أطباق وليدة الصدفة

دجاج التاندوري ومورغكاهاني من أشهر أطباق المطبخ الهندي

TT

تعد أطباق مثل دجاج الزبد، المعروف بـ«مورغكاهاني»، ودجاج الـ«تاندوري»، التي تعود إلى 93 عاما مضت، من أكثر الأطباق المرغوبة من الطبخ الهندي.

تحظى تلك الأطباق، التي قد جاءت إلى الوجود مصادفة في مطعم للوجبات الخفيفة في بيشاور (الآن في باكستان) عام 1928 اليوم بشهرة عالمية. على الرغم من ذلك، عرفها العالم لأول مرة بعد مرحلة التقسيم عندما بدأ ذلك في ركن صغير بمنطقة دلهي دارياغانج القديمة المحاطة بسور، حيث انتقلوا من المحلية إلى العالمية التي هم فيها اليوم ومنذ ذلك الحين، اتخذت الأطباق مسارا طويلا ومحمودا.

ويعود أصل دجاج الـ«تندوري» لرجل يدعى كوندان لال غوجرال، الذي كان يعمل بمطعم بمدينة بيشاور في مرحلة ما قبل تقسيم الاحتلال البريطاني للهند. أخبر المالك كوندان لال في عام 1929 أنه ليس بصحة جيدة وطلب منه أن يعد له طبق من الدجاج، قام غوجرال بطهي الدجاج في أواني الـ«تاندور» الفخارية التي يستخدمها السكان المحليون حتى تلك اللحظة في طهي خبز النان. وأواني الـ«تاندور» عبارة عن أوان فخارية على شكل الجرس يتم وضعها تحت الأرض حيث يتم الطهي بإشعال أخشاب وفحم تصل درجة حرارتها إلى 480 درجة، وتكون النتيجة دجاجا غضا من الداخل وهش من الخارج، وهكذا ظهر الـ«تاندوري».

بالإضافة إلى ذلك يتم نقع الدجاج في الزبادي مع الفلفل الحريف أو البهارات الحمراء الحريفة أو البهارات الكشميرية الحمراء التي تستخدم لإعطاء لون أحمر ناري، فإذا تم إضافة الكثير من الكركم يضفي لونا أصفرا. وهناك طرق أكثر حداثة لإعداد الـ«تاندوري» يتم استخدام اللونين الأصفر والأحمر معا خلالها، بينما يتم طهيه عادة في درجات حرارة عالية بأواني التاندور التقليدية، كما يمكن أيضا استخدام المشواة التقليدية. يعد التاندوري وجبة خفيفة رائعة يتم تناولها مع صوص النعناع.

بعد ذلك، قام غوجرال باختراع طبق تاريخي آخر، فبدلا من التخلص من بقايا قطع التاندوري دون الانتفاع بها قام غولال الملهم باختراع طبق غني بمرق اللحم والقشدة يغمر به بقايا قطع دجاج التاندوري، هكذا ظهر الـ«مورغكاهاني». يتم نقع الدجاج طوال الليل في الزبادي ومزيج البهارات بعد ذلك يتم تناوله مشويا، مقرمشا أو مقليا. أما عن صوص المكهاني، فيتم إعداده عن طريق تسخين ومزج الزبدة وعصيدة الطماطم وأنواع مختلفة من البهارات مع بعض القشدة الطازجة ومعجون مكسرات اللوز. وفور الانتهاء من تحضير الصوص، يتم طهي الدجاج حتى يمتزج بالخليط. انتقل غوجرال عام 1947 إلى دلهي وأسس مطعما في دارياغانج، واجتذب الطبق سكان دلهي وسرعان ما تم التهامه بشغف. وهكذا نشأت سلسلة مطاعم «موتي محل» التي لاقت قبولا عالميا وساهمت في وضع الهند على خريطة الطعام العالمية. أصبح تناول الدجاج بالزبد اليوم من مطعم «موتي محل» كقراءة رواية «هاملت» لشكسبير، وسرعان ما اكتسب المطعم مكانة المعالم السياحية بزائريه المشهورين من رؤساء ولايات ومسؤولين أجانب رفيعي المستوى ونجوم هوليوود ممن يضعون زيارة المطعم على رأس قائمة الأماكن التي يرغبون في زيارتها، عند وجودهم في العاصمة.

بلغت شهرة المطعم وشعبيته الآفاق، حتى إن رئيس وزراء الهند، جواهر لال نهرو، كان معجبا بأطباق كوندال لال التي يقدمها مطعم «موتي محل» طبقا رئيسيا في حفلات العشاء الرسمية للدولة.

