الشيف علي بن علي لـ «الشرق الأوسط»: أعيش مع عملي حالة حب

أهم ما في المهنة هو احترام الطعام

عشق مهنة الطهي منذ أن كان في السابعة من عمره
TT

الشيف علي بن علي هو كبير الطهاة في فندق «ساعة مكة - فيرمونت»، حيث يعتبر رائدا في مجال الطهي، حيث اكتسب خبرته التي تمتد إلى أكثر من 20 عاما من خلال عمله في جميع أنحاء العالم (لندن، أدنبره، داندي، غلاسغو، كازابلانكا، أغادير، دبي، جدة، وأخيرا مكة المكرمة).

ويقول عن طفولته بأنها كانت في جبال أطلس الشهيرة بأشجار الأرز والقرى الريفية التقليدية، حيث يستخدم الناس هناك تربتها الغنية والخصبة لزراعة منتجاتهم بأنفسهم مثل الفواكه والخضراوات، إضافة إلى اللحوم ومنتجات الألبان. ففي جبال أطلس الأطعمة العضوية المزروعة محليا هي الشيء الطبيعي المألوف.

ولا يزال يذكر بوضوح آلاف الروائح الجميلة التي كانت تعبق بها الأسواق (التي تقوم في كل أسبوع)، حيث إن كان مكاني المفضل دائما هو المطابخ. كنت آنذاك في السابعة من عمري ولا أزال أذكر رجال القبائل المختلفة وهم يأتون على ظهور الخيل من الجبال البعيدة ليبيعوا منتجاتهم ويشتروا السكر وزيت الذرة وغيرها من الضروريات. وكانت كل قبيلة تستأجر غرفة صغيرة لتمضية النهار فيها وطهي طعام الغداء في قدور فخارية على نار الحطب. ففي جبال أطلس الرجال هم عادة من يطهو الطعام، وكانت تغمرني سعادة كبيرة وأنا أتجول بين المطابخ وأشاهد بإعجاب كبير براعة وإبداع طهاة القبائل، فقد كانوا يبتكرون أصناف الطعام اللذيذ من منتجات يزرعونها في أراضيهم لأجل أسرهم.

ويضيف الشيف علي: «لذا كان وقت الغداء بمثابة معرض حقيقي في السوق، حيث يجلس رجال القبائل مع زعمائهم على الأرض لتناول الطعام الذي كان يتكون من الخبز الساخن والسلطات الطازجة وأطباق الطاجن الشهية، حيث ينكب الجميع على تناولها بشهية وسعادة. وبعد الجولة الأولى من الطعام تقدم تشكيلة متنوعة من الفواكه الطازجة يليها إبريق كبير مليء بالشاي الأخضر تفوح منه رائحة النعناع المنعشة وإلى جانبه طبقان أحدهما مليء بزيت الزيتون البكر الممتاز، والآخر مليء بعسل الجبال النقي مع الخبز الطازج».

وحول حديث بداياته مع الأكل، يجيب «لقد تعلمت في مرحلة مبكرة من عمري حب واحترام الطعام، كما تعلمت أن تحضير وجبة طعام هو عملية تحتاج لقدر كبير من التحضير الدقيق وحسن التدبير».

وعن تجربته في فندق «ساعة مكة - فيرمونت»، قال «لقد أكملت للتو عامين من العمل في هذا الفندق الرائع ولا أزال حتى هذه اللحظة أعيش معه حالة الحب من أول نظرة كما يقول الفرنسيون. لقد عمل فريقنا بجد كبير منذ الافتتاح وحتى اليوم لبناء السمعة الطيبة التي نتمتع بها حاليا. فنحن لدينا 10 مطاعم رائدة عالميا أكثر مما لدى أي فندق آخر بالمملكة، وأود أن أذكر بإيجاز أن فندق (ساعة مكة – فيرمونت) يفخر بما يقدمه مطعم الشواية (ذا غريل)، وهو مطعم الستيك الوحيد الممتاز في مدينة مكة المكرمة، حيث نستعمل أفضل أنواع المواد ونستورد اللحم الفاخر من نبراسكا. كما نستورد السمك من فرنسا (يتم صيده الساعة الخامسة صباحا ويصل إلى مطابخنا الساعة 8 صباحا في اليوم التالي). والفواكه والخضراوات تصلنا من هولندا والولايات المتحدة وأستراليا بالطائرة مرتين أسبوعيا، إضافة لذلك لدينا تعاون وثيق مع مزارعنا المحلية ونستخدم خضراوات المواسم ومنتجات الألبان والمنتجات البحرية المحلية. والمطعم الآسيوي (إيجا) لدينا يقدم في قلب مكة المكرمة أروع الأطباق الآسيوية الأصيلة التي يعدها طهاة آسيويون يمتازون بأعلى مستويات الخبرة والمهارة. نوفر لهم مرتين أسبوعيا المواد الأصلية مثل (النودلز)، الخضراوات، الصلصات والتوابل من جاكرتا وسنغافورة وهونغ كونغ. كما يسعدني اطلاعكم على المطعم الهندي (بهارات)، والإيراني (زان)، واللبناني (الدار) والسعودي (الديرة) وقد أصبحت هذه المطاعم الفاخرة جاهزة للافتتاح، حيث يضمن فريق العمل لدينا لكم الاستمتاع فيها بأفضل ما يمكن من نواحي الجودة العالية والأصالة والجو الراقي. وأود أن أضيف أننا في جميع مطاعمنا نولي اهتماما شديدا بالطعام الصحي، ومن خلال البرنامج الخاص لدينا (لايف ستايل كويزين بلاس) نولي الأولوية التامة لصحة ضيوفنا ونقدم لهم قوائم طعام مدروسة وموضوعة بعناية لتلبية متطلبات غذائية مختلفة. علاوة على ذلك، نحن نشجع ضيوفنا حال قدومهم إلينا لإخبارنا بأن كان لديهم أي حساسية لنوع معين من الطعام كي نقوم بتعيين شيف يقوم بإعداد وجبات خاصة تتناسب بدقة مع أي احتياجات غذائية خاصة لديهم».

