البرغل.. ضيافة الأتراك في السعودية

صديق للصحة وبديل عن الأرز

TT

لكل شعب عادات وتقاليد تميزه عن بقية الشعوب فتضفي عليه طابع الأصالة، ويرى كثير من الأشخاص أن الوجبات من أهم مفاتيح تعارف الشعوب من خلال الدعوات لتناول الوجبات.

وتعد المناسبات السنوية والشهرية فرصة لتقديم شيء مميز فيتجمعون مع أصدقائهم لتقديم وجبة تميز شعوبهم ويتنافسون في تقديم أكلاتهم الخاصة ببلدانهم.

ويتميز الشعب التركي بطهي وجبة «البرغل» وهو جريش القمح المسلوق وطريقة صنع البرغل من القمح هي «سلقه حتى تلين الحبوب وتقارب النضج ثم تنشر في أماكن معدة لذلك وتترك حتى تجف تماما ثم تجرش وتنخل فيزول عن الجريش قشور القمح».

ويعرف البرغل بكثرة في بلاد الشام والمناطق التركية الحدودية الملاصقة لسوريا، ونظرا لتداخل ثقافات الدول الحدودية، فقد بات البرغل الوجبة الرئيسية لسكان المناطق الحدودية في سوريا وتركيا.

البرغل أشبه ما يكون بالأرز عند السعوديين من حيث الطهي والتقديم، وقد دفع هذا التشابه محمد هوكان، تركي الجنسية، الذي التقيناه بمحافظة القنفذة غرب السعودية لدعوة أصدقائه السعوديين لتناول وجبة البرغل.

ويقول هوكان لـ«الشرق الأوسط» إن «البرغل يعتبر الوجبة الدسمة بالنسبة للأتراك؛ فهو يحوي عناصر غذائية مميزة ويقدم مع اللحم أو الدجاج كالأرز تماما ولا يستغرق طهيه وقتا طويلا؛ إذ يسلق مع الماء ويقدم ساخنا على الفور».

ويضيف: «وجدت أن الفرصة مناسبة لدعوة أصدقائي السعوديين لتناول وجبة البرغل؛ ليتعرفوا على ثقافتنا ونتعرف على ثقافتهم من خلال الوجبات.. أعجب أصدقائي كثيرا بالبرغل وطلبوا مني شرح طريقة تحضيره كي يحضروه في بيوتهم وكتبت لهم الطريقة مباشرة».

ويؤكد التركي هوكان أن البرغل يعتبر غذاء من الطراز الأول نظرا إلى ما يحتويه من عناصر غذائية مهمة، جعلت منه غذاء مفضلا للأتراك نظرا لكونه وجبة خفيفة مفيدة تجمع الأصدقاء ولا تستهلك الكثير من الوقت في إعدادها.

ويحوي البرغل حامض الغيروليك، الذي يتمتع بقدرة كبيرة على مواجهة النيتريت والنيترات، بحيث يمنعهما من التحول إلى مشتقات النيتروسامين المشبوهة.

ويملك البرغل سلاحا آخر ضد السرطان هو مركبات ليغنان المضادة للأكسدة التي تقوم بدور محوري في حماية الخلايا من الآثار المدمرة للجذور الكيماوية الحرة، خصوصا خلايا القلب والأوعية الدموية.

ويملك البرغل صفة أخرى مهمة على صعيد الوقاية من داء السكري؛ إذ إن «المشعر السكري» GIycemique index ضعيف، بمعنى أن السكاكر الموجودة في البرغل يمتصها الجسم ببطء، وهذا مما يسمح له بالمشاركة في تنظيم مستوى سكر الدم، بحيث لا يتعرض هذا الأخير لمطبات يهبط فيها ويصعد، وهذا بالتالي ما يجنب المصاب الوقوع تحت رحمة التذبذبات الطارئة في سكر الدم. ‏ وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن البرغل يلعب دورا كبيرا في الوقاية من سرطان القولون وسرطان الثدي وكذلك مرض السكري. كما يساعد في علاج أنواع من مشكلات الهضم، خصوصا الإمساك، وذلك يعود إلى غنى البرغل بالألياف.

