مطعم «لابوريا».. اختر أسماكك بنفسك ثم التهمها

موقعه جعله مقصد السياسيين والفنانين

TT

في ضوء القمر، وبعيدا عن ضجيج المدينة، ووسط بحيرة مريوط الساحرة إلى الجنوب من مدينة الإسكندرية، يمكنك تناول وجبة شهية من الأسماك على أنغام الموسيقى بين الماء والخضرة ورحيق الأزهار.

مطعم «لابوريا» يحقق لك هذه المعادلة، حيث متعة تناول وجبة الغذاء أو العشاء من المأكولات البحرية في أجواء رائعة تجبرك على الاسترخاء ونسيان العالم من حولك، فطبيعة المكان تجعله كالواحة المزهرة بين أحضان الصحراء.

عندما تصل إلى مطعم «لابوريا»، فعليك الاختيار إذا ما كنت ستجلس على حافة البحيرة، حيث مشاهدة الأسماك تقترب من حافة الجزيرة لتطل عليك وتخبو بعدها سريعا، أو في ركن حجري أقرب إلى الطابع البدوي وسط الخضرة، أما إذا كنت ممن يفضلون أجواء المطاعم التقليدية، فما عليك إلا أن تحجز طاولة بالداخل وسط ديكورات خشبية مطعمة بمستلزمات الصيد والبيئة البحرية.

وبلا قائمة طعام، يتيح «لا بوريا» لزائره اختيار الأسماك الطازجة مما يشبه «حلقة سمك» مصغرة، وبعد وزنها، عليه فقط أن يطلب من أحد العاملين أن يقوم بطهيها بالطريقة التي تناسبه. أما إذا كان طلبك غير معروض على طاولة الأسماك، فما هي إلا دقائق قليلة ويصيد أحد العاملين ما ترغبه من الأسماك أمام عينيك مباشرة من البحيرة.

حول اختيار تلك البقعة الساحرة لتأسيس المطعم، يقول صاحبه طارق الطويل، لـ«الشرق الأوسط»: «لم نكن نتصور يوما أن يكون المكان الخاص بتجمع العائلة للصيد والشواء على الفحم مطعما، فالفكرة بدأت بعد أن أعجب أصدقاؤنا بالمكان الذي يتمتع بخصوصية شديدة وسط الصحراء، وبعد أن تم تجديد الطرق وإقامة جسر مريوط، غمرت تلك الأرض بالمياه وتكونت تلك الجزيرة، وأصبحت أنا وأبنائي نمارس صيد الأسماك والبط ومن قبل كنا نصيد السمان، ثم جاءت لأخي الفكرة بإقامة مطعم في وسط البحيرة بعد إلحاح الأصدقاء، خاصة أن المنطقة لا يوجد بها أي مطاعم».

وعن اسم المطعم، يقول: «اخترنا اسم (لا بوريا) لأن أفضل نوع سمك في البحيرة هو البوري، وهو ما يشتهر به المطعم لذا وجدنا الاسم مناسبا جدا».

لم يقم أصحاب المطعم بالدعاية له، مكتفين بتوافد المعارف والأصدقاء إليه، مما يضفي طابعا من الخصوصية والحميمية، يضيف الطويل: «الكل هنا أصدقاء وأعرفهم معرفة شخصية، ورغم أن المكان ناءٍ نسبيا إلا أن السيدات والفتيات يكن في أمان تام، لدرجة أنهم يقولون لي إنهم يشعرون وكأنهم ذاهبون للنادي للقاء أصدقائهم».

ويؤكد الطويل أن الأسماك التي يخرجها من البحيرة هي أسماك مستزرعة ويعتني بها عناية شخصية في مزرعته السمكية التي تمتد لـ30 فدانا، حيث إنه يحرص على تحليل مياهها باستمرار لضمان نقائها وخلوها من الملوثات. وبحسبه، فإن المنطقة تحتاج لرعاية، كونها يمكن أن تغير خريطة السياحة في الإسكندرية إذا تم استغلالها وعمل كورنيش حول البحيرة، كذلك يمكن أن يتم إطلاق مراكب ويخوت تبحر بالزوار في جولات للجزر الموجودة في مريوط، كما أن المياه عمقها من 4 إلى 7 أمتار تقريبا مما يجعلها صالحة للملاحة، كما أنها آمنة لممارسة الرياضات البحرية بمنتهى الأمان.

ونظرا لبعد المكان عن الأنظار، فإن زواره من الوزراء والفنانين، الذين يعشقونه ولا يكشفون عن سره لأحد، ومن أبرز زواره الفنانون محمود حميدة وخالد عجاج ونهال عنبر ودنيا سمير غانم. كذلك يقبل عليه رؤساء ومديرو الشركات الأجنبية المحيطة وهم يقومون بالدعاية له عند أقرانهم وعائلاتهم، مما جعل له صيتا خارج مصر أيضا.

يعمل المطعم وفق طبيعة الأحوال الجوية، ففي فصل الشتاء لا يتوافد عليه سوى أعداد قليلة بسبب موقعه في الهواء الطلق، وفي الليالي الباردة يتحول وسط المطعم لموقد ناري كبير ليبعث الدفء في المكان، ليزيد من سحر بساطة الديكور ويضفي عليه لمسة مميزة.

وبشكل عام، يبدأ المطعم يوميا العمل في 12 ظهرا، ولا يغلق حتى ينتهي آخر زبون من وجبته، أما في الصيف فهو لا يغلق أبوابه تقريبا. وفي أوقات الإجازات يمتلئ المطعم عن آخره بالزبائن، حيث يعتبره البعض نزهة جميلة تجمع كل المناظر الطبيعية، ويمكن لأطفالهم الانطلاق فيه، فضلا عن شعورهم بأن المكان ملكا لهم فهو غير معلوم إلا لأصدقائهم.

من الأسماك التي يشتهر بها مطعم «لابوريا» أسماك الدينيس واللوت والشراغيش والوقار والبوري «الشموي والسنجاري» والبلطي البحري والمياس، والجمبري والكابوريا المشويين على الفحم، وشوربة فواكه البحر وأزر الصيادية وطواجن السبيط وباستا السي فود.

ورغم تفضيل الزبائن هواة الصيد ممارسة هوايتهم على ضفاف البحيرة؛ فإن صاحب المطعم قرر عمل «أكواريوم» يضع فيه كل أنواع الأسماك لمن يرغب في الاستماع بانتقاء الأسماك حية، فقط كل ما عليه أن يشير إلى النوع الذي يرغب في تناوله، وبعد ذلك يمكنه اصطياده بالمصفاة.