المايونيز: زيت وبيض.. وقطرة من السحر

الطريقة الأفضل لتحضيره في المنزل

المايونيز سهل التحضير في المنزل ويدخل في كثير من الوصفات
TT

«ألا تعلمين سر المايونيز؟» كنت أقف مع صديقتي دوري أمام محل «إمباير مايونيز» في بروكلين، وهو المحل الأول والأوحد في المدينة المحترف في إعداد المايونيز، نرمق بنظرات مغرمة البضائع المعروضة فيه، التي تقدم نكهات مثل نكهة الليمون المخلل ونكهة اللحم المقدد بالطبع.. حينها طرحت علي هذا السؤال.

إذا كان هناك سر في إعداد المايونيز، فأنا بالتأكيد لا أعلمه. ويا له من سر؛ لربما يكون سرا يقلب الأمور رأسا على عقب، من ذلك النوع الذي يحول إعداد المايونيز في المنزل من صنف يقدم في المناسبات الخاصة إلى عمل يومي، مما يضع حدا لاتكالنا على الأصناف التجارية دون المستوى المليئة بشراب الذرة.

وإليك سر المايونيز: على الرغم من أنه من السهل شراء أنواع راقية من المسطردة والكاتشاب، فإن العثور على مايونيز تجاري عالي الجودة أمر نادر الحدوث إلى حد بعيد. فإذا كنت تريدين مايونيز لذيذا حقا، فليس لديك خيار سوى أن تعديه بنفسك.

وعلى الرغم من عشقي الشديد للمايونيز، فإن نسبة نجاحي في إعداده كانت تتراوح حول 50%. ولإعداد المايونيز، لا بد أن تقومي بخفق الزيت مع البيض حتى يتكون مستحلب سائل، أي أن تتوزع جزيئات الزيت بالتساوي في البيض ثم تبقى مكانها. وسواء استخدمت جهاز تحضير الطعام أو الخلاط أو المخفقة اليدوية، كان المايونيز يتفكك مني في الغالب؛ حيث كان البيض والزيت ينفصلان وينكمشان بشكل محزن من عجين زبدي كثيف وجذاب إلى سائل زيتي مائي القوام.

وأخبرتني دوري أن إضافة ملعقة صغيرة من الماء إلى صفار البيض قبل تنقيط الزيت فيه تساعد على تكوين مستحلب أقوى وأكثر استقرارا، وقد تعلمت ذلك السر في مدرسة الطهي منذ سنوات، ومنذ ذلك الوقت لم يعد المايونيز يتفكك منها.

وفي أول مرة أجرب فيها تلك الطريقة، حققت أخف وأرق مايونيز أعددته في حياتي، وكان له مذاق مميز للغاية بفضل زيت الزيتون الفاخر الذي استعملته فيه، إضافة إلى الليمون والمسطردة. وقد تناولناه مع نبات الهليون المحمص، وظللنا نغمس الأوراق مرتين وثلاثا وأربعا في الصلصة اللذيذة حتى مسحنا الطبق تماما. وفي اليوم التالي، قمت بإعداد كمية أخرى، وأضفت إليها في النهاية سمك الأنشوفة المفروم، لنحصل على واحدة من أروع أطباق سلطة البيض التي تناولتها على الإطلاق.

وتحت تأثير نشوة هذا النجاح، والأفكار التي ألهمتني إياها تلك النكهات المعروضة في محل «إمباير»، أدركت أنني في طريقي إلى «جنون المايونيز»؛ حيث جالت في خاطري تصورات لسلطة بطاطا ممزوجة بالمايونيز بنكهة الليمون المخلل اللاذع، وقطع رطبة من سمك أبو سيف مكسوة بصلصة «أيولي» بالثوم، وقطع البسكويت الساخن مع المايونيز بنكهة اللحم المقدد، وعليها شرائح من الطماطم الطازجة.

