الهند: أزمة تعليم أبناء الفقراء

التعليم العالي بات وسيلة فعالة لتسلق السلم الاقتصادي والاجتماعي

4 من بين 10 لا يمكنهم قراءة نص في السنة الدراسية الثانية المدارس الحكومية تحولت الى مراكز احتجاز لاولاد الفقراء (نيويورك تايمز)
TT

مع ارتفاع الندى من الحقول الزراعية اتجه عشرات من الاطفال الى المدرسة المكونة من غرفتين في هذه القرية الفقيرة الصغيرة، يحملون قش الارز لاستخدامه كمقاعد. وقد دخل المدرسة العديد من الاطفال لدرجة ان المدرس الاول رشيد حسن، اخذ يطلع على سجلات الحضور لمدة ساعتين واشتكى بمرارة. فلم تكن لديه اية فكرة من التلاميذ في أي فصل دراسي. ولم تكن هناك طريقة لمعرفة ذلك.

ووصل مدرس اخر متأخرا 90 دقيقة. بينما لم يحضر مدرس ثالث على الاطلاق. بينما الشخص الوحيد الذي حمل شهادة تؤهلها للتدريس كان في مهمة حكومية لإعداد سجلات الناخبين.

وقال ارناب غوش 26 سنة وهو موظف شؤون اجتماعية يحاول مساعدة الحكومة على تحسين المدارس «عندما يكبر الاولاد، سيلعنون مدرسيهم».

وبعد مرور 60 سنة على الاستقلال، و40 في المائة من السكان اقل من 18 سنة، تواجه الهند الان نتائج فشلها في تعليم مواطنيها، ولا سيما الفقراء. فقد انضم مزيد من الاطفال الهنود الى الدراسة ولكن مستوى المدارس العامة مثل هذه المدرسة انخفض انخفاضا كبيرا، بعدما اصبحت المدارس الحكومية مراكز لاحتجاز الاطفال في قاع السلم الاجتماعي الهندي.

ويأتي اطفال تلك المدارس من افقر الاسر، هؤلاء الذين لا يمكنهم ارسال اولادهم الى المدارس الخاصة.

وتشتهر الهند بوجود نظام تعليمي ضعيف للاطفال، في الوقت الذي طورت فيه جامعات حكومية ذات مستوى عال. ولكن في الماضي كان في امكان دولة فقيرة وزراعية عدم الاهتمام بملايين الاميين، ولم يعد الامر كذلك. فقد بدأت الهند تعاني من نقص العمالة الماهرة، ولكن العديد من الطرق الجديدة واجهزة الهاتف والتلفزيون قد اثارت طموحات تحقيق انجازات اقتصادية بين شعوبها.

واستمرار نقص المعدات في المدارس يوضحه احصائية سنويا اجرتها براثام المنظمة التي يعمل فيها غوش. ففي اخر استطلاع، اجرى بين 16 الف قرية في العام الماضي، تبين انه بالرغم من وجود مزيد من الاطفال في المدارس، فإن عددا كبيرا منهم لا يعرفون القراءة او الكتابة.

ومن بين الاطفال في السنة الخامسة تبين ان 4 من بين 10 لا يمكنهم قراءة نص في السنة الدراسية الثانية، و7 من بين عشرة لا يمكنهم اجراء عمليات طرح. ويناقش خبراء التعليم اسباب الفشل، فيشير البعض الى ان اطفال الاسر الامية اقل احتمالات للحصول على مساعدة في بيوتهم. واظهر استطلاع براثام ان اطفال الامهات الاميات يحققن نتائج جيدة في المدارس. بينما يلوم البعض الاخر الاهمال طويل المدى، وعدم التمويل الكافي، وانعدام الحوافز بين المدرسين.

وبعيدا عن الجدل تشارك الهند في تجربة ملحمية لرفع مستوى مدارسها. وعبر الطريق توجد العشرات من العراقيل، ويواجه غوش، في زيارته للقرى مثل تلك المشاكل.

ويشتكي الاشخاص الذين استخدمتهم الحكومة لجذب مزيد الاطفال للمدارس من انهم لم يحصلوا على الاموال المطلوبة لشراء مواد تعليمية، او ان المدارس توقفت عن تقديم الغذاء للاطفال بالرغم من وجود اجولة الارز في المدارس.

وحتى هنا في تلك القرية، وهو المكان الذي هاجر منه ملايين من غير المتعلمين الى المدن للعمل، بدأت الرغبة في التعليم في التأصل. فالمتعلم لن يجد عملا بسهولة فقط، كما يعتقد الاباء، ولكن لن يتعرض للمشاكل والغش.

واصبح التعليم في الهند الجديدة علامة هامة على الظلم. فمن بين افقر 20 في المائة من الرجال الهنود، تبين ان نصفهم من الاميين، و 2 في المائة تخرجوا من المدارس العليا. طبقا للاحصائيات الحكومة. وبالمقارنة تبين انه من بين اغنى 20 في المائة من الرجال الهنود، نصفهم تقريبا انهوا تعليمهم المدرسي و 2 في المائة فقط من الاميين.

وبنفس الاهمية في الوقت الذين يذهب فيه واحد فقط من بين كل 10 مؤهلين للتعليم الجامعي، فإن التعليم العالي اصبح اكثر وسيلة فعالة لتسلق السلمين الاقتصادي والاجتماعي. وكشفت دراسة اخيرة من اقتصاديين في دلهي ان بين عامي 1993 و 2004 و2005 حصل خريجو الجماعات على زيادة في مرتباتهم بلغت 11 في المائة سنويا، بينما حصل الاميون على زيادة تصل الى 8.5 في المائة. وقد بدأت الهند اخيرا في الاستثمار في التعليم. فقد زاد الانفاق على المدارس زيادة مطردة في السنوات القليلة الماضية، وتقترح الحكومة الان مضاعفة التزامها المالي في السنوات الخمس الماضية. وفي الوقت الراهن يمثل للانفاق على التعليم 4 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي. ويوجد في كل قرية بها الف تلميذ مدرسة ابتدائية.

وحتى في ولايات فقيرة مثل بيهار، التي يسكنها 83 مليون شخص في 2001، وحيث المدارس في وضع سيئ ، فإن مستوى الجهود هائل. ففي السنة الماضية تم تعيين 100 الف مدرس. وتدفع الحكومة للعاطلين عن العمل في القرى اجرا لتشجيع الاولاد على الانضمام للمدارس. وتم تشكيل لجنة للتعليم في القرية. وتم انفاق كميات ضخمة من الاموال على التعليم، لشراء مقاعد دراسية.

وبالرغم من ذلك فإن تجربة لاهتورا تشير الى ان النيات الحسنة يمكن ان تصبح معقدة تعقيدا شديدا على الارض.

وفي الوقت الراهن، لا تفتقر القرية الى ميزانية لمدارسها. فقد خصصت الولاية 15 الف دولار لبناء مدرسة جديدة و900 دولار لمطبخ المدرسة و 400 دولار للمقاعد الجديدة.

ولكن لم يصل الا كمية قليلة من هذه الميزانية. ولذا لم يبدأ تشييد المدرسة حتى الان.

وتبين ان رئيس لجنة التعليم في القرية هو عم كبير المدرسين. وهو ما يعقد قضية المحاسبة. وقال واحد من الاباء لغوش ان الشكاوى لا يتم النظر فيها، لان المدرسين مرتبطون بشخصيات قوية في المجتمع.

وهو امر منتشر في بلد تعتبر فيه وظيفة التدريس وسيلة قوية للرعاية السياسية.

* خدمة «نيويورك تايمز»