وعن شهر رمضان المبارك يقول الشيف، إنها «مناسبة عظيمة بالنسبة لنا جميعا، فنحن نقوم بتحضير طعام الإفطار والسحور يوميا لنحو 5000 ضيف لدينا، وهذا يشمل بالطبع إرضاء رغبات وأذواق ضيوف من ثقافات متعددة وإعداد بوفيه طازج وسخي يوميا وتحضير كميات ضخمة من الطعام والحفاظ على مستوى عال من النظافة وسلامة الطعام. ولضمان تحقيق تجربة مريحة ورائعة لضيوفنا خلال شهر رمضان بدأنا التخطيط وعمل التحضيرات منذ ثلاثة شهور. ويضم فريق العمل لدينا نحو 200 شيف (طاهٍ) و150 مضيفا. إنه فريق عمل كبير من أمهر الطهاة وقد أتم كامل الاستعدادات لهذا الشهر الفضيل».

وحول ما إذا كان لديه أي نصائح أو اقتراحات سريعة تقدمها لشخص يقوم بإعداد طعام الإفطار لأسرته أو أصدقائه أجاب بأنه من الناحية المثالية «من الأفضل إذا استطعت أن تشتري مجمدا (فريزر) مستقلا بدلا من الاعتماد على الفريزر الموجود في الثلاجة التي لديك، اشتر الآن ما تحتاجه من السمك والدجاج واللحم ثم قم بتنظيفه وتجزئته إلى حصص وخزنه في الفريزر ليكون جاهزا للاستخدام. هذا يساعدك على توفير الوقت والمال والطاقة أيضا التي ستكون بحاجة حقيقية لها في رمضان. ولتنظيم أمورك بشكل أفضل رتب وصفات الطعام التي تريدها في ملف خاص حتى تستطيع إعداد خطة التسوق اللازمة. ولا تنسَ أن تخطط دائما لتكون الوجبات صحية ومتوازنة جيدا، ولا تنسَ أن شهر رمضان المبارك قد يكون قاسيا على الجهاز الهضمي إذا لم نراع الخيارات الغذائية الصحية وتناول كميات معتدلة من الطعام.. إلخ».

وحول العناصر الأكثر أهمية في أي مطعم فندق 5 نجوم، قال إن «الشيء الأكثر أهمية هو أن تحب وتحترم الطعام، فهو بمثابة الروح لكل مطعم. ثانيا، إن الطريقة التي يتعاون بها أعضاء الفريق وينسقون جهودهم والاستفادة من مهاراتهم لها أثر عظيم على مدى استمتاع الضيوف بوجباتهم بطريقة رائعة ولا تنسَ. على سبيل المثال، أنا أعرف مطاعم ناجحة تعمل منذ أكثر من 25 عاما ويمكنك في أي وقت تزورها أن تتوقع لنفسك القدر نفسه من الرضا والسرور على حين أن هناك بعض المطاعم التي لا تستطيع البقاء لأكثر من عام واحد! لذا فإن مفتاح النجاح للمطعم الممتاز هو مزيج من الشغف بالطعام والرغبة القوية في أن تنجح وتحقق لنفسك الريادة في هذه الصناعة».

وحول أبرز الذكريات المثيرة خلال عمله بالفندق وما الذي جعلها ممتعة بالنسبة له، قال «واحدة من أروع الأحداث المذهلة التي أذكرها بالفندق كانت في شهر رمضان الماضي لما كان الفندق لا يزال حديث العهد بالافتتاح، وتم اختيارنا لتقديم خدمات الطعام لحفلة عالية المستوى يحضرها أكثر من 1000 ضيف، هذا بالإضافة إلى مهمتنا الأساسية تقديم الطعام لنزلاء الفندق، وقد وصلت نسبة إشغال الفندق إلى 100 في المائة. وقد نجحنا في إنجاز هذه المهمة بشكل رائع، حيث عملنا لمدة أسبوع تقريبا بمعدل 20 ساعة باليوم. وقد حققت الحفلة نجاحا مدويا، خاصة أنها كانت أول تجربة لنا بهذا المستوى بعد افتتاح الفندق. وكان شعار فريق العمل (لا شيء مستحيل بوجود روح الفريق الواحد والدافع القوي والريادة)».