من يحدد شهرة المتحف.. الأمين أم التمويل؟

مجموعة من أمناء المتاحف، أثناء تلقيهم دورة تدريبية («نيويورك تايمز»)
TT

لا يجد الاداريون في المستشفيات أنفسهم يقدمون النصائح او الارشادات الى أمناء متاحف الفنون. ولكن في منزل فاخر في حي آبر ايست سايد في نيويورك، ابلغ هارولد فارموس، الحائز جائزة نوبل ورئيس مركز سلون كيترينغ للسرطان، مجموعة من امناء المتاحف الكبرى امرا اثار دهشتهم. وقال الدكتور فارموس «أقول إنني قضيت اقل من خمس في المائة من وقتي في جمع التبرعات». ثم أضاف بطريقة تكاد تكون عابرة، انه ساهم في جمع ما يقرب من ملياري دولار خلال 8 سنوات عمل فيها في المستشفى. واللغة المشتركة في هذه المواجهة هي الموارد النادرة: الوقت، وأيضا بصفة خاصة المال، هو امر مهم في عالم المتحف كما هو في مجال الصحة. ويأتي المال عادة، كما اوضح الدكتور فارموس، لهم من مجموعة صغيرة نسبيا من الناس، معروفة لكل من يجلس حول هذه الطاولة. «المتبرعون لي، هم المتبرعون لكم».

لقد قضى امناء المتاحف وعددهم عشرة ـ العديد منهم من نيويورك والباقي من جميع انحاء البلاد وواحد من لندن ـ اسبوعين بعيدا عن التفكير في الفنون للتفكير، بدلا من ذلك بخصوص قضايا غير متعلقة بالفنون، التي تزداد سيطرتها على وقت رؤسائهم، مديرو المتاحف: الحضور والتبرعات واعمال التشييد، والوقف والاهتمام الاعلامي والدعم الحكومي، والميزانيات والمزيد من الميزانيات.

وكانوا اول مجموعة تدرس في مركز قيادات امناء المتاحف وهو برنامج تأسس في العام الماضي، لمواجهة ما يعتبره العديد في عالم المتاحف حاجة ضرورية للامناء لكي يصبحوا رجال اعمال افضل. والهدف الجزئي هو ان رجال الاعمال لا يديرون متاحف. ويهدف البرنامج ايضا لمساعدة الجيل القادم من مديري المتاحف للتعامل الضغوط المالية المتزايدة على المؤسسات الفنية وهي تتنافس من اجل زيادة عدد الزوار مع بعضها البعض ومع قطاع الثقافة الشعبية.

وتدير المركز اليزابيث ايستون الرئيسة السابقة لقسم اللوحات والتماثيل الأوروبية في متحف بروكلين، وتعتمد جزئيا على اعضاء هيئة التدريس في برنامج التعليم التنفيذي في مدرسة الاعمال في جامعة كولومبيا. كما يحصل البرنامج على دعم مالي قيمته نصف مليون دولار سنويا من اغنيس غوند الرئيسة الفخرية لمتحف الفن الحديث التي قالت انها تأمل في ان يؤدي البرنامج «الى جعل الأشخاص المسؤولين يركزون على أهم الأعمال في عالم المتاحف وهي الفن».

وتبدو بداية انطلاق البرنامج مناسبا أكثر بعدما الإعلان هذا الشهر عن فيلب دي مونتبلو مدير متحف متربوليتان للفن، الذي يعتبره العديد من الناس الشخصية المثالية في عالم الفنون. وفي عام 2001 وصف مونتبلو وجهة نظره حول النقاش بأنها مثل دعوة التعبئة للجنود بالتحرك. وقال «اذا ما كان علينا تحقيق الانتصار في قطاع الأمناء المديرين على المديرين الاداريين، فمن الضروري زيادة عدد الأمناء الذين يحملون تخصصات تسمح لهم بأن يصبحوا أمناء المتاحف في المستقبل. وتنفيذ ذلك، يدرس الأمناء العديد من القضايا التي نادرا ما تغزو مجال الفنون والتاريخ.

فهم يدرسون ادارة الأوقاف والنزاعات. ويتعلمون من المتخصصين في البحث عن المديرين، وهم نوعية الناس الذين سيساعدون في يوم من الايام على تقرير مصير الامناء في القاعة. ويستمعون الى خبراء في مجال تسويق المتاحف ـ وهو مجال يشك فيه العديد من المسؤولين في المتاحف ـ والحديث عن جماعات التركيز وتوقعات المشاهدين ووسم BRANDING المتاحف.

وحذر ارثر كوهين الخبير في مجال الوسم بقوله «اذا لم تتمكن من ادارة الماركة، فإن العالم الخارجي سيفعل ذلك، وعادة بلا دقة». وتضمن البرنامج قصة أمين ثري في واحد من متاحف نيويورك الكبيرة نصح مدير المتحف بعد الشروع بمعرض خاص كان في مراحل التخطيط، مما يعبر عن ارتياب بذكاء المدير. وسأل أحد امناء المتحف الدكتور فارموس وهو رئيس مركز سلون كيترنغ خلال العرض «هل يمكنك الآن أن تتخيل واحدا من أمنائك يخبرك بأنك أبله؟» «كلا»، أجاب الدكتور فارموس بصورة مشددة وسط ضحك حول الطاولة. وقال كثير من امناء المتاحف، انه من الحاسم ليس فقط بالنسبة للأمناء الأذكياء أن يتطلعوا الى مواقع الزعامة، وانما بالنسبة لهم أن يجدوا سبلا للمتاحف كي تتنافس بدون أن تصبح جزءا من حقل ثقافة البوب. وقالت لوري وينترز، الأمينة في متحف ميلووكي للفن وواحدة من الباحثين، انه «في السنوات الخمس عشرة الى العشرين الأخيرة، كانت المتاحف تتطلع الى العالم الخارجي من اجل أن يعطينا توجها في كيفية تقييم ما نقوم به كمعهد. وأعتقد أننا جميعا نحن الذين نجلس حول هذه الطاولة وفي عالم المتاحف عموما لدينا تجارب حيث نقول: حسنا ان ذلك لا يؤدي الى نتيجة».

وقال تينيرو، الذي سيتولى كجزء من البرنامج الرئاسة مع نيل ماكريغور، مدير المتحف البريطاني والمرشح الذي غالبا ما يذكر اسمه ليخلف دي مونتيبيلو، قال انه يشعر بأن مجلس أمناء المتاحف بدأت مرة أخرى تقييم تجربة الفن العميقة، مقابل براعة البزنس في البحث عن القادة. ولكنه أضاف وأمناء آخرون، ان ما يعنيه ذلك هو ان المرشحين للمناصب العليا لا يحتاجون الى مهارات مؤرخ الفن فحسب، وإنما ايضا مهارات رئيس تنفيذي ومصرفي للاستثمار، وخطيب محرك للمشاعر، ومقاتل سياسي ودبلوماسي متمرس.

وقال تينتيرو «أشعر تقريبا بأن انتصارا قد تحقق في معركة، ولكن الدليل هو في النتائج العملية».

* خدمة «نيويورك تايمز»