لماذا أحدثت ملعقة ماء صغيرة كل هذا الفارق؟ ولماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟

إن كتاب الطهي الوحيد الذي عرفته وذكر خطوة إضافة الماء إلى صفار البيض قبل الخفق كان صادرا عن «معهد أميركا للطهي»، فقمت بالاتصال بهم وتحدثت إلى تاكر بانش، وهو خبير طهي يقوم بالتدريس في المعهد، فقال لي، إن «إضافة القليل من الماء توسع الفراغات الموجودة بين القطيرات الدهنية، مما يساعد على بقائها منفصلة». وإذا لم تظل قطيرات الزيت متمايزة بعضها عن بعض وموزعة بالتساوي على الزيت، فسوف يتفكك المايونيز. وشرح لي أنه على الرغم من عدم الحاجة إلى إضافة الماء كي يتكون المستحلب، فإن ملعقة صغيرة فقط تزيد من فرص تكونه.

والنتيجة نفسها يحققها عصير الليمون والخل، ولكن إذا أضفت كمية أكبر من اللازم، فسوف تخاطرين بأن تحصلي على مايونيز لاذع للغاية. كما يمكن أن تساعد نقطة مسطردة على تكون المستحلب وتماسكه، وهذا، إلى جانب النكهة، هو ما يجعل الكثير من وصفات المايونيز تنصح بإضافتها.

وعلاوة على ذلك، فإن إضافة الماء ترفع من عامل النعومة، وكما قال لي بانش: «من دون إضافة أي ماء، قد يصبح المايونيز شبيها بالفازلين. أما الماء فهو يمنحك ذلك الملمس الرقيق المحبب».

ويضيف د. لوديشر، عميد البرامج الأكاديمية في «كلية العلوم البيئية والبيولوجية» التابعة لـ«جامعة روتجرز»، سببا آخر لإضافة الماء، وهو أنه يخفف صفار البيض ويفتح المزيج المركب الذي يحتوي عليه من الليسيثين والبروتينات؛ حيث إن الليسيثين يجعل قطيرات الزيت تتماسك مع الماء الموجود في صفار البيض، وهذا هو جوهر مستحلب المايونيز، وما دامت ظلت متماسكة معا، فإن المستحلب يكون مستقرا.

ومع استخدام الخلاط أو جهاز تحضير الطعام، فإن إضافة القليل من الماء البارد يمكن أن تمنع ارتفاع درجة حرارة المزيج أثناء الدوران، وهو أمر آخر من الأمور التي كثيرا ما تفسد عملية تحضير المايونيز. ولزيادة فرص تكون المستحلب وتماسكه، أنصحك باستعمال مخفقة يدوية. صحيح أنه يمكن إعداد المايونيز بسهولة أكبر باستخدام جهاز تحضير الطعام، لكن بانش يقول إنه «يكون معرضا للتفكك، فالخفق الزائد على الحد، علاوة على ارتفاع درجة حرارة المزيج، قد يجعل الجزيئات غير متلاصقة».

ويوضح: «هذا لن يحدث حينما تستعملين مخفقة يدوية. نحن نجعل الطلاب في الجامعة يعدون المايونيز باستعمال مخفقة يدوية أولا قبل أن نسمح لهم باستعمال الماكينة كي يدركوا ما الذي تحتاج إليه عملية الإعداد كي تنجح».

وآخر النصائح التي قدمها لي بانش هي أن الزيت ينبغي إضافته في البداية إلى صفار البيض قطرة قطرة، ويتكون المستحلب حينما يخلط نحو ربع الزيت مع المزيج، وبمجرد أن يحدث هذا، يمكنك أن تسرعي أكثر وأن تزيدي القطرات في تدفق مستمر.

وقد ازددت جرأة بعد هذه النصائح، فصرت أضيف الزيت بسرعة أكبر في النهاية مع الخفق بشدة، ويبلغ رقمي القياسي الشخصي 58 ثانية من البداية حتى النهاية؛ حيث إنني حينما كنت أضيف الزيت بسرعة أكبر من هذا، كان المايونيز يتفكك.

ولكن بالنظر إلى الكفاءة التي اكتسبتها حديثا، فلم يزعجني أن يتفكك مني المايونيز مرة أو اثنتين، بل كنت أضعه بدلا من الزيت والبيض في وصفتي المفضلة من الكيك المملح، مع الزيتون وجبن «غرويير» ( ووصفة الكيك نفسها هذه تصلح أيضا مع المايونيز الذي لم يتفكك، كما تعد وسيلة رائعة لاستهلاك آخر ما تبقى من المكونات أثناء إعداد الأطعمة في المنزل؛ حيث يمكن أن تعيش داخل الثلاجة لمدة أسبوع تقريبا).

