ألمانيا: محلول من الزيت والكريات النانوية يمنع صدأ الحديد

البشرة الجديدة تجدد نفسها كالخلايا وتزحف لتغطي أجزاء المعدن المتأكسد

الباحثة كلاوديا دو سانتوس («الشرق الأوسط»)
TT

توصلت الباحثة الألمانية كلاوديا دو سانتوس، 37 سنة، إلى ابتكار يمكن أن يحدث ثورة في عالم البناء والمكائن والسيارات. إذ توصلت الباحثة، البرازيلية الأصل، إلى إنتاج محلول خاص لا يمنع صدأ المعادن فحسب وإنما يجدد حياتها وقوتها أيضا، حسب تصريح جامعة شتوتغارت (جنوب).

ومعروف أن أفضل الدهون المانعة للصدأ ينتهي مفعولها، ويبدأ الصدأ يعلو الحديد، حال حدوث خدش في الدهان بسبب مرور الزمن عليه. وتقول الباحثة من جامعة شتوتغارت حاليا إنها مزجت كريات نانوية (نسبة إلى النانومتر الذي هو جزء من مليار جزء من المتر) مع الزيت والدهون المانعة للتأكسد وصنعت منها «جلدا» يكسو المعدن ويتحول إلى جزء منه. والمهم هو أن البشرة المعدنية الجديدة تجدد نفسها كالخلايا وتزحف لتغطي أجزاء المعدن التي قد تتعرض للتأكسد بفعل تعرية الدهان عن الحديد وبسبب التآكل الناجم عن عمل وحركة الأجزاء.

وذكرت دو سانتوس أن المحلول الذي تمزجه مع الزيت يتكون من مادة النيكل أو النحاس أو الخارصين. وتسبح الكريات النانوية في المحلول المعدني في حين يعين الزيت على إبقاء هذه الكسوة المعدنية بشكل سائل. ويشكل المحلول طبقة سمكها 10 ـ 100 ميكروميتر على سطح المعدن ثم سرعان ما تمتزج بقوامه بفعل الزيت. وتبقى الكريات المعدنية على سطح المعدن بدون أن تنفجر وتشكل مع بعضها طبقة مانعة لمرور الاوكسجين. ووصفت دو سانتوس امتزاج السائل المعدني والكريات والزيت بأنه مثل امتزاج هذه المواد في صحن سلطة كبير. فعندما يمتزج الماء والزيت في السلطة تنتج عنهما قطرات زيت صغيرة.

ولا يزيد قطر الكرية النانوية الواحدة عن 100 نانومتر (أو 0.1 ميكروميتر) ولا ينجح سوى مجهر جيد في رؤيتها. وللمقارنة فإن قطر شعرة من الإنسان يتراوح بين 35 ـ 60 ميكروميتر، أي أنها أرق 350 ـ 600 مرة من جدار فقاعة صابون رقيقة. وتعمل دو سانتوس، منذ قدومها من البرازيل عام 2004، في معهد أبحاث مواد العمل التابع إلى جامعة شتوتغارت.

تلقى المشروع، الذي بدأ العمل به قبل 4 سنوات، دعما قدره 435 ألف يورو من شركة فولكسفاغن لصناعة السيارات، ويكشف هذا الأمر مدى أهمية مقاومة الصدأ لإنتاج السيارات. واستخدمت دو سانتوس مخابرات معهد فراونهوفر المعروف لتجاربها، كما تم تحضير الكريات النانوية في ورش جامعة دويسبورغ (غرب) على يد الباحث الألماني البروفيسور كريستيان ماير.

ومعروف أن العمل على المحاليل التي تحتوي الكريات النانوية ليس حديثا في مجال صناعة المواد، ويعود تاريخ التجارب الأولى في معهد شتوتغارت إلى 10 سنوات خلت، إلا أن النجاح الذي تحقق حاليا يعود إلى قدرة الإنسان على إنتاج الكريات النانوية بأقطار صغيرة جدا.

وربما كان التوصل إلى المحلول المانع للتأكسد متعذرا لولا قدرة جامعة دويسبورغ على إنتاج الكريات بأبعاد مكرسكوبية.

وعبرت دو سناتوس عن سرورها للإنجاز الذي حققته في ألمانيا، مشيرة إلى أن البرازيل غير قادرة على توفير مثل الإمكانيات التي تتيحها المختبرات الألمانية. وأضافت أنها لا تأمل بالحصول على جائزة نوبل للعلوم، رغم اكتشافها البالغ الأهمية، إلا أنها تود البقاء في ألمانيا رغبة منها في التوصل إلى اختراعات أخرى تفيد البشرية.