بنزرت تستقبل سمك «الشاوري» بعد انتظار عام كامل

موسمه يدوم شهرا واحدا ينتظره محبوه بفارغ الصبر

موسم سمك «الشاوري» يستمر لشهر واحد فقط سنويا
TT

تستقبل العائلات في مدينة بنزرت (60 كم شمال تونس العاصمة)، خلال هذه الفترة سمك «الشاوري»، وتتنافس في الحصول على حصة من تلك الأسماك الصغيرة. وتلجأ إلى موانئ المدينة وبعض الموانئ الأخرى الواقعة بالمدن القريبة لاقتنائها وتجهيز أفضل أنواع المأكولات وتخزين جزء منها كمدخرات للأشهر القادمة خاصة أشهر فصل الشتاء.

وتدخل هذه الأسماك ضمن التقاليد الاجتماعية في المنطقة، وقد توارثتها العائلات منذ مئات السنين، ولا تزال تحتفظ بها كميزة اجتماعية عن بقية مناطق تونس. ويقدر سعر الكيلوغرام من سمك «الشاوري» بما بين دينارين وأربعة دنانير تونسية (أي ما بين دولار ونصف وثلاثة دولارات أميركية)، وهو من بين أصناف السمك ذات الصيت الشعبي، فأسعاره في متناول العائلات المحدودة الإمكانيات، كما أنه مصنف من بين الأسماك البيضاء ذات الفوائد الصحية والغذائية العديدة.

وتقبل العائلات في بنزرت على سوق صلاح الدين بوشوشة الواقعة وسط مدينة بنزرت، من أجل الفوز بنصيبها من سمك الشاوري الذي لا تدوم عمليات تسويقه أكثر من شهر في السنة وذلك من 15 مايو (أيار) إلى 15 يونيو (حزيران) من كل سنة. وفي هذا المجال يقول حسن خرباش (بحار من المدينة بنزرت) إن سمك الشاوري يزور تونس سنويا من أجل التفريخ، وهو يأتيها من رحلة طويلة قادمة من السواحل السنغالية الواقعة غرب أفريقيا. وغالبا ما تظهر أسماكه بكثرة في السواحل الشمالية التونسية على غرار «كاب زبيب» و«رأس الجبل» و«غار الملح» و«جزيرة جالطة» الواقعة شمال تونس وسط البحر المتوسط. ويضيف خرباش في حديثه أن شعبية الأسعار ولذة المذاق وتوارث العادات الغذائية الجيدة وراء انتظار سكان المدينة لموسم سمك «الشاوري».

ويرى محمد الزواوي (صاحب محل لبيع الأسماك) أن أروقة سوق السمك تضيق بزائريها خلال هذه الفترة من كل سنة، ويعتبر أن الأمر مرتبط بالخصوص بإحياء جانب كبير من عادات الأجداد في تعاملهم مع مواسم الأسماك، فمثلما للغلال مواسمها وأفضل تناول لها خلال نضجها الطبيعي، فإن للأسماك كذلك مواسمها، وهي لذيذة وذات مذاق خاص خلال فترة نضجها الكامل. وعن أهمية هذه الأسماك في العادات الغذائية في مدينة بنزرت، قالت نبيلة الشواشي (ربة بيت) إن مجموعة من الأطباق الغذائية تتصدر الطاولة مع حلول موسم سمك «الشاوري»، من بينها المقليات والمشويات والمرق المعد خصيصا من تلك الأسماك. وتضيف أن عملية تجفيفها وخزنها قد تجعلها لاحقا صالحة للاستعمال في أطباق «السلاطة». وتجفف العائلات هناك أنقى «الشاوري» ربما لاكتناز لحومها وجودة مذاقها خلال فترة التفريخ.