الأكل الخالي من الغلوتين أحدث تقليعة صحية

لم يعد حكرا على مرضى «السيلياك»

TT

مؤخرا، لاحظت قسما موسعا للأطعمة الخالية من الغلوتين بالبقالة التي أتعامل معها، وقائمة جديدة بأطعمة خالية من الغلوتين بمطعمي اليوناني المفضل، بل وحتى ظلال جفون خالية من الغلوتين في متجر لبيع أشهر ماركات الماكياج. إلى جانب من يقلدون المشاهير ونجوم الرياضة، فإن اثنين على الأقل من أصدقائي يربطون اختياراتهم من الأطعمة الخالية من الغلوتين - مركب بروتيني يوجد في القمح والشعير وخبز الشوفان – بإنقاص الوزن وتحفيز الطاقة وغيرها من الفوائد الصحية الأخرى.

إذن، ما الحقيقة وما آخر ضجيج مثار بشأن أحدث تقليعة صحية؟ لا تزال هناك ضبابية، لكن تشير بعض الدراسات إلى أن عدد من يعانون مشكلة في هضم الغلوتين أو المصابين بما يعرف بمرض «السيلياك» على حد قول غاري كابلان، إخصائي طب الأسرة والألم المزمن، ومدير مركز «كابلان» للطب التكاملي في ماكلين بولاية فيرجينيا. ويشير إلى أن هذا العدد يضم جميع الفئات، بدءا من الأطفال الذين يعانون حساسية القمح إلى نسبة الـ1 في المائة من الأميركيين المصابين بالداء الزلاقي - وهو اضطراب خطير في المناعة الذاتية يتداخل مع امتصاص المغذيات ويسبب مشكلات صحية عديدة - ولا يمكنهم تحمل حتى بيكوغرام واحد من الغلوتين. وبعيدا عن ذلك، حدد بحث جديد أيضا مجموعة فرعية من الأفراد المصابين بأنواع من الحساسية للغلوتين أقل خطورة ولكنها ربما تكون مزعجة. «إذا كنت مصابا بالداء الزلاقي، فإن تناولك قطعة كعك صغيرة ستثير رد فعل مناعي ذاتي لديك»، هكذا يوضح كابلان. ويضيف: «لكننا أدركنا أن هناك مجموعة من الناس هناك - نحن لا نعلم تحديدا ما إذا كانت مجموعة كبيرة أم صغيرة - لديها درجة من الحساسية للغلوتين. وهؤلاء هم الأفراد الذين لا يظهرون نتائج إيجابية في اختبارات حساسية القمح ولا تنطبق عليهم المعايير الكاملة للداء الزلاقي، لكنك إذا منعتهم من تناول القمح أو الغلوتين، سيختفي أي عدد من الأعراض التي يعانونها». ومن بينها مشكلات صحية مثل المشكلات المعدية المعوية كالغازات والانتفاخ، إضافة إلى الصداع والإجهاد والاكتئاب وآلام المفاصل. ولا يزال بعض العاملين في هذا المجال لديهم شكوك. «سيشعر عدد كبير من الأفراد بتحسن في حالتهم الصحية حينما يقلعون عن تناول الأطعمة المعالجة والكربوهيدرات المكررة والأطعمة المحتوية على الغلوتين - ربما يتم تنظيم سكر الدم لديهم بشكل أفضل وتقل لديهم التقلبات في مستواه، عند امتناعهم عن تناول الأطعمة النشوية، وربما يفقدون وزنهم أو تقل مشكلة الانتفاخ لديهم - لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم يعانون مرضا ما»، هكذا تتحدث إخصائية أمراض الجهاز الهضمي، روبين تشوتكان. وترى أن صناعة الأطعمة الخالية من الغلوتين المقدرة بـ2.6 مليار دولار مرتبطة بدرجة أكبر بهذا الاتجاه من المشكلات الصحية الحقيقية. كيف تعلم ما إذا كنت تعاني مشكلة حقيقية مرتبطة بالغلوتين أم لا؟ يتم تشخيص الإصابة بالداء الزلاقي من خلال إجراء اختبار دم، ويتم التأكد من نتيجته من خلال أخذ عينة نسيج من الجسم، وينصح كابلان بإجراء فحص طبي شامل للمرضى الذين يعانون أحد الأعراض العديدة وثيقة الصلة، ومن بينها متلازمة القولون العصبي والنوع الأول من مرض السكري ومرض الغدة الدرقية والعقم ومتلازمة الإجهاد المزمن أو الذين يكون لأسرهم تاريخ مرضي مع الداء الزلاقي. ومن بين إشارات الخطر ألم البطن المزمن والانتفاخ والإسهال، إضافة إلى الأعراض العصبية غير المبررة مثل الصداع النصفي والاختلال العصبي.

