ألمانيا: مسلسل حرائق بيوت الأجانب ينذر بعودة النازيين

أسر قذفت بأطفالها من النوافذ.. والحكومة التركية ترسل خبراء للتحقيق

الطفل أنور كالار قذفه أهله من النافذة كي لا يحترق وتم انقاذه بواسطة رجال الشرطة الاحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

قرعت أجراس الإنذار في مديرية إطفاء «باكانغ»، في ولاية بادن فورتمبيرغ، بعد يوم واحدٍ من الحريق الهائل الذي أودى بحياة 9 أتراك في مدينة لودفيغسهافن يوم الأحد الماضي. وأسفر الحريق الثاني عن مقتل رجل، 36 سنة، وإصابة العشرات بجروح مختلفة وحالات اختناق.

وأقر رجال التحقيق وجود تشابه في ملابسات الحريقين. واحترق رجل آخر بعد أن فاجأته النيران، وهو في سرير بيته في ريكلنغهاوزن. واضطر رجال الحريق لإخلاء 12 ساكنا في بيت اندلعت فيه النيران في دويسبورغ، 10 ساكنين في بيت بهيرنة.

وأعادت هذه الحرائق إلى الأذهان حرائق مماثلة أودت بحياة الكثيرين من الجانب في التسعينات. وكان النازيون الجدد أبطالها. فقد أسفر حريق في مدينة زولنغن 1993، في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، آنذاك عن موت 5 تركيات. كما اندلع حريق هائل في مبنى للاجئين في لوبيك (شمال) وأودى بحياة 9 أشخاص وجرح آخرين. وترافقت الحرائق في التسعينات مع تجاوزات يومية على المقابر اليهودية في ألمانيا.

ورغم كل المؤشرات على وجود دوافع عنصرية وراء جرائم التسعينات، إلا أن النيابة العامة وجهت تهمة الحرق العمد إلى اللبناني، صفوان عيد، الذي كان يسكن البيت المحروق مع عائلته. وتم الإفراج عن عيد بعد سنتين لعدم كفاية الأدلة، إلا أن هوية الفاعلين بقيت مجهولة، وسجلت الشرطة الحريق ضد مجهولين ونفت وجود دوافع عنصرية وراء الحريق.

ويوم الأحد الماضي، وفي غمرة الاحتفالات السنوية بالكرنفال، اندلعت النيران في مبنى يسكنه الأتراك وحول احتفالاتهم إلى مآتم. وأدت النيران إلى موت 9، معظمهم من الأتراك، وبينهم خمسة أطفال وجرح نحو ستين. واضطر المنكوبون إلى قذف أطفالهم من نوافذ الطابق الثالث كي يتلقفهم رجال الشرطة. وقبلها جمع الجيران مرتبات أسرتهم في الشارع كي يقفز عليها الناس. وساعدت «دونة ك» زوجها المقعد في القفز من البلكون على كومة المرتبات، إلا أنها لم تجد الفرصة لاحقا لإنقاذ طفليها فماتا حرقاً. وكالمعتاد، تحدثت النيابة العامة عن عدم توفر مؤشرات على دوافع عنصرية رغم تعرض نفس البيت لمحاولة حرق عمد قبل سنتين. وقالت فتاة تركية اسمها ايلين ك، وتسكن في نفس البيت، إنها شاهدت أحدهم وهو يشعل النار في شيء ويلقيه في مدخل البيت قرب عربات الأطفال. وبعدها أعلنت النيابة العامة أنها تحقق في احتمال وجود دوافع عنصرية ضمن احتمالات أخرى. ووصفت الشاب الفاعل بأنه كان يرتدي ملابس سوداء وذا شعر غامق قصير.

وهناك، حسب تقارير الصحافة، العديد من أوجه الشبه بين حرائق التسعينات وحرائق 2008. فقد استعمل الفاعلون المواد السريعة الالتهاب لتسريع عملية الاشتعال، كما أشعلوا النيران في مدخل البناية والسلالم كي يقطعوا طريق الهرب على السكان. ولم يترك الفاعلون صلبانهم المعقوفة على الجدران، كما كانوا يفعلون في السبعينات، إلا أنهم تركوا شاهدا هذه المرة، وهي الطفلة آيدين.

يذكر أن شابا، من المحسوبين على مجاميع حليقي الرؤوس النازيين اعترف أكثر من مرة بالمسؤولية عن حريق لوبيك في التسعينات، إلا أن النيابة العامة رفضت الاعتراف باعترافه لأنه قدمه أمام سجناء بينما كان يقضي فترة سجن بتهمة أخرى. كما تم العثور في أوجه المتهمين، وهم ثلاثة من أصدقاء الشاب المذكور، على حروق تشي بأنهم أشعلوا النيران باستخدام مادة ملتهبة.

ولأن حادث لودفيغسهافن الأخير تزامن مع زيارة وزير الداخلية الألماني فوافغانغ شويبلة لأنقرة، فقد أعلنت تركيا رغبتها في إرسال رجال التحقيق للمساهمة في التحقيقات الجارية. وقال رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان إنه لا يريد أن تتكرر مأساة زولنغن. وأعلن أنه سيزور عائلات المبنى المحروق لمواساتهم والاستماع إلى أقوالهم بنفسه. وكان السفير التركي في ألمانيا قد زار المبنى المحروق بنفسه يوم الاثنين الماضي للإشراف على نتائج التحقيق.

في هذه الأثناء ساهمت الصحف التركية في التحقيقات الصحافية الجارية حول الدوافع، وأجمعت معظم هذه الصحف، على وجود دوافع نازية وراء الحريق. وذكرت صحيفة «زمان» أن عائلة كابلان، التي تسكن المبنى المحروق، تلقت تهديدات بالحرق من منظمات يمينية متطرفة. وجاءت التهديدات بعد أن حولت عائلة كابلان أحد بيوت الطابق الأرضي إلى مقهى تركي. وتحدثت جريدة «صباح» عن كتابة شعارات نازية بالأسود على جدران بيوت أخرى في المنطقة. من ناحيتها، أعلنت شرطة لودفيغسهافن أنها ستعمم صورة شبحية للمتهم الذي وصفته الطفلة آيدين أثناء إفادتها.