ريمون بلان.. طاهي المهمات المستحيلة

مطاعم «شي جيرار» الفرنسية في لندن تغير اسمها

«براسري بلان» في كوفنت غاردن موقع مميز وشرفة تطل على الساحة الرئيسية
TT

إذا كنت من أنصار المطبخ الفرنسي فلا بد أنك جربت أحد فروع مطاعم «شي جيرار» الفرنسية المنتشرة في أنحاء كثيرة من لندن، إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في بريطانيا، كمثيلاتها في أوروبا والعالم، أجبرت الشركة على إقفال بعض من فروعها، وبيعها بعضا منها لشركات أخرى.

وعلى الرغم من الأزمة، فإن الطاهي الفرنسي ريمون بلان رأى فرصة في تحويل عدد من فروع «براسري شي جيرار» إلى مطاعم تحمل اسمه وأسلوبه يضمها إلى لوائه في لندن، وهكذا حصل، فبعد إقفال استمر نحو الثلاثة أشهر لفرع «شي جيرار» في منطقة كوفنت غاردن السياحية في وسط لندن، افتتح بلان المطعم نهاية شهر مايو (أيار) الماضي تحت اسم «براسري بلان»، ولكنه حافظ على روح «شي جيرار» الذي نجح في جذب محبي المأكولات الفرنسية في أجواء فرنسية بحتة، والذي يساعد على أن يكون فرع كوفنت غاردن مميزا هو الموقع، فهو مقابل مبنى «الرويال أوبرا هاوس» مباشرة، ويطل أيضا على ساحة كوفنت غاردن «البياتزا» التي تشهد عروضا طيلة النهار يقدمها محترفون مختصون بتقديم فنونهم في الشارع، كما أنه يقع في الطابق الأول من المبنى الذي يضم عددا كبيرا من المحلات التجارية الراقية وواحدا من أهم عناوين الكوكيز في لندن.

ويتمتع «براسري بلان» في كوفنت غاردن بشرفة واسعة تفتح طيلة أيام الصيف، وحافظ ريمون بلان في البراسري على صفة مهمة جدا وتجسد الروح الباريسية، وهي الأسقف الزجاجية التي تجعل النور يتسلل إلى الداخل ليشعرك بأنك تجلس في الخارج.

بالنسبة للائحة الطعام فسيضع ريمون بلان لمسته الخاصة من خلال اختيار الأطباق الفرنسية التي تعكس مطبخه الذي اشتهر به منذ سنوات كثيرة في فرنسا وبريطانيا. والمعروف عن بلان استعماله للمنتجات الفرنسية الطازجة، وقد يكون موقع المطعم في منطقة كوفنت غاردن الخيار الأنسب له، خاصة أن تلك المنطقة تشتهر بوجود السوق الشعبية المفتوحة فيها، ولا تزال قائمة حتى أيامنا هذه، وكانت في الماضي تعتبر أكبر سوق للخضار والفاكهة في بريطانيا، وكانت تغطي كل مساحة الساحة، وتتغلغل بين زواريب المنطقة التي تتميز طرقاتها بالحصى لتزيدها سحرا. وانتقلت سوق الجملة للخضار والفاكهة في عام 1974 إلى شرق لندن، ولا تزال تحمل الاسم نفسه حتى يومنا هذا.

ولم يتخل ريمون بلان عن مهارة بعض الطهاة والموظفين في «براسري شي جيرار»، بل ضمهم إلى فريق عمله، وقام بتدريبهم على طريقته الخاصة، وتم الافتتاح الرسمي منذ نحو أسبوعين بمشاركة فريق العمل الجديد وأفراد من الفريق القديم أيضا.

من المنتظر أن يفتتح ريمون بلان فروعا أخرى لبراسري بلان في كل من منطقة بيركهامستد وبالقرب من كاتدرائية القديس بولس وتاور هيل هذا العام، وقريبا ستشهد لندن أيضا افتتاح فروع جديدة لبراسري بلان في تشانسيري لاين وشارلوت ستريت وساوث بانك وبيشوبس غايت وسانت أولبنز (خارج لندن) ومنطقة باث (خارج لندن).

* ولد ريمون بلان في منطقة بيزانسون في مقاطعة فرانش كومتي إلى الشرق من فرنسا، وتشتهر هذه المنطقة من فرنسا بمطبخها السخي والمميز والثري بمنتجاته المحلية، مثل مشتقات الحليب واللحوم والفطر والأسماك. تأثر ريمون بلان، ككثير من أمثاله من الطهاة الكبار في العالم، لا سيما الفرنسيون والإيطاليون، بوالداته التي يسميها بـ«ماما بلان»، وبعدها سافر كثيرا وقام برحلات كثيرة حول العالم ساهمت في إثراء مسيرته في عالم الطهي الفرنسي، ومعروف عن بلان عدم تخليه عن استعمال المنتجات الطازجة والمحلية والموسمية.

جاء بلان إلى إنجلترا عام 1972 ليعمل كنادل في مطعم «روز ريفايفد» قرب ويتني، وفي مرة من المرات، وقد يكون الحظ لعب دوره هنا، قام بلان بتولي الطهي والمطبخ، بعدها تعذر على الطاهي الرئيسي المجيء إلى المطعم بسبب المرض المفاجئ، ولم يكن هناك أي شخص يحل محله إلا بلان، واستطاع بلان تلبية طلبات الزبائن من خلال الاستعانة بما جمعه على مر السنين من خبرة في مجال الطبخ تعلمها على يد أمه الطاهية البارعة. ولفت أنظار أصحاب المطعم وتولى بعدها المطبخ في المطعم الذي سرعان ما دخل إلى عالم دليل ميشلن للتميز.

ومن هنا بدأت مسيرة النجاح ولا تزال تحكي قصة براعته في أطباقه التي يقدمها مطعمه «لو مانوار أو كات سيزون الفرنسي» الحائز عدة جوائز، واليوم في مطاعمه الجديدة «براسري بلان». وفاز بلان بعدة مسابقات وتفوق على أسماء لامعة في عالم الطهي، أمثال ماركو بيير وايت ومارتن بورج ومايكل كاين، وحصل على جائزة «إي إي شيفز شيف» عام 2005، وحصل على وسام «أو بي إي» من الملكة إليزابيث الثانية عام 2007.

ينشر ريمون بلان حبه للطبخ ولأمه التي يدين لها بمسيرته الناجحة في عدد كتب الطبخ التي يكتبها شخصيا، وفي برامج تلفزيونية تحت شعار: «طازج.. محلي.. موسمي.. وطبعا لذيذ».