مطعم الاسبوع : المصريون يحتفلون بأعياد الميلاد بالبيض «المزعلل» والديك الرومي و«المحمر والمشمر»

الكعك سيد مائدة الأعياد عندهم

TT

اشتهر المصريون منذ القدم بتقديسهم الطعام، كما ورد في حكمهم المنقوشة على جدران المعابد، ومنذ القدم تطغى على احتفالاتهم أصناف المأكولات والمشروبات في طقوس احتفالية.

وظل المصريون على مدى قرون كثيرة يحتفلون بأعياد الأديان السماوية الثلاثة بوصفها فرصة لإقامة العزائم والولائم والتجمع سواء الجيران أو الأهل، حيث كان المسلمون والمسيحيون واليهود يقيمون الاحتفالات أيا كان العيد، وتعم البهجة على الجميع، وكان الصنف الذي لا غنى عنه في أي احتفالات والحاضر دائما هو «الكعك» بأنواعه، إلا أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي مرت بها مصر قللت مظاهر الاحتفالات والولائم التي تقام، فأصبحت الاحتفالات تقتصر على أفراد العائلة، حيث تجتمع العائلات في منازل الأجداد وتصبح فرصة لـ«لمّ الشمل».

ولا تقتصر احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة على المسيحيين فقط، وإنما يحرص كثير من العائلات المسلمة على الاحتفال بالعام الجديد، حيث يحرص كثير منها على إعداد وجبات دسمة وأصناف «المحمر والمشمر» التي تحتوي على اللحوم والسمن أو الزبد، وبعض العائلات تعتقد أن طبق الملوخية لا بد أن يكون حاضرا سواء في رأس السنة الميلادية أو الهجرية، باعتبار لونه الأخضر «بشرى للخير» وأن السنة ستكون خضراء.

كما تعد كثير من العائلات المسلمة أنواعا من الكيك والتورتات، ويحرصون على قضاء سهرة خارج المنزل، لكن الغالبية العظمى من العائلات التي لا تستطيع السهر خارج المنزل، تحرص على توفير قدر كبير من المسليات من اللب والفول السوداني والمكسرات للتجهيز لسهرة مميزة أمام التلفاز ومتابعة العرض الأول للأفلام خاصة في المناطق المعروفة بطقسها السيئ والأمطار الشديدة.

وطوال شهر ديسمبر (كانون الأول)، تعتبر الأسماك سيدة الولائم التي تقام، خاصة لدى المسيحيين من طائفة الأرثوذكس، حيث يمتنعون عن اللحوم والألبان ومشتقاتها والبيض، ويسمح بتناول الأسماك خلال أيام الصيام المعروفة بـ«صوم الميلاد» التي تبدأ من يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) وتستمر حتى يوم 6 يناير (كانون الثاني)، وتحرص ربات البيوت على الذهاب للأسواق واغتنام «شروة» جيدة من الأسماك الطازجة سواء للقلي أو للطهي في الفرن أو للطواجن، وكذلك فواكه البحر خاصة في المناطق الساحلية في الإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية والسويس، حيث تنتشر على الموائد أصناف الجمبري والدينيس والسبيط، أما في محافظات الوجه القبلي أو الصعيد، فتصبح الأسماك النيلية هي الطاغية مثل: البوري النيلي، والبلطي، إلا أنه غير مسموح بتناولها خلال أيام الأربعاء والجمعة.

وتقول ميلدا رزق، التي تنتمي لعائلة أرثوذكسية من الإسكندرية: «أشهر الأكلات التي تقدم في احتفال عيد الميلاد هي الفتة واللحم، والملوخية طبق أساسي، لكن هناك عائلات تقدم الديك الرومي، كما يقدم البيض المقلي، أو كما يطلق عليه المصريون (المزعلل)، وبالطبع كعك العيد والـ(بيتي فور) والغُرَيِّبة».

ويتربع «الديك الرومي» على رأس مائدة احتفالات أعياد الميلاد يوم 25 ديسمبر لدى الكاثوليك المصريين، وتقدم بجواره أشهى الأصناف المصرية، بحسب كارول كمال، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «ليست هناك أصناف محددة تقدم بجانب الديك الرومي، لكن كل عائلة تقدم الأطباق المحببة إليها.. هناك من يعشق الفتة واللحم، وهناك من يقدم المكرونة بالبشاميل، أو الكوسة بالبشاميل، أو المحاشي، والبعض يحرص على وجود الكعك». وتضيف ضاحكة: «تسهر السيدات وربات البيوت ليلة 24 ديسمبر لإعداد الوليمة التي يجتمع فيها أفراد العائلة، والسيدة المعروفة بمهارتها في إعداد المخبوزات أو الحلويات تقوم بعمل كميات كبيرة لتوزيعها على باقي أفراد العائلة، لكن هناك عائلات تقيم الوليمة الكبرى ليلة العيد مساء بعد الذهاب للكنيسة، ويفضلون تقديم اللحم المسلوق بجوار الفتة وجبة خفيفة». وتقول: «يعتبر الطقس المميز أنه عقب الخروج من الكنيسة توزع الكنيسة علينا قطع الشوكولاته والحلويات لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال، لكن الحقيقة الكبار يحبون هذا الطقس الذي يذكرهم بطفولتهم أيضا».

أما سالي جورج، فتقول: «يوم 25 يكون احتفالا كبيرا وتجتمع كل العائلة وأصدقاء العائلة من الجيران المسلمين، وتشمل السفرة كل الأصناف التي أعرفها، كما يقولون (المحمر والمشمر) بداية من الديك الرومي المحشو بالأرز، والحمام المحشو بالفريك.. بعض العائلات تقدم البط على الطريقة الفرنسية، وبجواره الرقاق باللحم المفروم، أو البطاطس المحشوة باللحم المفروم والشبت، والأرز المعمر، وأصناف المشويات، من الدجاج والسمان والحمام والكفتة، والسلطات المصرية والفرنسية، وطبعا تورتة عيد الميلاد، وتقوم الجدة بتوزيع الشوكولاته والملبس والحلويات».

أما في صعيد مصر، فتقول ميريت محسن، التي تنتمي لعائلة أرثوذكسية من محافظة أسيوط، لـ«الشرق الأوسط» إن «أهم طقس احتفالي في صعيد مصر هو قيام ربات البيوت بإعداد أصناف وأشكال مختلفة من الكعك، ويبدأ تجهيزه من يوم 1 يناير، حيث يتم تجهيز صناديق كرتونية للبسكويت والكعك بالسكر والـ(بيتي فور)، واللانكشير، حيث يتهافت عليه الصغار والكبار صباح يوم الإفطار الموافق 7 يناير» وتشير إلى أن «هناك بعض العائلات تحرص على ذبح العجول والأبقار في يوم العيد لإعداد ولائم كبرى، لأن العائلات هناك تقدر أعدادها بالعشرات».

وطوال شهر ديسمبر ينتشر الباعة في الشوارع والطرقات ومعهم «بابا نويل» و«العصا الملونة»، وتحرص العائلات على شراء شجرة العيد وتزيينها وتزين الشرفات، وتخرج العائلات الكاثوليكية والأرثوذكسية للتنزه في الحدائق والمتنزهات وللاستمتاع بالشمس الدافئة.

كما يعتبر تقديم المشروبات الساخنة التي تدخل فيها الألبان، ومنها الشاي باللبن، والشوكولاته الساخنة، والسحلب بالمكسرات، من أبرز الطقوس الاحتفالية خصوصا أنه أصبح مسموحا بتناول الألبان.