مطاعم العالم تجتمع في لندن بما فيها الأكثر غرابة

من أفقر المدن بمطبخها إلى أكثرها تنوعا

TT

لا يكاد يخلو حي لندني من مطاعم متعددة الجنسيات تقدم وجبات من كل أنحاء العالم، وهو تغير كبير حدث في العقود القليلة الماضية، بعد أن كانت لندن تعرف بأنها من أفقر العواصم في تنوع وجبات الطعام لأنها كانت تعتمد أساسا على المطبخ الإنجليزي وعلى وجبتي السمك والبطاطس، والكاري الهندي.

ولكن هل يوجد شيء اسمه المطبخ الإنجليزي؟ معروف عن المطبخ الفرنسي بأنه الأفخم في أوروبا والأكثر تنوعا، كما يشتهر المطبخ الإيطالي بأنواع البيتزا والباستا. أما المطبخ الإنجليزي فهو يتكون تقليديا من اللحوم والطيور المشوية والخضراوات المسلوقة والأسماك، ثم دخلت البطاطس إليه قادمة من أميركا قبل 3 قرون.

والصفة الغالبة للمطبخ الإنجليزي أنه بسيط في التحضير ويفتقر إلى التوابل، ولكن مع تعدد الغزوات في العصور الوسطى وتمدد الإمبراطورية في القرن الـ19 كان تواصل بريطانيا مع العالم على أكثر من صعيد، واكتسبت بريطانيا شهرة بأنها بوتقة للمطبخ العالمي.

ولكن السمعة السيئة التي اكتسبها المطبخ الإنجليزي نشأت من الحرب العالمية الثانية التي كان الطعام فيها يخضع لتقنين الكميات والأنواع. وحتى بداية الخمسينات كان الإنجليز يستخدمون بطاقات التموين للحصول على الأساسيات مثل الزبد والسكر والبيض واللحوم.

الآن، تغير الوضع تماما، وأصبحت لندن عاصمة المطبخ العالمي بحيث يمكن لأي سائح أن يتناول طعام بلده في لندن أو يختار ما بين مطابخ العالم. وربما لم يبقَ من المطبخ الإنجليزي الأصيل إلا ما يعرف الآن باسم «الإفطار الإنجليزي»، وهو مكون من شرائح اللحم والبيض المقلي وحبات الطماطم المشوية والفطر المقلي وخبز التوست. ومن لوازم هذا الإفطار كوب من الشاي بالحليب.

كما يمكن إضافة ما يعرف تقليديا بـ«غداء الأحد» وهي وجبة مكونة من اللحم البقري المشوي وكعكات يوركشاير، بالإضافة إلى الخضراوات المسلوقة ثم بعض الحلوى والشاي بعد ذلك.

وما زالت بعض الفنادق والمطاعم تقدم لضيوفها في لندن خيارات بين الفطور الإنجليزي أو الأوروبي وتوفر وجبات تقليدية ظهيرة أيام الأحد.

ولكن لندن تغيرت في الـ30 عاما الأخيرة، والسبب هو أنها أصبحت مدينة دولية لجميع أجناس العالم الذي حضروا إلى لندن بمذاقات خاصة بهم إلى درجة أن هناك مسابقات لتناول الطعام العالمي من جميع دول العالم في لندن خلال عام واحد.

وتقليديا، تنتشر المطاعم الهندية التي وصلت لندن بعد الاحتلال البريطاني للهند في القرن الـ19. وبلغ من تطور المطاعم الهندية اللندنية أنها تفوقت على ما يقدم في الهند، بل وابتكرت وجبات خاصة بها لا توجد في الهند، ولكنها تشتهر بين الإنجليز مثل وجبة دجاج «تيكا ماسالا». وتتنوع المطاعم الهندية وفقا للولايات التي تنتمي إليها، ومنها مطاعم من بنغلاديش وباكستان، ولكنها تحسب على المطبخ الهندي.

أما المطاعم الصينية فهي تشتهر تقليديا بتحضير الوجبات «تيك أواي»، أي التوصيل إلى المنازل، ولكنها في السنوات الأخيرة تفرعت إلى تقديم أفخم أنواع الأطعمة الصينية، وخصوصا في منطقة غرب لندن، حيث حي سوهو الصيني. ولتسهيل الأمر على زبائنها يمكن طلب الوجبات الصينية من قائمة الطعام بالأرقام بدلا من محاولة نطقها.

الإقبال السياحي والاستثماري العقاري في لندن كان من أهم أسباب هذا التنوع في المطاعم والمقاهي في لندن. وفي فئة القمة تبحث النخبة عن التميز عبر الاستعانة بقائمة مطاعم ميشلان التي تمنح النجوم إلى المطاعم وفقا لدرجة تفوق الطهاة فيها.

وفي بريطانيا لا توجد إلا 3 مطاعم فقط تحمل 3 نجوم من ميشلان، وهي مطعم الطاهي الفرنسي المخضرم الآن دوكاس في فندق دورشستر، ومطعم غوردن رامزي في رويال هوسبيتال رود، والثالث هو مطعم «ووترسايد إن» لألين رو.