يحتوي البرغل على مواد مهمة جدا تلعب دورا كبيرا في الحد من كثير من الأمراض أو علاجها، ومن أهم المحتويات الكيميائية للبرغل حمض الفريوليك ومادة اللجنان والحديد والفسفور والزنك والمنغنيز والسيلينوم والمغنسيوم وفيتامينات «أ»، و«د»، و«هـ»، وبروتين ونشا ومواد سكرية بالإضافة إلى الألياف التي لها علاقة بكثير من الأمراض. وتأتي أهمية حمض الفريوليك في أنه يقوم بمنع مادة النيترات والنيتريت الموجودة في كثير من الخضراوات والفواكه من أن تتحول إلى مادة النيروسامين والتي تسبب مشكلات سرطانية.

ومادة اللجنان الموجودة في البرغل تعتبر من أقوى المواد المقاومة للسرطان، خاصة سرطان الثدي والقولون. إن لهذه المادة خواص مضادة للأكسدة، مما يعني أنها تلتهم جزئيات الأكسجين الخطيرة والمعروفة بالجذور الحرة قبل أن تدمر الخلايا المفردة.

وأثبت أطباء أن مركبات اللجنان تقهر التغيرات السرطانية بمجرد وجودها وتعمل على تقويضها، ومادة اللجنان الموجودة في البرغل تساعد في حماية القلب وذلك عن طريق ضبط الكولسترول. ويتسم البرغل بأنه منخفض الجوكوزمين، مما يعني أن السكريات التي يحويها تنطلق ببطء نسبي إلى مجرى الدم، وهذا لا يحافظ على ثبات مستوى السكر في الدم فقط، بل يلعب دورا في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

والبرغل يلعب دورا كبيرا في الوقاية من سرطان القولون وسرطان الثدي وكذلك مرض السكري. كما يساعد في علاج أنواع من مشكلات الهضم، خاصة الإمساك، وذلك يعود إلى غنى البرغل بالألياف.

وأغلب فوائد البرغل تأتي من الألياف غير القابلة للذوبان، وهذا النوع من الألياف لا يتحلل داخل الجسم، ويظل في الأمعاء ويمتص كثيرا من الماء وهذا يزيد من وزن الفضلات مما يجعلها تتحرك بطريقة أسرع في الأمعاء، وتخرج من الجسم بسهولة كذلك المواد المحتمل أنها تسبب السرطان، ولا يترك لها المجال لكي تسبب أي مشكلات.

وأجريت دراسة في مركز «كوزنيل» الصحي في مستشفى نيويورك واستمرت طوال أربع سنوات، على 58 رجلا وسيدة لديهم تاريخ مرضي في مخاط الأمعاء. وعلى الرغم من أن المخاط ليس ضارا في حد ذاته، فإنه بمرور الوقت قد يصبح سرطانا، لقد ثبت من خلال هذه الدراسة أن الذين تناولوا البرغل زاد احتمال انكماش المخاط أو اختفائه تماما لديهم، أكثر من الذين تناولوا مواد قليلة الألياف.

ويؤكد محمد إبراهيم صديق التركي محمد هوكان، أنه قد تناول وجبة البرغل عند صديقه من قبل، ويشير إلى أنها أخف من الأرز على المعدة وهي لذيذة جدا.

وأكد محمد أن الجاليات في القنفذة يجتمعون معا كثيرا لينثر كل منهم ثقافته وتقاليده على الآخر وتكون على شكل تنافس؛ إذ يجتمع التركي مع المصري والباكستاني ليقدم كل منهم وجبته الخاصة التي تميز بلده، ومن هنا يكونون روح تعاون فيما بينهم وعلاقات مستديمة.