«قهوة ليلى» في الجميزة تنقل الريف إلى بيروت

ترويقة وعصرونية وصبحية لا تكتمل إلا بفنجان قهوة من دكانها

«قهوة ليلى» في الجميزة كانت قهوة «القزاز» في الماضي
TT

لعل ليلى بطلة قصة الأطفال «ليلى والذئب» المعروفة بـ«Chaperon rouge» عالميا هي نفسها التي استوحى أحد مقاهي بيروت عنوانه من اسمها إلا أنه أجرى بعض التعديلات على شخصيتها، إذ جعلها صاحبة شخصية قوية واثقة من نفسها بعد أن استطاعت اجتياز طريقها من القرية إلى بيروت بالسلامة دون أن يجرؤ الذئب على إزعاجها.. فهي ومن دون تردد حملت السلال والصرر المليئة بنكهات القرية اللبنانية لتستخدمها في الأطباق العصرية المقدمة في «مقهى ليلى» الواقع في منطقة الجميزة والذي سبق أن عرفه اللبنانيون بـ«قهوة القزاز».

ويقول هنري معلولي، أحد المسؤولين في المقهى المذكور، لـ«الشرق الأوسط»، إن القائمين على المقهى أطلقوا عليه هذا الاسم اللبناني القديم ليبتكروا هوية خاصة بمحلهم، إذ أرادوه نقطة الالتقاء ما بين المدينة والريف، فيجد الزبون فيه الدكان الريفي وفنجان القهوة مع حب الهال والحمص بالقاورما والـ«بابا غنوج» كما «الكلوب ساندويتش» والدجاج مع الخس الإفرنجي وجبنة الـ«Brie» الفرنسية.

المساحة الواسعة المستخدمة في المقهى بشكل مريح لونت بديكور هادئ تميز بالأبيض والأحمر حيث يعطيك انطباعا سريعا عن نظافة المكان، وخصوصا أن الأرضية البنية الفاتحة ورفوف النباتات الخضراء الموزعة في مختلف أرجائه زادت على أجواء المقهى الشعور بالدفء وحميمية الجلسة.

عمد مهندس ديكور المقهى أنطوان ثابت على المزج ما بين الخط العصري والتراثي في عمله فأبقى على الواجهات الزجاجية للمقهى وعلى أبوابه المرتفعة، بينما طلى الجدران بالأبيض وزينها بكادرات حددها بالقناطر المودرن والتي استعملها كإطار طبيعي للوحة مزخرفة تتألف من رفوف خشبية وضعت عليها أدوات ديكور بسيطة كالمزهرية وإطارات الصور وبينها صورة لشخصية ليلى الوهمية وأحجار ملونة، إضافة إلى رسومات تجريدية تقفز إلى نظرك ما إن تطأ قدمك المقهى. اختار مهندس الديكور الخشب البني ليسود طاولات المقهى، بينما نوع في أشكال المقاعد لتكون كرسيا من موديل الـ«Chaise Maurice» أحيانا وأريكة وفيرة أحيانا أخرى استخدم فيها الأقمشة ذات الألوان الدافئة لتبدو متجانسة مع الطراز العتيق للمحل والذي بني منذ أكثر من 100 عام محافظا بذلك على قيمته التراثية.

ينقسم المقهى إلى قسمين: التيراس حيث في استطاعة مرتاده تدخين النرجيلة في الهواء الطلق، ومطعم المقهى حيث بإمكانه تمضية جلسة جميلة ومريحة مع أصدقائه في منطقة خالية من التدخين يرافقها وقع صوت مطحنة البن (تقليد لبناني قديم) التي تستعمل تحت الطلب لارتشاف فنجان قهوة طازج، أو على قرقعة الصحون التي يحملها الزبائن وهم يتفتلون حول كشك السلطات (salad bar) والذي يحتوي على أطيب وأشهى أنواع الخضار والحبوب واللحوم التي نشاهدها عادة في هذه الأماكن.

كما يتضمن المقهى ثلاثة دكاكين تطالعك عند دخولك المقهى: «دكان القهوة» وتجد فيه عدة أنواع من القهوة البرازيلية العثملية واللبنانية إضافة إلى النيسكافيه والكابوتشينو والإكسبريسو وغيرها، و«دكان الحلويات والسكاكر» والذي يذكرنا بدكاكين بيروت القديمة والتي كانت تعتمد على عرض بضائعها في مراطبين زجاجية تجذبك لشرائها ولو من بعيد، و«دكان العصائر» الذي يقدم كل ما يمكن أن يخطر على بالك من عصير فواكه وكوكتيلات غذائية تحتوي على العسل والحليب والأفوكادو وغيرها.

أما قائمة الطعام فهي منوعة تحتوي على أطباق خفيفة يمكن تناولها في أي وقت قصدت فيه المقهى، أي عند الصبحية أو العصرونية أو عند المساء أو الظهيرة، وفيها سلطات لبنانية مثل «فتوش القهوة» المؤلف من الخضار الطازجة والباذنجان المشوي ودبس الرمان والخبز المحمص، و«التبولة»، و«سلطة جبن الماعز» مع الروكا والبندورة والحبق. مازة القهوة الباردة تعتبر غنية بأصناف «الحمص المتبل» بالطحينة والثوم والحامض أو الحمص بالحر أو بحوسة الكبة (البصل واللحمة المفرومة والصنوبر المقلي)، أما المازة الساخنة فتتألف من رقائق الجبنة مع البسترما ونقانق ليلى وسجق وبندورة وقصبة دجاج ليلى والبليلة وغيرها.

كما تتضمن لائحة الطعام مجموعة من أصناف الجبنة واللبنة واللبن (الحلوم المشوي واللبنة المتبلة وشنكليش وغيرها)، ومن الأطباق الجديدة والمبتكرة في «قهوة ليلى» تلك التي تقدم في أوقات العصرونية مثل كلوب ساندويتش، وكلوب ساندويتش بلدي، ويتألفان من الكعك اللبناني مع الخس الإفرنجي والحبش المدخن أو من خلطة أوراق الروكا مع الحبق، إضافة إلى طبق «المثلث الإفرنجي» وفيه ثلاثة أنواع لحوم (كفتة وكباب ودجاج مع الخس الإفرنجي).

ولا تخلو قائمة الطعام أيضا من أطباق المشاوي على الفحم (دجاج لحمة وطاووق) وغيرها، إضافة إلى أطباق الحلويات الشهية التي تتضمن قشطلية القهوة، وتريو من ليلى، وعثملية ليلى، وهي أطباق حلويات لبنانية معروفة تم تعديلها على طريقة «ليلى» (القادمة من القرية)، وكذلك بقجة شوكولا بالموز والبسكوت بالشوكولا وتارت بالتفاح.