طوكيو: الروايات المكتوبة عبر الجوال تحقق أعلى المبيعات

جدل بين النقاد حول ظاهرة هيمنة يوميات «الجوال» على الشباب

تسهيلات شركات الهواتف الجوالة ساعدت في تحويل الرسائل النصية الى روايات ويوميات («نيويورك تايمز»)
TT

لفترة قصيرة كانت فكرة كتابة روايات على الهواتف الجوالة وقراءتها من قبل الأشخاص المعجبين على شاشات هواتفهم، غير مقبولة كصنف فرعي في اليابان، التي أعطت العالم أول رواية قبل ألف عام. إنها «حكاية الجني». ثم في الشهر الماضي كانت الروايات المكتوبة على الهواتف الجوالة هي الأكثر مبيعا وأعيد طبعها في كتاب وهي لم تتغلغل ما بين الكتب الشائعة بل تمكنت من التغلب عليها.

فمن بين أكثر العشر روايات رواجا كانت هناك خمس منها مكتوبة في الأساس على هواتف جوالة، وأغلبها قصص حب كتبت بجمل قصيرة لكنها تتضمن قدرا من الحبكة أو تطورا للشخصية يمكن العثور عليه في الروايات التقليدية. والأكثر من ذلك هو أن أكثر الروايات الثلاث رواجا هي تلك المكتوبة على هواتف جوالة.

وقالت صحيفة أدبية مشهورة تعرف باسم «بانغاكو ـ كاي»: «هل ستقتل الروايات المكتوبة على الهاتف الجوال المؤلف؟». لكن المعجبين بها يعتبرونها صنفا أدبيا جديدا تم خلقه واستهلاكه على يد جيل لا تزيد قراءاته عن كتب القصص المصورة. وقال بعض النقاد إن ظاهرة هيمنة الروايات المكتوبة على الهواتف الجوالة مع نوعيتها السيئة سيسرع في تدهور الأدب الياباني.

احد هؤلاء النجوم فتاة عمرها 21 سنة اسمها رين وكتبت رواية اسمها «إذا كنت» خلال فترة ستة أشهر أثناء عام دراسي لها في الثانوية. وبينما كانت تسافر كل يوم إلى عملها بدوام جزئي أو حينما يكون لديها وقت قصير فإنها تطبع فقرات منها على جوالها وتحوله إلى موقع شعبي خاص لكتّاب في طور التشكيل.

وبعد أن صوت قراء الهواتف الجوالة لصالح روايتها باعتبارها الاولى في نوعها تحولت هذه الرواية إلى نص مطبوع بـ 142 صفحة مع غلاف مقوى في السنة الماضية وبيع منه 400 ألف نسخة وأصبح أفضل خامس كتاب من حيث الرواج بالنسبة للروايات في سنة 2007 حسبما جاء في قائمة أصدرتها دار توزيع مشهورة اسمها توهان.

ويبدو أن ازدهار هذا الصنف الجديد من الروايات جاء نتيجة لقرار شركات الهواتف الجوالة بعرض تحويل غير محدود لمعلومات مكتوبة مثل الرسائل النصية كجزء من إغراء استخدام ماركاتهم. وبدأت دوكومو التي تعد أكبر ممول بتقديم هذا النوع من الخدمات منذ منتصف عام 2004.

وقال المحرر شيغيرو ماتسوشيما الذي يشرف على الموقع الخاص بخزن هذا النوع من الروايات إنه «يمكن للفواتير أن تصل بسهولة إلى 1000 دولار مثلما عانى الكثير من الناس بل أن البعض سماها رزم الموت».

ويتوافق توفر الهواتف الجوالة بأسعار مناسبة مع حلول جيل من اليابانيين ممن تعتبر الهواتف الجوالة بالنسبة لهم أكثر من الكومبيوترات الشخصية، جزءا لا يتجزأ من حياتهم منذ المدرسة الثانوية. ولهذا فانهم يقرأون الرويات على هواتفهم الجوالة على الرغم من أن المواقع على الانترنت ذاتها متيسرة على الكومبيوتر. وهم يدونون الرسائل النصية بأطراف اصابعهم بسرعة هائلة ويستخدمون تعابير ورموزا مثل التشبيهات والنوتات الموسيقية التي غابت تنويعاتها الدقيقة بالنسبة لكل من تجاوز الخامسة والعشرين من العمر.

وقال تشياكي ايشيهارا، الخبير بالادب الياباني في جامعة واسيدا الذي درس روايات الهواتف الجوالة ان «الأمر لا يعود الى أن لديهم رغبة في الكتابة وانه صادف ان يكون الهاتف الجوال موجودا. بل انه في سياق تبادل الرسائل الإلكترونية فان هذه الوسيلة خلقت رغبة لدى الهاتف الجوال الموجود فيها بالكتابة».

والحقيقة ان الكثير من الروائيين لم يسبق لهم أن كتبوا رواية والكثير من قرائهم لم يقرأوا رواية من قبل، وفقا لما يقوله الناشرون.

ولا يدفع للكتاب مبلغ مقابل عملهم على الانترنت، بغض النظر عن ملايين المرات التي تجري فيها مراجعة عملهم. واذا كان هناك ما يدفع فانه يأتي عندما يعاد انتاج الروايات وبيعها ككتب تقليدية. ولدى القراء امكانية مجانية للدخول الى مواقع الانترنت التي توجد فيها الروايات أو ان على القارئ ان يدفع ما لا يزيد على دولار أو دولارين شهريا، ولكن المواقع تحقق معظم ارباحها من الاعلانات.

وقالت نايتو، 36 عاما، التي بدأت مؤخرا كتابة رواية الهاتف الجوال بتحفيز من ناشرها انه «في روايات الهاتف الجوال انت لست بحاجة الى التصوير العاطفي في مكان معين. اذا ما بقيت مقتصرا على مكان معين فان القراء لن يكونوا قادرين على الشعور بالأشياء المألوفة».

ويبدو ان كثيرا من روايات الهاتف الجوال المكتوبة بالشخص الأول مثل يوميات. وجميع المؤلفين تقريبا من الشابات اللواتي يكتبن عن القضايا العاطفية، وربما كن السليلات الروحيات لشيكيبو موراسكي، الليدي التي عاشت في القرن الحادي عشر وكتبت «قصة جينجي». وقد قرات رواية «سماء الحب»، وهي الرواية الأولى لشابة اسمها ميكا، من جانب 20 مليون شخص على الهواتف الجوالة او على الكومبيوترات.

واذا ما أخذنا هيمنة روايات الهاتف الخليوي على الاتجاه السائد فان النقاد لم يعودوا رافضين لها، على الرغم من ان البعض يقولون انها يجب ان تصنف ضمن الكتب الكوميدية او الموسيقى الشعبية.

وبينما تؤدي شعبية هذا النوع الأدبي بمزيد من الناس الى كتابة روايات الهاتف الجوال فان سؤالا هاما يطرح: هل يمكن لعمل ان يسمى رواية هاتف جوال اذا لم يكن مؤلفا على هاتف جوال، وانما على كومبيوتر أو بخط اليد؟ وقال كيكو كانيماتس، المحرر في غوما بوكس، وهي مؤسسة لنشر روايات الهاتف الجوال، انه «عندما يكتب عمل على الكومبيوتر فان الفارق في عدد السطور مختلف والايقاع مختلف عما هو عليه الحال على الهاتف الجوال. ولن يعتبر بعض المتشددين ذلك العمل من روايات الهاتف الجوال».

* خدمة «نيويورك تايمز»