من النوادر أنه عندما سُئل رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي سابقا عما أعجبه في الهند، أجاب: «تاج محل وموتي محل». وعندما قام شاه إيران بزيارة رسمية للهند، أخبره مولانا أزاد، وزير التعليم الهندي، بأن زيارة مدينة دلهي دون زيارة «موتي محل» تشبه زيارة أغرا دون زيارة تاج محل. ومن بعد نهرو، استمرت علاقة ابنته رئيسة وزراء الهند، أنديرا غاندي، بمطعم «موتي محل»، فقد كانت منبهرة بشدة بالطعام الذي تم تقديمه في حفل زفاف أخيها سانجاي غاندي، حيث هيمنت الأطباق المتميزة لـ«موتي محل» على العشاء، كما قام قادة العالم مثل مرتضى بوتو، رئيس وزراء باكستان السابق، ونيكسون، الرئيس الأميركي السابق، وكيندي وغيرهم بزيارة «موتي محل» لتذوق إبداعات كوندان من أطباق التاندوري الشهية في مختلف المناسبات.

وعند سؤال مونيش غوجرال، الرئيس التنفيذي الحالي لمجموعة «موتي محل» عن المكون السري للطعام أجاب قائلا: «إنه حب جدي».

ما زالوا في الصدارة على الرغم من مرور 90 عاما من اختراع التاندوري والدجاج بالزبد، والدليل على ذلك هو بيع مائة مطعم يحملون علامة «موتي محل» ببيع 150 ألف قطعة دجاج بالزبد كل عام.

قد يبرع عدد قليل جدا من الطهاة في العالم في إعداد طبق واحد، ناهيك عن مطبخ كامل. وكان شريكوندان لال غوجرال مؤسس «موتي محل» هو ذلك الطاهي النادر الذي فكر واخترع وأهدى العالم أحد أطباقه الأكثر شعبية وهو الـ«تاندوري» وإذا كان سكان دلهي يوصفون أحيانا بالبدانة والعدوانية والشهوانية، فإن الدجاج بالزبد يجب أن يتلقى جزءا من اللوم.

أفضل تاندوري هو ما يتم تناوله مع خبز الروتي وخبز النان، بينما يكون الدجاج بالزبد مليئا بالقشدة مع صوص الطماطم السميك، ويتمتع بمذاق حلو بعض الشيء حيث يتخلل الصوص قطع الدجاج حتى يصبح رطبا وطريا، ويذوب سريعا في الفم.

يحتوي الطبق على الكثير من الزبد، الذي قد يعد بالنسبة لشخص يراعي عدد السعرات الحرارية، مقززا بقدر انتشار محدثي النعمة في دلهي. على الرغم من أن مقادير إعداد الطبق معروفة جيدا، قد تختلف النكهة من مطعم لآخر في الهند. ويقول مونيش غوجرال، حفيد كوندان لال، إن الأفكار العظيمة تأتي من الحاجة، فعندما شعر بالقلق من أن يجف الدجاج المطبوخ، بحث عن صوص يستطيع به ترطيب الدجاج، وقد وجد أن الحل هو الزبد. وكان (مكهاني) هو الصوص الذي أدى إلى اختراع الدجاج بالزبد، الذي يتم تحضيره من قطع التاندوري الموشكة على الجفاف. وأضاف مونيش أن كوندلال بحث بعد ذلك عن خيار نباتي، وكل ما قام به هو استخدام حبوب «بلاك غرام» السوداء التي ورثها عن أجداده ثم أضاف لها صوص المكهاني الدسم. وبعد دجاج الزبد يأتي اختراعه الآخر، وهو زبد عدس الدال. الجدير بالذكر أنه أصبح هناك دجاج مكهاني، ودال مكهاني! من الواضح أن المقصود من ذلك الإشارة إلى أنها أطباق تنتمي إلى نفس العائلة، وعلى الرغم من ذلك، التحق حفيد غوجرال بمعهد بوسا بدلهي بقسم إدارة الحفلات والطعام بالفنادق، وتلقى تدريبا حقيقيا في مطابخ «موتي محل»، كما افتتح منافذ بيع في الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا وكندا وسنغافورة وأستراليا والصين ودول أخرى حول العالم. وأضاف: «نحن نتخذ مسارا دوليا». يبدو مونيش غوجرال أحد أشهر الشخصيات في عالم الطهي خاصة الطعام الهندي. وهو رئيس إدارة سلسلة مطاعم «موتي محل» الفاخرة، وقد حصل مؤخرا على جائزة أفضل رجل أعمال في العالم لعام 2011، منحها له الاتحاد الكونفيدرالي العالمي للأعمال عام 2011 في أورلاندو بالولايات المتحدة، كأحد أهم ناقدي الطعام في الهند، حتى إن ما يكتبه من أعمدة صحافية يتم نشره في الصحف العالمية والمجلات، هذا إلى جانب تقديمه للكثير من برامج الطهي التلفزيونية التي تحظى بشعبية. كذلك قام بتأليف كتابين في فن الطهي لقيا استحسانا كبيرا من قبل النقاد، وهما «درب تاندوري موتي محل» (MotiMahal’s Tandoori Trail) و«درب دجاج الزبد» (The Butter Chicken Trail) من دار نشر «إنديا بنغوين»، الذي فاز في مسابقة «غورماند وورلد» لأفضل كتاب طهي لعام 2010، بجائزة أسهل وأفضل وصفة طهي بعد أشهر قليلة من نشره. كذلك قام مونيش غوجرال بإعادة تقديم أطباق مميزة جعلت مطعم «موتي محل» في المقدمة في إعداد التاندوري ووصفات المطبخ المغولي، ويود أن يضاعف من تلك الأطباق خلال 5 أعوام، وأن يخوض قطاعات أخرى في سوق الطعام.