ومن يعتقد أن باريس تتألق في المطبخ الفرنسي، يجب أن يعيد حساباته، حيث يقول أحد أكبر الطهاة الفرنسيين العاملين في لندن، وهو جويل روبوشون، إن لندن الآن تقدم مطاعم أكثر ابتكارا من باريس. وهو يؤكد أن لندن هي عاصمة الطعام في العالم.

وروبوشون يعي ما يقوله فهو صاحب واحد من أهم مطاعم العالم الحاصلة على نجوم ميشلان، ويقول إن لندن تقدم الآن أكبر تشكيلة من الوجبات العالمية عن أي مدينة أخرى في العالم، وبرأيه فلندن هي المدينة الوحيدة التي يمكن فيها تناول كل أنواع الطعام، كما يحدث فيها التجديد لتقديم الجديد. فكل ابتكارات الوجبات الجديدة.

وهو يقول إنه منذ 30 أو 40 سنة كانت باريس هي مركز الطعام الفاخر عالميا وكانت لندن تفتقر إلى التنوع، بل إن نوعية الطعام فيها كانت رديئة. ولكن الوضع تغير الآن، حيث يوجد في لندن أفضل المطاعم اليابانية والهندية والفرنسية.

* المطاعم اللبنانية

* في السبعينات يتذكر سكان لندن العرب أن أحد أشهر المطاعم اللبنانية حينذاك، وربما ما زال، هو مطعم فخر الدين في بيكاديللي. الآن تنتشر المطاعم اللبنانية في جميع أنحاء لندن وخارجها حتى إنها أصبحت تجذب من الإنجليز والسياح أكثر من العرب. وهي تنافس بالنوعية والشهرة بين الجالية العربية في لندن.

وتنتشر الآن مجموعة مطاعم مروش في منطقة ماربل أرش، بالإضافة إلى بيت الدين في نايتسبردج والسلطان في غرين بارك وبيبلوس في هامستيد، وخطارة في هامرسميث، ودليلة في باترسي، والقلعة في كامدن تاون، والساحة في بادنغتون، وبالميرا في كيو، وأشبيلية في نايتسبردج، وسيدار في كوينز بارك، وراندا في كنسنغتون، وفيروز في مارلبون و«يامال الشام» في نايتسبردج، وفينيقيا في بايزووتر، ونورا بفرعيه في فيكتوريا ومايفير، والعشرات من المطاعم الأخرى.

وهناك عدة تصنيفات لهذه المطاعم، أفضلها هي التعليقات التي يتركها الزبائن على مواقع المقارنة بين المطاعم، حيث يمكن منح أفضل المطاعم 5 نجوم، بينما يقتصر البعض على نجمة واحدة لتقديم طعام مقبول، ولكنه غير متميز.

* مطاعم غير عادية

* بعد تجربة معظم مطاعم لندن من كل الجنسيات، يتعين تجربة أحد المطاعم غير العادية في لندن. وهي متنوعة في الأفكار والوجبات ومنها النخبة التالية:

- مطعم «بونغا بونغا»: ويتم الدخول إليه عبر كشك هاتف إيطالي، وطاولة مشروبات تشبه زوارق الغوندولا الإيطالية، وهناك حائط مخصص لترك تعليقات حول رئيس الوزراء الإيطالي السابق سلفيو برلسكوني الذي كانت له فضيحة عرفت باسم هذا المطعم. ويقع المطعم في منطقة باترسي.

- «ليه تروا غارسون»: وهو غريب في ديكوراته الداخلية المليئة بالستائر الثقيلة والأشياء غير التقليدية في الأركان مثل الحيوانات المحنطة، وهو ليس رخيص الثمن، ولكن أكلاته متميزة وفقا لمن جربوه.

- «أركيبيلاغو»: وهو من أغرب مطاعم لندن من حيث المأكولات التي يقدمها والتي تشمل وجبات التماسيح والغزلان البرية والعقارب والجراد بالثوم. وهو يقع في منطقة فيتزروفيا غرب لندن.

- «ساراسترو»: وهو يقع في «دروري لين» في كوفنت غاردن ويقدم حفلات الأوبرا الحية مع العشاء وأحيانا الرقص الشرقي أيضا، وهو يزدحم بالموائد التي يصلها السقاة بصعوبة! ويقدم المطعم أنواع الوجبات التركية والشرقية.

- «برغر ولوبستر»: وهي وجبات عادية، ولكن غرابة المطعم في أنه لا يقدم أي شيء آخر غير هاتين الوجبتين، وهو يقع في منطقة سان بول شرق لندن.

- «سيركس»: وهو فعلا مطعم يشبه السيرك، حيث يتناول الزبائن طعامهم وسط بهلوانات تقفز من السقف وتنفخ النيران وراقصات حول الموائد. وفي نهاية الوجبات يأمر البهلوانات الزبائن بالرقص فوق الموائد! يقع المطعم في منطقة كوفنت غاردن غرب لندن.

هذه الجولة السريعة بين مطاعم لندن تفتح آفاقا جديدة للزائر بحيث يعتبر زيارته المقبلة إلى لندن مناسبة لتناول طعام شعوب العالم أجمع من مدينة واحدة.