استخراج الفحم في ألمانيا يتسبب في أكبر هزة أرضية

أكثر من 50 ألف منجم تعمل فيها مكائن قطرها 20 مترا

TT

قال علماء جيولوجيون ألمان أن الهزة الأرضية التي ضربت ولاية زارلاند الألمانية (غرب) قبل اسبوع سببتها أعمال استخراج الفحم المكثفة في الولاية. وأعتبر العلماء أن عمال التنجيم وحفر الأرض هناك أطلقت هزة أرضية بلغت، لأول مرة في زارلاند، 4 درجات حسب مقياس رختر.

ودعا كلاوس مايزر، وزير داخلية زارلاند، إلى تنظيم عملية التنقيب واستخراج الفحم في ألمانيا بسبب مخاطر الهزات الأرضية التي تنجم عنها. وأشار الوزير إلى وجود أكثر من 50 ألف منجم للفحم تعمل فيها مكائن حفّارة كبيرة يزيد قطر بعضها عن 20 مترا. وتتسبب الانهيارات الناجمة عن الحفر، والهزات الأرضية المرافقة، إلى تكليف الدولة ملايين اليوروات سنويا، كما تتسبب بعشرة قتلى سنويا كمعدل.

وذكر جيولوجيون من جامعة زاربركن أن أعمال استخراج الفحم في الولاية حولت المنطقة الجبلية من ولاية زارلاند إلى «جبنة سويسرية» مثقبة.

فالمنطقة الجبلية والهضاب المحاذية لها مثقبة بأكثر من 5000 نفق ومنجم وتعمل عليها المعدات الثقيلة. وتسبب أعمال الحفر بحدوث فراغات في الطبقات السفلى من سطح الأرض وتؤدي إلى حدوث اهتزازات وانهيارات تطلق حركة في الطبقات الصخرية السفلى. ويمكن لأهالي منطقة الرور، وهي منطقة التعدين الأولى في ألمانيا، أن يتنقلوا تحت الأرض في كل بقاع المنطقة بفضل الأنفاق والأقبية والحجرات الفارغة التي تركها استخراج الفحم في المنطقة.

ويطلق العلماء على الحركة الاهتزازية التي تتحول إلى هزة اسم «ضربات الجبال» ويعبر عن انهيار المناطق التي استخرج منها الفحم الحجري وبقيت فارغة. ويحدث الانهيار بتأثير المياه التي تحلل المعادن في الطبقات الصخرية التي تحدد المناطق الفارغة. وتعمد شركات استخراج الفحم إلى قطع منطق الفحم بآلات كبيرة حادة ومن ثم إسناد هذه المناطق بجدران من الاسمنت، إلا أن هذه الجدران تتعرض للانهيار أيضا مع الوقت.

وسبق أن تعرضت ولاية تورنغن (شرق) إلى أكبر هزة أرضية سببتها المناطق الفارغة تحت الأرض والناجمة عن أعمال استخراج الفحم. وبلغت الهزة 5.6 درجة حسب مقياس رختر في تورنغن عام 1989. وتسبب في الهزة تفجير سطحي أدى إلى انهيار شبكة مناجم كاملة في جبل كالي. وأضرت بـ 80% من حقول استخراج الفحم هناك. وقال العلماء حينها أن سكان المنطقة شعروا بالهزة رغم بعد بعضهم مسافة 300 كم عنها. وحدثت هزة أرضية، سببها استخراج الفحم، في تويشنتال قرب مدينة هالة (غرب) في سبتمبر 1996 بلغت 5.5 حسب مقياس رختر. ويقول العلماء الجيولوجيون أن سبب الهزة هو انهيار منطقة فارغة تحت الأرض قطرها 2.5 كم مربع وسجلتها مواقع رصد الزلزال في مختلف مناطق العالم.

ولم تتسبب الهزة الأخيرة في زارلاند بموت أحد العمال أو المواطنين في المناطق القريبة، لكنها تركت آثارها على بيوت المنطقة. فرصد موظفو الدولة العديد من الشروخ في المباني والجسور والدوائر، واضطرت فرق الصيانة إلى تفحص كافة الجسور وشبكات النقل والطرقات السريعة وسكك الحديد لمنع حصول ما لا تحمد عقباه. وتسببت الهزة بحدوث كسور في شبكات المياه وأنابيب التصريف، كما ألحقت أضرارا ببعض الموانئ النهرية على نهر الزار.

ويواجه المتضررون مشاكل عويصة ناجمة عن الثغرات في قوانين التأميم. فعلى المتضرر أن يثبت أن الأضرار لحقت به بسبب انهيارات المناطق الفراغية الناجمة عن استخراج الفحم الحجري، في حين تتلقى شركة استخراج الفحم الاتحادية (وهي شركة حكومية) تعويضاتها مباشرة من الحكومة. وأحصت شركة الاستخراج أكثر من 35 ألف معاملة طلب تعويضات تقدم بها المواطنون ضدها حتى الآن.