«كراكو».. مطعم تدلـلـه نجمتا «ميشلين» في عاصمة الموضة الإيطالية

الشيف كارلو كراكو يعطي دروسا في الأكل الجيد في مطبخه المفتوح في ميلانو

TT

لا تعني النجمتان التذوق أو الشم فحسب، لكن أيضا الإدراك. ربما يمكن لمس نجمتين في مطعم يعرف كيف يحول مطبخه إلى معمل للأفكار الجديدة. على الأقل هذا ما يشعر به مرتادو هذا النوع من المطاعم عندما يصلون إلى مطعم «كراكو» لصاحبه كارلو كراكو في ميلانو.

هو مطعم محلي بسيط ذو خطوط مستقيمة، تكسو ألواح الخشب جدرانه، ويسوده جو من الدفء والتألق والهدوء بفضل لون الديكور الأبيض. إنه الشعور المثالي لمن يريد الجلوس على طاولة للاستمتاع بـ14 صنفا من الطعام، ومن ضمنها أطباق الحلوى. ويزداد المشهد روعة بالمقاعد الوثيرة بجوار الطاولة والنُدل المبتسمين الذين يرغبون في إضفاء المتعة على الأمسية. ويعج مطعم «كراكو»، وهو مطعم حاصل على نجمتي «ميشلين» في ميلانو، مساء الثلاثاء بالرواد. إنه أفضل مكان يلتقي فيه محبو كارلو كراكو به، وهو خارج من المطبخ المفتوح أمام الجميع.

افتتح مطعم «كراكو» في الأول من يوليو (تموز) عام 2007، وتم تجديده بالكامل على يدي المهندسين روبرتو بيريتا وجيان ماريا اللذين صنعا منه مكانا أنيقا يدخل الراحة والسرور على من يرتاده. كذلك تم غزو ما تحت الأرض ليضم إحدى القاعات الأساسية من المطعم. وترجع شهرة المطعم إلى عروض كارلو كراكو اللذيذة ومزج المطبخ العصري الفرنسي والإيطالي مع المطبخ التقليدي لميلانو.

هناك قوائم طعام رائعة يمكن الاختيار من بينها بحسب ذوق كل شخص. وتتراوح الأسعار بين 140 و180 يورو في حال اختيار واحد منها، لكن هناك وجبة شاملة. إذا ذهبت إلى هناك، يمكنك أن تقوم بجولة كارلو كراكو. وأول ما يوضع على الطاولة بلح البحر، لكنه ليس أي نوع من بلح البحر، حيث يمكن تناول الصدفة الخارجية لأنها من الخبز الذي يضفي نكهة مميزة وملمسا مختلفا على الطبق. إنه اختيار ممتاز يصلح لأن يكون من المقبلات بعد تذوق الحمام مع عيش الغراب. عندما تظهر الابتسامة على وجه الزبون لأنه يعتقد أنه اختار القائمة المناسبة، يكون الطبق التالي معدا للتقديم وهو السلطة الروسية بالكراميل، حيث يجتمع المذاق الحلو و«الحادق» واللاذع في مذاق واحد. ويدخل اللون على الطاولة مع كريمة الكاكا بالكركم، وتكتمل المتعة بوصول الرائحة مع الفحم على الجمبري الذي يتم طهوه بمزجه مع صوص الزبادي والعسل. الطبق التالي هو البيض المقلي، لكنه غير تقليدي، حيث يتكون من خلطة تنكيه اللحم مع الصفار مع الرغوة البيضاء، ويكمله خبز السبانخ الناعم الخفيف.

من المستحيل أن يفوتك، وأنت في مطعم إيطالي، الأرز الإيطالي مع الحبار وقنفذ البحر والمعكرونة وفطيرة الجبن والصلصة المحشوة بكريمة لبن الماعز والمشروم. الطبق الرئيسي، إن جاز التعبير، هو لحم الطرائد. مع ذلك يتسم بنعومة الملمس إلى الحد الذي يجعل من المستحيل تصور أنه لحم فريسة تم اصطيادها. وتُقدم مع لحم الطرائد أنواع مختلفة من الكرنب. لكن عادة ما تكون أفضل الأصناف هي الأخيرة وهي الحلوى. إنه طبق من صوص الشوكولاته والكافيار مع البرتقال ومجموعة منتقاة من الفواكه وطبق مليء بقطع البطيخ والفواكه الممتزجة مع الآيس كريم والشوكولاته.

من المستحيل التوقف عن التفكير في النكهات المختلفة التي يمكن تناولها على العشاء. وكذلك من المستحيل ألا تشعر بالسعادة الغامرة وأنت تستمتع بوجبة قادمة من الفردوس ومقدمة بطريقة رائعة ومعاملة مميزة تجعل من تلك الليلة ليلة لا تنسى.

وصرح كارلو كراكو لصحيفة «الشرق الأوسط» قائلا «لقد استغرق الانتهاء من المطبخ سنوات، فهو يعتمد على الصناعة اليدوية. وقد تقاعد أكثر الذين علموا فيه، لكنهم اختتموا حياتهم المهنية على نحو رائع».

ويتنقل كراكو بين شعلات الموقد، حيث ينظفه بعناية وحب. إنه امتداد للإبداع وليديه وجزء من حياته ونجاحه. وقال كارلو كراكو «نحن نفتح كل شهور العام، باستثناء شهر أغسطس (آب)، حيث نذهب إلى مطعم على الساحل لنتعاون معه. لذا نحن عمليا نعمل طوال العام».

وولد كراكو في فينيسيا، وبدأ حياته العملية في مطعم «غوالتيرو ماركيزي» التاريخي في ميلانو. وكان أول مطعم يحوز ثلاث نجوم. لذا يعرف كارلو تماما كيفية الانتقال بين الفخامة والتميز. لم يحصل سوى أربعة مطاعم في إيطاليا على نجمتي «ميشلين» ومنها مطعم «كراكو». ويدرك كارلو أن هذا النجاح جزء من العمل والعبقرية. مع ذلك يدرك جيدا أنه كان سعيد الحظ لأنه تعلم من أفضل طاه وفي أفضل الأماكن، فقد عاش لثلاث سنوات في فرنسا وتعلم خلالها طهو الأصناف الفرنسية في مطعم «آلان دوكاس» في فندق «هوتيل باريس»، ومن لوكاس كارتون في باريس أيضا. مع ذلك طالما عرف كراكو أن عليه النجاح في موطنه، لذا عاد إلى إيطاليا وأصبح طاهيا في مطعم «إنوتيكا بينكيوري» في فلورنسا، وحصل المطعم على النجوم الثلاث خلال فترة عمله هناك، وأصبح مستعدا لافتتاح مطعمه الخاص، ولم يستغرق حصول المطعم على النجمتين سوى عام واحد، لذا من السهل فهم السبب وراء تحقيق هذا النجاح بهذه السرعة.

* صحافية في صحيفة «الموندو» الاسبانية ومتعاونة مع جريدة «الشرق الأوسط»