وتعد الأطباق مثل دجاج الزبد ودجاج التاندوري والدال مكهاني من الأطباق الأكثر شهرة في العالم، التي قام باختراعها مطعم «موتي محل» محدثا بذلك تغييرا في الطهي الهندي. ويعرف العالم اليوم بأسره الطعام الهندي التقليدي من خلال تلك الأطباق الثلاثة حيث يعتبر «موتي محل» من المطاعم الأكثر شهرة في المطبخ الهندي في العالم. وتحتفظ قائمة طعام «موتي محل» بالعنصر التسويقي المتميز - وصفات البنجاب والباثان، كما تبنى مطعم «موتي محل» تصميمات متنوعة لمنافذ البيع لكي تلائم فئات مختلفة من المستهلكين.

إن الصفة المميزة لمطعم «موتي محل» هي التمسك بمعايير الجودة والاتساق، فهي سلسلة المطاعم الوحيدة التي يتلقى جميع الطهاة بها والعاملون بقسم الطعام والمشروبات تدريبا في الشركة الأم بدعم من مجموعة طهاة في المقرات الرئيسية في جميع الأوقات، للتأكد من المحافظة على الاتساق بين أفرع المطعم ومطابقة الوصفات الرئيسية للمعايير، وضمان توفير المكونات والتوريدات. ويستحق المطعم الشهرة التي حققها بسبب اختراع دجاج التاندوري ودجاج الزبد، ولكن بعكس ما هو متوقع، عندما بدأ مطعم «موتي محل»، الذي يعود تأسيسه إلى 90 عاما مضت، إنتاج أطعمة جاهزة، العام الماضي، لم تشمل القائمة أي صنف من أصناف الدجاج.

بدلا من ذلك، توجد خمسة أطباق متاحة بقائمة الطعام الجاهز في «موتي محل» هي: «دال موتي محل» و«تشانابيندي مسالا» و«ألوزيرا» و«سابزموتي بيرياني» و«باتر غرافي» (من دون الثوم والبصل). وعن ذلك يقول مونيش غوجرال: «عندما قمنا بعمل استطلاع رأي، وجدنا أن الناس يتجنبون الأطعمة غير النباتية عند شرائهم الأطعمة الجاهزة، ولذلك نحن نصنع «باتر غرافي»؛ حيث يستطيع المستهلك أن يضيف الدجاج أو جبن البانير الطازج. وبحسب ما قاله غوجرال، فمن المرجح تضاعف حجم سوق الأطعمة الجاهزة بحلول عام 2014، وعلى الرغم من ذلك ستظل سوقا ثانوية، حيث ما زالت فكرة طلب الطعام من مطعم قريب يقدم الأطعمة الجاهزة بالنسبة لأغلب الأسر الهندية تقتصر على حالات الطوارئ، باعتبار ذلك آخر الخيارات التي يتم اللجوء إليها. وعلى الرغم من ذلك يعتقد غوجرال أن قطاع الهنود في الخارج هو السوق المناسبة لأكياس الطعام الجاهز، قائلا: «يشتري الناس ما يكفي أبناءهم الذين يدرسون بالخارج من الطعام الجاهز لمدة 6 أشهر».