارة عن شارع واحد و6 منازل ومصنع لصناعة الجبن البريطاني! عندما شاهدت هذا عرفت أن لدي مبرري كما علمت أنني اخترت المهنة المناسبة».

* خدمة «نيويورك تايمز»