جدل حول طريقة جديدة لعلاج سرطان البروستاتا

تعرف باسم «التكثيف العالي المركز على ما فوق الصوت»

فريدريك جاليك عانى من صعوبات علاجية («نيويورك تايمز»)
TT

ينتظر في بعض عطل نهاية الأسبوع ما يقرب من 10 أميركيين في فنادق واقعة على الشاطئ، قلقين على عدم قدوم دورهم من أجل العلاج الطبي في مستشفى صغير خاص.

وهؤلاء هم سياح لأغراض طبية حيث أصيبوا بسرطان البروستات. وهم يقفون في طابور للحصول على آخر علاج جرى الإعلان عنه مع صور لأزواج يتمشون على الشاطئ، حيث طرحت بأنها طريقة لمعالجة المصابين بسرطان البروستات بينما هم يحتفظون بحياتهم الجنسية.

وتسمى طريقة العلاج بـ «التكثيف العالي المركز على ما فوق الصوت» أو «HIFU». ولم يجر المصادقة عليها في الولايات المتحدة لكنها أصبحت ذات شعبية عالية بينما راح بعض خبراء السرطان يحذرون منها. وهم يحاججون بأنه ليست هناك أدلة كافية تثبت أن العلاج يوقف السرطان على مدى بعيد كما أنهم يشددون على أن التأثيرات الجانبية الناجمة عن علاج «HIFU» ليست قليلة كما تقول الشركة المشرفة على العلاج والمنظمة للرحلات في عطل نهاية الأسبوع.

وتجذب هذه الشركة الاهتمام لطريقة علاجها الحازمة عددا من أطباء اميركيين وهؤلاء يمضون في دورات تدريبية كي يعالجوا المرضى. وتطلب الشركة من زبائنها أتعابا تصل إلى ما بين 25 ألف و30 ألف دولار، وهي تكاليف غير مغطاة من قبل شركات التأمين الصحي. ومن هذا المبلغ تدفع الشركة للأطباء ما بين 5000 إلى 7500 دولار وهو أكثر بعدة مرات ما يحصل عليه الأطباء المعالجون لسرطان البروستات في الولايات المتحدة.

ويشعر منتقدو هذه الطريقة العلاجية بأن الدوافع المالية قد تكون هي الأساس وراءها وهي قد تؤثر على القرارات الطبية. وقال الدكتور توماس غاردنر من كلية الطب في جامعة انديانا: «الأشخاص الذين يعالجون هناك يكسبون الكثير من المال». وعلى الرغم من تحفظاته فإن الدكتور غاردنر متحمس حول الإمكانيات التي تحملها الطريقة الجديدة.

لكن الشركة تقول إنها عالجت أكثر من 1000 رجل في مراكزها منذ عام 2004 وقال ستيفن بوكيت رئيس الشركة إن هؤلاء المرضى «يجب أن يمتلكوا الحق لاختيار الطريقة العلاجية واختيار المكان الذي يذهبون إليه».

ومن بين هؤلاء المرضى، هناك غاري كريسمان، 54 سنة، الممثل لشركة منتجة من بترسبورا إنه كان واحدا من خمس أميركيين عولجوا في مستشفى خاص هنا خلال عطلة نهاية أسبوع في ديسمبر الماضي. وقال كريسمان إنه كان يعتبر العملية الجراحية والإشعاع لكنه قلق على التأثيرات الجانبية الناجمة عن تلك الطريقة من حيث العجز الجنسي والعجز في ضبط البول.

وقال كريسمان: «لم أرد أن أعاني من مشكلة عدم التحكم في البول ولم أواجه مشكلة الانتصاب». وقال كريسمان بعد ذلك، إن العلاج الجديد مكنه من أن يحتفل بتناول عشاء في مطعم الفندق.

