دراسة: تسرب الكالسيوم وراء تراجع نشاط العضلات في الجسم

عقار تجريبي أثبت كفاءته على الفئران

TT

\السبب وراء تراجع نشاط العضلات من أبرز الأسئلة التي لاتزال بغير إجابة في علم وظائف الأعضاء. إلا ان علماء في جامعة كولومبيا قالوا انهم لم يأتوا فحسب بإجابة على هذا التساؤل، بل طوروا أيضا عقارا تجريبيا للفئران يمكن ان يعيد النشاط للحيوانات ويسمح لها بالحركة النشطة لفترة طويلة بعد ان تكون قد تعرضت للإنهاك. وكان إرهاق العضلات قد ظل على مدى فترة طويلة محل تجاهل أو سوء فهم. كما ان كتب وظائف الأعضاء لم تحاول حتى مجرد تقديم آلية لمعالجة هذا الجانب. جدير بالذكر ان النظرية الشائعة بأن تراجع أداء العضلات يحدث بسبب إفراز حامض لبني قد أصبحت محل تشكيك قبل فترة ليست طويلة. وفي تقرير نشر بداية الأسبوع الجاري بواسطة الأكاديمية الوطنية الاميركية للعلوم، قال الدكتور آندرو ماركس، كبير الباحثين في دراسة أجريت في الآونة الأخيرة حول العضلات، ان المشكلة تكمن في ان تدفق الكالسيوم داخل خلايا العضلات. ومعروف ان انحسار وتدفق الكالسيوم في الخلايا يسيطر على تقلصات العضلات، ولكن عندما تصاب العضلات بالتعب فإن قنوات صغيرة داخلها تبدأ في تسريب الكالسيوم، وهذه العملية تضعف التقلصات. وفي نفس الوقت يحفز الكالسيوم المتسرب الإنزيم الذي يؤدي إلى تآكل ألياف العضلات، مما يساهم في إنهاك العضلات. ويقول جورج بروكس، الباحث بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ان الباحثين في مجال عمل ونشاط العضلات قد أجروا نقاشات متواصلة خلال السنوات الأخيرة حول إنهاك العضلات وتراجع نشاطها. وكان العمل الذي أجراه بروكس هو الذي أثار تساؤلات حول فرضية الحامض اللبني. إذن، ما الذي يتسبب في إنهاك العضلات وتراجع نشاطها؟ يقول بروكس ان التجارب الجديدة على الفئران مثيرة للاهتمام، مؤكدا انها تشكل نتيجة جاءت من جانب مختلف تماما في مجال البحث. ويسعى ماركس، وهو أخصائي في مجال القلب، إلى التوصل إلى وسائل أفضل لمعالجة الذين يعانون من فشل وظائف القلب، وهي حالة يعاني منها حوالي 4.8 مليون اميركي. من أبرز أعراض هذه الحالة تراجع عمل القلب نتيجة للتعرض لذبحة أو بسبب ضغط الدم العالي. وبسبب محاولات ضخ كميات كافية من الدم يزداد حجم القلب ويزداد حجمه في بعض الحالات على نحو يكاد يملأ صدر المريض. ومع تقدم المرض تمتلئ الرئتان بالسوائل وعندما تزداد كمية السوائل في الرئتين لا يستطيع القلب ضخ الدم ويعاني المريض من صعوبة في التنفس على نحو لا يستطيع معه حتى المشي داخل غرفة، ويموت معظم المصابين بهذه الحالة خلال خمس سنوات. وعمل الباحثون على تطوير عقاقير تعمل على وقف التسرب في قنوات الكالسيوم في عضلات القلب. وكانت هذه العقاقير قد طورت أصلا لإغلاق قنوات الكالسيوم بغرض تقليل ضغط الدم. وغير الدكتور ماركس وزملاؤه الأدوية لجعلها اقل تسميما وتخليصها من القدرة على إغلاق قنوات الكالسيوم. وقد تركوا مع أدوية توقف تسرب الكالسيوم. وجرب المحققون الدواء الذي يحمل اسم رايكال على الفئران ووجدوا ان الأدوية يمكن ان تمنع فشل القلب وعدم اتساق النبض لدى الحيوانات. وحصلت كولومبيا على براءة اختراع وأجازت الأدوية من أجل تأسيس شركة أرمغو فارما في نيويورك. والدكتور ماركس هو استشاري للشركة. وتأمل البدء باختبار واحد من الأدوية للسلامة في المرضى في الربيع، ولكن الاختبارات لن تكون في كولومبيا بسبب صراع المصالح بين الجامعة والمحققين.

وفي غضون ذلك تساءل الدكتور ماركس عما اذا كانت الآلية التي ابتكرها يمكن أن تنطبق على عضلات الجمجمة وكذلك عضلات القلب. وأشار إلى ان عضلة الجمجمة شبيهة بعضلة القلب ولديها نظام قناة الكالسيوم نفسه. ويشكو مرضى فشل القلب من أن عضلاتهم ضعيفة جدا.

وفي إطار التعاون مع ستيفان لينهارت عالم التمارين في جامعة أبالاشيان سأل المحققون ما اذا أصبحت عضلات الجمجمة البشرية متعبة للسبب نفسه، أي تسرب الكالسيوم. واخذ الدكتور لينهارت عينات من عضلات الفخذ من جميع الرياضيين بعد اليوم الثالث وأرسلها إلى كولومبيا حيث قامت مجموعة الدكتور ماركس بتحليلها، بدون معرفة أي العينات هي من ممارسي التمارين وأيها من غيرهم. وبعد أيام قليلة أصلحت القنوات نفسها. وعاد الرياضيون إلى وضعهم الطبيعي. ومن الطبيعي أنه على الرغم من أن الدكتور ماركس يريد تطوير الدواء لمساعدة الناس في المعالجة من فشل القلب آملا بتنشيطهم وتحسين وظائف قلوبهم فان الرياضيين قد يحفزون على استخدام الدواء اذا ما توفر أخيرا في الأسواق.

* خدمة «نيويورك تايمز»