وقد كانت نكهة الليمون المخلل هي أول تجربة لي مع نكهات المايونيز، وأعددتها عن طريق تقطيع المخلل، وهو نوع من البهارات الهندية يباع في أسواق آسيا والشرق الأوسط، وتقليبه مع المايونيز في النهاية. وقد كان الملمس محبحبا ومقرمشا إلى حد ما بسبب قطع المخلل، وهو مختلف تماما عن الملمس المخملي الذي تشعر به داخل فمك أثناء تناول المايونيز الذي يقدمه محل «إمباير»، ويعود ذلك إلى أن صاحبي المحل - وهما إليزابيث، التي تعمل مصممة، وخبير الطهي سام ماسون - يعدان المايونيز الذي يبيعانه باستخدام زيوت منقوعة، وبالتالي لا تكون هناك جسيمات تؤثر على النعومة، إلا أنني سعدت كثيرا بطريقتي البسيطة، وقد مزجت المايونيز بقطع مكعبة صغيرة من البطاطا والكاجو المقرمش والكزبرة، مما جعل منه طعاما رائعا جاهزا للتقديم في حفل شواء.

وبعد ذلك، بدأت أجرب جميع نكهات المايونيز؛ حيث أقوم بتقليب المكونات داخله في النهاية بعد أن يكون المستحلب قد تكون بصورة آمنة، ثم أضيف إليها نكهات الموالح وصلصة الفلفل الحار والأعشاب والثوم والبراعم المخللة والزيتون.

كما جربت أيضا بعض التنويعات في الزيت؛ حيث أقوم بتغيير النسبة ما بين زيت الزيتون البكر الممتاز المركز وزيت محايد معتق. وكلما زادت كمية زيت الزيتون التي أستعملها، كان المايونيز يروق لي أكثر حينما أتناوله من دون إضافات، إلا أن استعمال زيت محايد تماما كان يجعله أكثر تقبلا لإضافة النكهات. ويصلح في هذا زيت العصفر أو الكانولا أو بذور العنب أو الفول السوداني؛ أهم شيء أن يكون الزيت من درجة الحرارة نفسها للبيض، ويمكنك استعمال زيت بارد وبيض بارد، لكنني وجدت أن البيض في درجة حرارة الغرفة هو الأسهل في التعامل معه.

مايونيز لجميع الوجبات

* إن معرفة كيفية إعداد المايونيز وتنويعاته الكثيرة من الممكن أن توسع من الخيارات المتاحة أمام ربة المنزل عند إعداد الوجبات.

شرائح اللحم البقري أو قطع لحم الحمل بالمايونيز: تنقع شرائح اللحم البقري أو قطع لحم الحمل في المايونيز بالفلفل الحار المدخن أو الزيتون أو اللحم المقدد لمدة 3 ساعات على الأقل، أو تحفظ داخل الثلاجة طوال الليل، وتشوى أو تقدم مع إضافة المزيد من الصلصة إلى جانبها، أو تشوى شرائح اللحم البقري أو قطع لحم الحمل من دون أي إضافات وتقدم مع إضافة نقطة مايونيز على السطح (حيث ستذوب وتتحول إلى صلصة حريفة، مثل الزبد المركب ولكنها أخف منه).

السمك المشوي بصلصة «أيولي»: تغطى شرائح السمك أو الفيليه بطبقة رقيقة من صلصة «أيولي» أو صلصة «رويي» وتشوى حتى تتحول إلى اللون الذهبي، وتقدم مع إضافة المزيد من الصلصة إلى جانبها، ويساعد المايونيز على إعطائه مظهرا محمرا، كما يحافظ على رطوبة السمك.

كربونارا بسلطة المعكرونة: يغلى النوع المفضل من المعكرونة القصيرة مثل (فوسيلي أو بيني.. إلخ) وتكسى بالمايونيز بنكهة اللحم المقدد بينما لا تزال دافئة، وتقدم مغطاة بجبن «بارميزان» وقطع الليمون، ويفضل أن تكون دافئة أو في درجة حرارة الغرفة، وتوضع تحتها شرائح من الطماطم الطازجة.

* خدمة «نيويورك تايمز»