حتى المرضى الذين تظهر شهاداتهم في موقع الشركة على شبكة الانترنت لا تنتهي دائما بنتائج ايجابية. وقال تشارلز رينوالد، المقيم في تيكيستا بولاية فلوريدا، ان الدكتور ساريز عالجه في جمهورية الدومينيكان في يونيو (حزيران) 2004. وأشاد رينوالد في ما كتبه في الآونة الأخيرة على موقع الشركة في الانترنت بـ«هايفو» على الأعراض الجانبية المحدودة. ولكن بعد ثلاث سنوات ونصف قال رينوالد، الذي يبلغ من العمر الآن 82 عاما، انه لم يتعالج من السرطان. وعلى الرغم من ذلك يرى رينوالد، وهو محام متقاعد ومؤسس جمعية تسعى إلى إيجاد أنواع علاج جديدة للسرطان، ان «هايفو» يجب ان تظل متوفرة للمرضى، كما انه لم يطلب من الشركة إزالة شهادتها المنشورة على الموقع. الشركة من جانبها رفضت مناقشة الحالات الفردية. وقال الدكتور سواريز، وهو واحد من مالكي الشركة، انه أقام ماكينة «هايفو» في جمهورية الدومينيكان قبل خمس سنوات بعد ان علم بهذه التكنولوجيا خلال حضوره لمؤتمر حول طب المسالك البولية. اتجه سواريز بعد ذلك إلى تأسيس الشركة مع بوكيت، الذي كان قد أسس في وقت سابق «ميدكاث كوربوريشن»، وهي مجموعة مستشفيات متخصصة في أمراض القلب. على الرغم من ان المراكز العلاجية الدولية للشركة تقع خارج نطاق السلطة القضائية لإدارة الأغذية والعقاقير، فإن الشركة تمول الدراسات الطبية التي تصادق عليها هذه الإدارة وتهدف إلى الحصول على المصادقة على العلاج. وجرت المصادقة على طريقة العلاج في كل من دول الاتحاد الأوروبي وكندا، حيث يسافر بعض الاميركيين لتلقي العلاج في مراكز تديرها عدة جهات توفر العلاج. إلا ان ثمة شكوكا وسط عدد من الأطباء الاميركيين البارزين، فضلا عن تساؤلات «الرابطة الاميركية لأمراض المسالك البولية»، إذ يرى هؤلاء انه لا توجد معلومات كافية يمكن ان يتم على أساسها تقييم «هايفو». وقال رئيس برنامج علاج سرطان البروستات، الدكتور بيتر سكاردينو، ان هذا الإجراء ربما يثبت انه مفيد لحالات محددة لكنه يشكل علاج من الدرجة الثانية بالنسبة لعلاج الحالة العادية لسرطان البروستات. ويعتبر الدكتور سكاردينو ضمن مجموعة من خبراء في مجال سرطان البروستات يرون ان طريقة العلاج هذه لا تقضي على السرطان تماما ما دامت علاج «هايفو» يبقي على القوة الجنسية. جدير بالذكر ان أنواع العلاجات الأولية لسرطان البروستات بها احتمالات إصابة بالعجز الجنسي تبلغ 50 بالمائة، فضلا عن مخاطر أقل فيما يتعلق بالتحكم في التبول. وقال الدكتور سواريز والدكتور سيونتي ان بوسعهما خفض نسبة العجز الجنسي إلى أقل من 10 بالمائة، إلا ان بعض الأطباء يشككون في هذه الأرقام. وقال الدكتور كاري روبرتسون، وهو أخصائي مسالك بولية اطلع على «هايفو»، ان البحوث التي نشرت تشير إلى ان أكثر من 50 بالمائة من المرضى الذين خضعوا للعلاج من المحتمل ان يفقدوا كل أو جزءا من قوتهم الجنسية. اما الشركة، فقد أعلنت ان التحسينات التي أجريت على الأجهزة منذ استكمال هذه الدراسات قد خفضت معدلات العجز الجنسي. كما ان هناك تساؤلات أيضا حول ما إذا كانت معدلات علاج السرطان الطويل الأمد لـ«هايفو» عالية أيضا شأنها شأن أنواع العلاج المعروفة.

*خدمة «نيويورك تايمز»