وتتمثل الوسيلة الوحيدة للتعرف على ما إذا كنت تعاني حساسية للغلوتين أم لا في استبعاد البروتين تماما من النظام الغذائي لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل، وبعدها، على حد قول كابلان، استمع إلى جسدك واسأل نفسك: «ماذا سيكون شعوري إذا حذفت هذه الأطعمة من نظامي الغذائي: هل سأشعر بمزيد من النشاط؟ هل سأنام بشكل أفضل؟ هل سيقل الألم لدي؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهذا يعني أنك لا يجب أن تتناول أطعمة تحتوي على الغلوتين». أتفزعك فكرة الامتناع عن تناول الخبز وجميع منتجات القمح والشعير وخبز الشوفان الأخرى؟ تشير تشيريل هاريس، إخصائية النظم الغذائية المقيمة بمقاطعة فيرفاكس بولاية فيرجينيا، المصابة بالداء الزلاقي التي امتنعت عن تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين منذ سبع سنوات، إلى أن هذا النظام الغذائي ربما يبدو مفزعا. لكنها تشير أيضا إلى أن كثيرا من الأطعمة خالية من الغلوتين بطبيعتها، مثل الفواكه والخضراوات والمكسرات والحبوب ومنتجات الألبان والأسماك والدواجن. «دائما ما كانت أولى نصائحي هي اتباع نظام غذائي بسيط، خاصة في وقت الإجازات: فقط عد إلى البيت وتناول دجاجا وبطاطس مطبوخة أو زبادي أو بيضا أو قطعة فواكه في الصباح»، هذا ما تقوله. وتضيف: «خلال شهر، يمكننا أن نبدأ الحديث عن كيفية طهي حبوب التيف أو نبات الدخن أو الكينوا».

في واقع الأمر، عادة ما يتطلب تناول الأطعمة الخالية من الغلوتين قليلا من البحث، «ستصاب بدهشة عندما تجد الغلوتين بمجرد أن تبدأ في النظر لملصقات المنتجات: يستخدم الغلوتين كإضافة للحساء والأطعمة المحفوظة، كما يوجد في أدوية الكحة وصلصة الصويا، بل وحتى في الشامبو والمكملات الغذائية وأنواع معينة من العلاج»، هذا ما يقوله كابلان، الذي يشير أيضا إلى أن الشوفان، الذي عادة ما يكون ملوثا نتيجة اختلاطه بالقمح أو غيره من المحاصيل الأخرى الملوثة، يمكن أن يمثل مشكلة كبيرة. ويقول: «يجب أن تصبح خبيرا في قراءة ملصقات المنتجات». على سبيل المثال، بينما يجب أن يكون مدونا بوضوح على البطاقة الملصقة على الأغذية المحفوظة أنها تحتوي على القمح، تشير هاريس إلى أن الشعير لا تتم الإشارة إليه على ملصقات المنتجات، وربما يظهر على قائمة منتجات مثل شراب الشعير، ونكهة الشعير وخل الشعير والخميرة البيرة. وتضيف أن بعض أنواع الحساء الخفيف ومعجون اللعب (الصلصال)، بل وحتى رقائق البسكويت الهشة «عادة ما تجذب الناس». وتنصح بالبحث عن إخصائي تغذية أو مصادر على الإنترنت أو مجموعة دعم محلية، خاصة حينما يتعلق الأمر بمغريات مثل الأكل في المطاعم. وتشير هاريس إلى أن تناول الأطعمة الخالية من الغلوتين ليس بالضرورة أن يكون وسيلة جيدة لفقدان الوزن، كما أنه ليس بأفضل خيارات الأنظمة الغذائية الصحية بالنسبة لشخص لا يعاني مشكلة في معالجة البروتين. «معظم الأطعمة المعالجة الخالية من الغلوتين تكون أقل فائدة من الناحية الصحية من نظائرها من الأطعمة الغنية بالغلوتين. وهي تحتوي على نسبة أعلى من السعرات الحرارية ونسبة أقل من المغذيات. تحتوي معظم أنواع الكعك على نسبة سكر أعلى، ومعظم أنواع الخبر تحتوي على نسبة نشويات عالية ونسبة ألياف منخفضة؛ كما أنها ليست غنية بالفيتامينات». لذلك، إذا كان عليك تناول أطعمة خالية من الغلوتين، عليك بالبحث عن الأطعمة البديلة المغذية. لكن إذا كنت تفكر في تناول أطعمة خالية من الغلوتين لأنها أحدث صيحة غذائية، ثمة وسائل أفضل. تقول تشوتكان: «تناول فطير ومعكرونة وخبز. لكن بكميات أقل».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»