الكنيسة الإلكترونية

جلباب يوفر الدفء للقس وشموع لا تطلق ثاني أوكسيد الكربون والتبرع عبر بطاقات ممغنطة

أحد القساوسة وهو يجرب الجلباب الإلكتروني
TT

قبل 25 عاما دخل الكتاب الإلكتروني بقوة إلى عالم القراءة والكتابة، ومن يومها والعالم يتساءل عن مصير الكتاب التقليدي. واخترق الكتاب الإلكتروني اليوم أكثر المؤسسات الكنسية محافظة، فصار القساوسة يقرأون الكتاب المقدس على الأقراص المدمجة ويستمعون إلى الانجيل، ككتاب مسموع، كما يستمع الأطفال اليوم لمغامرات ميكي ماوس. وبعد أن حول القساوسة كنائسهم إلى ديسكوات، ومقاهي انترنت، بهدف جذب الشباب، يتساءل الناس عن احتمال تحول دور العبادة إلى كنائس «افتراضية».

ويكشف المعرض الكنسي الدولي «ايكليسيا» في كولون مدى تغلغل العالم الإلكتروني إلى الكنائس الألمانية والأوربية عموما. ويعتبر المعرض الذي أنطلق أمس 29 فبراير (شباط) ويستمر حتى اليوم من أهم عروض التقنية والأزياء والشموع والشمعدانات التي تشكل العالم الروحي والفني للكنائس. وشاركت أكثر من 200 شركة في المعرض، يمثلها أكثر من 2000 شخص، وينتظر أن يجتذب 40 ألف زائر. وطبيعي فان معظم الزوار، عدا أتباع الكنائس المختلفة، هم من القساوسة والرهبان والراهبات.

ويتولى هذا العام متحف غوتنبيرغ، من مدينة ماينز (غرب)، تنظيم عروض الأزياء التي تمتد بين أغطية الرأس والجلابيب الكنسية وغيرها. وذكرت ساندرا اورت، من المتحف، أن تشكيلة هذا المعرض تتجاوز الألوان التقليدية وتنتقل إلى الأزياء الكنسية الزاهية الألوان التي سادت قبل قرون. إلا أن أنسجة هذه الملابس وتفاصيلها أبعد ما تكون عن التقليدية، فهي مصنوعة من أنسجة لا تبتل بسهولة بالماء، لا تفقد ألوانها بسهولة، وتوفر أكبر قدر من الدفء لمن يلبسها.

وحرصت شركة EFG، المختصة بالأنسجة الحديثة، على أن يحظى القس بالدفء بينما يلقي خطبته ويوزع مواعظه على الرعايا، فزودته بجلباب «إلكتروني» دافئ، يستمد حرارته من جسم الإنسان، ويستخدم تقنية نسيج «فضائية». والجلباب يكبت الحرارة المنطلقة من جسم القس داخله ويصد البرد القادم من الخارج عنه، كما يمكن ربطه بسلك إلى الكهرباء بهدف تدفئته قبل استخدامه من قبل الواعظ.

وتعد شركة EFG الألمانية بإيصال الدفء، ليس إلى القس فحسب، وإنما إلى الجالسين في صفوف الكنيسة. حيث قدمت الشركة مرتبات صغيرة، مختلفة الحجوم، يمكن تدفئتها بتيار كهربائي. وهناك جهاز للسيطرة على درجة الحرارة عند كل صف يتيح للجالسين أيضا التحكم بدرجة حرارة المقعد. وتمت صناعة نسيج المقاعد من مادة صناعية عازلة للكهرباء وحشوة من نسيج الـ«فلييس» حافظ للحرارة. وتقول الشركة إن هذا النظام يدفئ الكنيسة ككل ويمكن للكنائس الآن الاستغناء عن أنظمة التدفئة المكلفة (يستهلك 98 في المائة أقل طاقة)، كما أن طريقة التدفئة هنا لا تؤثر على نغمات الأورغن كما هي الحال في أنظمة التدفئة الأخرى.

وبعد الشموع المعطرة بالبخور والمسك والقرنفل وغيرها، جاء الآن دور الشموع البيئية لتكتسح ميدان الكنائس، التي تعتبر اكبر مستهلك للشموع في أوربا. وذكر ديتر فيرنباخ، من شركة سيريون للشموع، أن الشموع البيئية تطلق 95-98 في المائة أقل من السخام وغاز ثاني أوكسيد الكربون مقارنة بالشموع التقليدية. والشموع عبارة عن أنابيب من شمع خاص لا يذوي تملأ بالمادة الشمعية السائلة وتعد أيضا بالتخلص من مشكلة التخلص من نفايات الشموع. وليس هناك بقع شمع، لا تلوث بيئي، لا مخاطر حرائق، وكل ذلك مقابل 35 سنتا للشمعة الواحدة.

وأصبحت شاشات العرض الإلكترونية المفلطحة موضة قديمة قياسا بلوحات شركة براندماير. فهي شاشات رقيقة وشفافة تأخذ لون الجدار ولا يشاهدها زائر الكنيسة إلا عند الحاجة أو عند استخدامها في العروض. وصنعت الشركة اللوحات بأحجام مختلفة، وهذا يتيح استخدامها في القطع الصغيرة مثل «تواليتات» أو «مخرج طوارئ»... الخ. وسعر اللوحة من قطر 81 سم يبلغ 1600 يورو.

ومن يعتقد أن البعض يتورع عن سرقة الكنائس ربما يعيش في عالم بوليسي خيالي لا علاقة له بالواقع، لأن الكنائس تتعرض إلى السرقة بشكل دائم. ولهذا فقد زودت شركة سيمنز الكنائس بجهاز إنذار متطور يرتبط بالأبواب والشبابيك الزجاجية الملونة ويصور المتسللين ليلا بواسطة أشعة ليزر.

ويقول زيغفريد مانتيك، من شركة مانتيك لأنظمة بطاقات البنوك، إن زوجين نجحا في ميونخ في السرقة من صندوق تبرعات الكنيسة. وكشفت التحقيقات أن الزوجين اختلسا 250 ألف يورو، خلال 10 سنوات، من صناديق التبرعات الخشبية التقليدية في «فراون كيرشة» في ميونخ. وتطرح الشركة لهذا السبب نظام التبرع الإلكتروني بواسطة البطاقات الممغنطة. كما ابتكرت الشركة أجهزة متنقلة وأخرى ثابتة لهذا الغرض، تقرأ البطاقات، تأكد من صحة الرقم السري وتمنح الإيصالات للمتبرعين.

ويرتفع سعر الجهاز الواحد إلى 1500 يورو، لكنه يضمن للكنيسة الاقتصاد بنحو 600-700 يورو في الشهر تستقطع من حساباتها نتيجة التبرعات النقدية. كما تضمن الأجهزة الكنيسة ضد المحتالين واللصوص الذي يضعون في الصندوق الخشبي 2 يورو ويختلسون عملة ورقية فئة 50 يورو منه.

وهذا ليس كل شيء في عالم الكنائس الإلكترونية بالطبع، فهناك النواقيس الكبيرة الموقوتة التي تدق وفق ساعة إلكترونية في أوقات الصلاة، وأنظمة الإضاءة شبه المسرحية التي يبرمجها القس مقدما حسب موضوعه وحسب المادة التي تتطلب العرض في الظلام على الشاشة، والأورغانات الإلكترونية التي تعزف مختلف المقطوعات الكنسية من دون عازف، ومكبرات الصوت اللاسلكية لفرق الإنشاد الكنسية وأنظمة فتح وغلق النوافذ العالية إلكترونيا.