الاتحاد الأوروبي يدعو لوقف استغلال الأطفال في الحروب

38 دولة حول العالم تعرف «الجنود الأطفال»

TT

دعت المفوضية الاوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي الى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف ظاهرة استغلال الاطفال في الصراعات الدموية والحروب، جاء ذلك في بيان صدر امس عن مقر المفوضية في بروكسل، بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة ظاهرة استخدام الأطفال كمقاتلين والذي وافق أمس، ونادى البيان بضرورة تحرك كل الاطراف الدولية من أجل وقف هذه الظاهرة.

وتضمن البيان الذي صدر باسم المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الخارجية بينيتا فالدنر، والمفوض الأوروبي المكلف شؤون التنمية والمساعدات الإنسانية لوي ميشيل، التأكيد على ضرورة العمل على مستوى عالمي لوقف استغلال الأطفال كمقاتلين في الجماعات المسلحة غير القانونية. وأعربت فالدنر في هذا الصدد عن «صدمتها لاستمرار تصاعد أعداد الأطفال المحرومين من طفولتهم في أماكن الصراعات». وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى «عدم كفاية» الجهد المبذول عالمياً حتى الآن من أجل وضع إطار حماية قانونية للأطفال، وقالت انه بالرغم من التقدم الحاصل في هذا المجال، لا يزال الأطفال هم الطرف الأكثر تعرضاً للمعاناة في أماكن الصراعات، ولمحت المفوضة إلى أن استغلال الأطفال لا يتوقف فقط عند تسليحهم وزجهم في الصراعات المسلحة، بل أيضاً في استغلالهم جنسياً وفي الأعمال الشاقة في ظروف موازية للعبودية، وحرمانهم من الذهاب إلى المدارس وعيش مرحلة الطفولة.

ومن جهته دافع لوي ميشيل عن المقاربة التي تسعى المفوضية لتكريسها عالمياً، وذلك عن طريق معالجة المشكلة من جوانبها المختلفة، الإنسانية والتنموية والأمنية وكذلك الجانب المتعلق بحقوق الإنسان.

وسبق أن قدمت غراسا ماشيل، زوجة الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، منذ عشر سنوات دراسة عن معاناة الأطفال في أماكن الصراعات سببت صدمة في العالم نظراً لحجم المشكلة، «لكن هذه الدراسة لم تفلح حتى الآن بتوعية وتحفيز العالم على التحرك لمحاربة هذه الظاهرة الآخذة بالتزايد».

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتناول فيه دراسات تشرف عليها الامم المتحدة مدى توفر الرفاهية للاطفال ووضعيتهم في الدول المتقدمة، والاجواء المناسبة لهم لممارسة الهوايات وتوفير الرعاية الصحية والامن والتعليم، وتظهر ارقام وبيانات اخرى من المنظمة الدولية ومنظمات اخرى اقليمية في أوروبا مدى المعاناة التي يواجهها الاطفال في مناطق اخرى من العالم، وخاصة في افريقيا ونشرت وسائل اعلام أوروبية معلومات وأرقاما مخيفة عن مدى استغلال الأطفال وارغامهم على التورط في الحروب والنزاعات، والاتجار بالمخدرات في مناطق كثيرة في العالم، وخصوصاً في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وقال التقرير إن الملايين من الاطفال أجبروا على تعاطي المخدرات، وتحولوا إلى أدوات للقتل تحت شعار (الجنود الأطفال)، وأصبحوا يعرفون فيما بعد بالأطفال المجندين أو الأطفال المجرمين. وتقول ماري تريز كيرياكي رئيسة جمعية المرأة العربية في النمسا وهي موظفة في برنامج الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات ومنع الجريمة، إن «قصة الجنود الأطفال، قصة قديمة وجديدة في آن واحد، والفارق هو طبيعة الصراعات الدائرة في الكثير من مناطق العالم، ولا سيما تلك التي أصبحت ساحات لحروب ونزاعات أهلية، على أسس عرقية أو طائفية أو عقائدية في أكثر من 38 دولة في العالم، من بينها 5 دول عربية».

وحول تعريفها لمصطلح «الجنود الأطفال»، قالت ماري تريز في تصريحاتها لوسائل اعلام اوروبية «الجنود الأطفال هم كل الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم سن الثامنة عشرة، وسبق لهم أن شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع العسكري المسلح. ويدخل تحت بند التعريف هذا كل الأطفال الذين عينوا في القوات المسلحة النظامية، أو استغلوا من قبل المنظمات أو الميليشيات غير الحكومية، حتى إن كان السلم يسود البلدان التي يقيمون فيها». وأشارت ماري كرياكي إلى أن «الجنود الأطفال يشاركون ميدانياً في 38 نقطة نزاع مسلح في العالم اليوم، حيث يقدر عددهم بحوالي أربعمائة ألف طفل، بالإضافة إلى مئات الآلاف المسجلين في جيوش وميليشيات، وهم جاهزون للقتال في أقصر وقت. وأصغر طفل مسجل هو في السابعة من عمره». ورأت أن غالبية الجنود الأطفال ممن هم تحت سن الخامسة عشرة يعملون في جيوش غير حكومية، أي على عكس الأطفال الذين هم تحت سن الثامنة عشرة، الذين يعملون في جيوش حكومية أو نظامية. وأوضحت أنه «خلال السنوات العشر الأخيرة، قتل في الحروب حوالي مليونين ونصف مليون طفل جندي. وهناك ما يعادل خمسة إلى 6 ملايين طفل معاق جسدياً، إضافة إلى 16 مليون شخص يعانون من مشاكل نفسية وعصبية». ورداً على سؤال حول طبيعة المهام التي توكل إلى الجنود الأطفال قالت رئيسة جمعية المرأة العربية في فيينا، «يكلف الجنود الأطفال بتأمين الخدمات المنزلية، وبيع وتهريب المخدرات، والتجسس، وكمراسلين وكحراس، بالإضافة إلى المشاركة العملية في أعمال القتل والتدمير والتخريب». وأشارت إلى أن قادة المنظمات والميليشيات المسلحة، يفضلون تجنيد الأطفال في عملياتهم الحربية نظراً لعدة اعتبارات، أبرزها سهولة السيطرة عليهم، وأجورهم الزهيدة، وبالتالي عدم الشك بأمانتهم. وجدير بالذكر أن هناك 38 دولة سُجل فيها تجنيد الأطفال بطريقة غير مشروعة خلال السنوات العشر الماضية (1997/2007)، حسب بيانات الأمم المتحدة، وغالبيتها شهدت حروبا ونزاعات مسلحة وهي: أفغانستان، ألبانيا، الجزائر، أنغولا، أذربيجان، بنغلاديش، بورما، بوروندي، كمبوديا، كولومبيا، كونغو ـ برزافيل، كونغو ـ كنشاسا، اريتريا، إثيوبيا، يوغسلافيا السابقة، إندونيسيا، الهند وخاصة في إقليم كشمير، والعراق، وإيران، وفلسطين (الأراضي المحتلة)، ولبنان، وليبيريا، والمكسيك، وباكستان، وباباوا وغينيا الجديدة، وبيرو، والفلبين، والشيشان، ورواندا، والسودان، وسيراليون، والصومال، وسيريلانكا، وطاجيستان، وتركيا، وأوغندا.