«تماري كعك» الملقبة بـ«الكريب السوري»

سعرها زهيد وسعراتها عالية

TT

على الرغم من انتشار مطاعم الوجبات السريعة والفطائر الشرقية والغربية في مختلف المدن السورية وإقبال السوريين عليها حتى إن إحصائية شبه رسمية نشرت مؤخرا أكدت أن السوريين ينفقون نحو مليار ليرة سورية (ما يعادل مليونا ونصف مليون دولار أميركي) ثمنا للوجبات السريعة خارج المنزل، ولكن وحدها «تماري كعك» تبقى خارج هذه الإحصائية، فهي على الرغم من أنها تنتمي إلى فئة الوجبات السريعة ولكنها مختلفة عنها تماما، إن كان من حيث مكوناتها أو طريقة تحضيرها وبيعها وشعبيتها الواسعة بين مختلف فئات وشرائح المجتمع.

وتماري كعك ذات الخصوصية الدمشقية حيث لا تحضر وتباع إلا في دمشق فقط، وكما يؤكد الكثير من المهتمين بتراث المطبخ الدمشقي، فإنها انطلقت قبل نحو مائتي عام من حارات دمشق الشعبية التي عرف سكانها بتحضير الأكلات اللذيذة المذاق كالميدان والشاغور والأمين، حيث ما زال طهاتها موجودين في هذه الحارات ويقومون بإعداد رقيقة العجين المطحونة بالكعك والتمر والمسماة تمرية، التي تشبه الكريب الفرنسي، في ورش خاصة حيث يقبل باعة التماري كعك الجوالون في شوارع العاصمة على شرائها منهم وتحضيرها بشكل سريع للزبائن، مع إضافة مواد غذائية أخرى غليها كالسمسم ودبس التمر ودبس العنب والموز، ومن ثم لفها على شكل ساندويتش يتناوله الزبون عندما يكون على عجلة من أمره.

وتماري كعك التي توارثها الدمشقيون أبا عن جد لاقت في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا من قبل الذواقة، خصوصا في فصل الشتاء البارد، حيث تعتبر وجبة فطور سريعة تبعث الدفء والنشاط، لما تقدمه له من سعرات حرارية عالية من خلال وجود السكريات والدبس والسمسم والموز ودقيق القمح، وبسبب الإقبال الكبير عليها من الناس عمد الكثير من المتخصصين بتحضيرها إلى افتتاح دكاكين ثابتة خاصة ببيعها وجدت بشكل رئيسي في الأسواق القديمة كالشارع المستقيم قرب باب شرقي، وفي أسواق الأمين والشاغور والصالحية وغيرها.

يقول فادي (45 عاما)، وهو مستثمر في محل في سوق دمشقي قديم يحضر فيه التماري كعك: «كنت قبل سنتين أبيع الدخان في دكاني، ولكنني وجدت أن بيع التماري مشروع مربح أكثر، خصوصا أن تحضيرها وبيعها لا يحتاج إلى مساحة واسعة، وهذا ما يتناسب مع مساحة دكاني. البعض من أصدقائي استهجن فكرة تحويل دكاني لبيع التماري فقط، حتى إن أحدهم قال لي: (هل أنت مجنون؟!.. تجمد ملايين الليرات - قيمة الدكان - لتبيع التماري التي يمكن لأي شخص بسيط على بسطة متواضعة ودراجة هوائية أن يقيم نفس مشروعك؟!).. ولكنني لم ألقِ لآرائهم بالا ونفذت مشروعي، والحمد لاقى النجاح وأحقق منه مردودا ماليا أفضل من مشروعي السابق».

ولكن ما مستلزمات وأدوات تحضير وجبة تماري كعك؟ راكان (أبو أيلن) الشاب الثلاثيني القادم من منطقة القامشلي في الجزيرة السورية للعاصمة دمشق قبل 15 عاما، قرر تعلم مهنة تحضير التماري لدى طهاتها الدمشقيين وأخذها منذ عام 1997 عملا دائما له من خلال بسطة على دراجته الهوائية يوجد بشكل دائم في سوق البحصة وسط دمشق. يوضح راكان لـ«الشرق الأوسط»: «نأتي بالمواد الرئيسية لها من ورش خاصة، وهي بشكل أساسي العجينة المضاف إليها دبس التمر والمقلية بالزيت بشكل متوسط مع الكعكة المحمصة بفرن غاز نصف تحميص فقط، حيث تحضر في بيوت عربية بدمشق القديمة، وكما تشاهد ويرى الناس أننا نضعها مع باقي المستلزمات في قفص زجاجي نظيف ونخرج العجينة عند طلب الزبون، حيث تمد بشكل دائري لنضيف إليها الطحينة والسمسم والسكر المطحون الناعم ونقوم بلفها على شكل ساندويتش، ولزيادة استمتاع الزبون بمذاقها اللذيذ وزيادة سعراتها الحرارية نسكب قليلا من دبس العنب، وهناك إضافة أخرى أثناء لفها لمن يرغب من الزبائن وهي إضافة ثمرة موز مقطعة حيث تزيد من مذاقها ونكهتها لذة إضافية، وهناك البعض أيضا من الباعة وحسب رغبات الزبائن يضيف إليها الشوكولاته السائلة، ولكن تبقى هذه الإضافات (الموز والشوكولاته) دخيلة على التماري كعك، فالوجبة المتوارثة منذ مئات السنين كانت عبارة عن سكر ودبس».

يبتسم راكان وهو يسهب في الشرح والتوضيح وبلغة بسيطة عن فوائد التماري كعك: «كل فطيرة تماري كعك ومن دون الموز تقدم 200 سعر حراري، لقد سمعت هذه المعلومة من برنامج تلفزيوني».

تماري تأتي بأحجام مختلفة حسب رغبات الزبون وما يطلبه من إضافات فيها كما هو سعرها الذي يختلف حسب هذه الإضافات، وبشكل عام يتراوح ما بين 25 و50 ليرة سورية، فهي أرخص من أي وجبة سريعة أخرى مثل الشاورما والهمبرغر وحتى الفلافل، يتساءل راكان طالبا مني تأكيد معلومته.