المنتجات العضوية.. من السوبر ماركت إلى المنتجات المنزلية والسياحة

ثلاثة أرباع سكان الولايات المتحدة يشترونها بطريقة غير منتظمة

انتقل الاهتمام بالمنتجات العضوية من الخضروات والمواد الغذائية إلى المنتجات المنزلية والكماليات
TT

لرعاية الكنيسة العضوية المقدسة دعونا نتسوق. دعونا نشتري مناشف «آنا سوفا» العضوية الفاخرة التي يصل وزنها الى 900 جرام للمتر المربع بسعر 58 دولارا. ولنشتر مفارش الاسرة ذات 600 عقدة المصنوعة في سويسرا من قطن اميركي بسعر 570 للأسرة حجم «كوينز».. دعونا نتخلص من الالياف الصناعية الشريرة، ونطهر انفسنا على نيران شمع الصويا على محراب السجاد العضوي، ودعونا نشتري ونشتري. ودعونا لا نفكر في البديل العضوي الآخر ـ وهو عدم الشراء ـ لان المستهلك الاخضر الجديد يريد الاستهلاك، ودعونا نصبح اكثر اخضرارا من الزمرد.

كان هناك وقت، قبل آل غور، عندما كان شراء المنتجات العضوية يعني البيض والطماطم، والطعام الكامل والتسوق من اسواق المزارعين. ولكن في العامين الماضيين، خرجت من السوبر ماركت الى محلات بيع المنتجات المنزلية والى قطاع السياحة. فثلاثة ارباع سكان الولايات المتحدة يشترون منتجات عضوية بطريقة غير منتظمة، وفي الفترة ما بين عامي 2005 و2006 زادت مبيعات المنتجات العضوية من غير الطعام بنسبة 26 في المائة من 744 مليون الى 938 مليون دولار، طبقا لجمعية التجارة العضوية.

وقد تبين للمواطن الاميركي المميز قبل فترة ان السيارات الرياضية النفعية هي نجوم الموت، ونرى الان ان السيارة «ليكزس» التي تعمل بالبنزين فقط هي نجم موت هي الاخرى. ومن الافضل استبدالها بسيارة LS 600 موديل 2008 الهجين مقابل 104 الاف دولار (في الواقع تحقق مسافة اقل في الغالون الواحد بالمقارنة ببعض الانواع التقليدية ولكنها هجين) ويمكن ايضا اضافة بعض الاكسسوارات مثل غطاء مقعد سيارة شربا ثمنه 119.99 دولار. استهلك حتى تصبح اخضر. وهي تبدو في غاية الجودة. وهي تمنحك الشعور بالجودة. هذه العارضة من الورق المضغوط. هل شاهدت خاتم الخطبة المصنوعة من البلاتنيوم المعاد تدويره؟

وفي الاسبوعين الماضيين تلقيت العديد من رسائل البريد الاليكترونية: فهناك اغطية الاطفال العضوية ماركة «سولانا سوادلي راب»، المصممة لتحل محل البطاطين التي لم نكن نعرف انها شر. وهناك هدايا عيد فالنتين: لون الحب هو الاخضر هذا الموسم وليس الاحمر. وهناك عودة ظهور مجلة «اورغانيك ستايل» الموجودة على الانترنت الان فقط ولا تزال مطبوعة عصرية، مع وجود ركن للتسوق مخصص للمجوهرات العضوية، وأسرة الحيونات العضوية، وديكور الحدائق العضوية، الذي يعني اكثر من مجرد الزهور و«التراب».

وعندما طلب من خبير البيئة المعروف بول هاوكين التعليق على المستهلك الاخضر الجديد، قال بسخرية لاذعة «العبارة نفسها متناقضة». ويقول هاوكين المؤسس الشريك لسميث اند هاوكين ولكن ترك العمل عام 1992 قبل ان تصبح ماكينة قطع الحشائش شيئا مهما «الشيء الجيد هو ان الناس انتبهت الى حقيقة انه لدينا مشكلة بيئية. ولكن العديد منهم يتعاملون مع الموضوع من منطلق المستهلك. يشترون الكثير. ويقودون سياراتهم كثيرا». وقد اصبحت حضارة التخلص من الاشياء متأصلة في تفكيرنا بحيث اصبحت فعلا انعكاسيا، الكومبيوتر الحضني والهواتف الجوالة تصبح اصغر واقل سماكة. ونستبدلها كل 6 اشهر، ونشتري ونشتري ونأمل في اننا نشتري الاشياء المناسبة، وفي بعض الاحيان وفي بعض الاحيان لا نتأكد من ذلك: عندما طرحت هارتمان غروب وهي شركة ابحاث مجموعة من المستهلكين الخضر ما يعني ختم وزارة الزراعة «العضوي» عندما يوضع على منتج، اجاب 43 في المائة بعدم معرفتهم «يعني الختم ان المنتج عضوي بنسبة 95 في المائة ـ أي لا توجد فيه مبيدات حشرية، ولا هرمونات مصنعة، ولا اسمدة من المجاري ولا نسخ ولا اشعة».

ولهذا السبب عندما يحاول البيئيون تغيير عادتهم في الشراء بدون تغيير عادتهم الاستهلاكية، يضيع بعض الشيء.

بوليستر: سيئ. الحل؟ تخلص من خزانة ملابسك القديمة واستبدلها بألياف طبيعية.

ليولوم: سيئ. الحل؟ تخلص من ارضية منزلك القديمة واستخدم الفنيل. تخلص من القديم واستخدم المواد الخضراء.

ولكن كل عمليات الاستبدال اشكالية. فهذه الارضية الفنيل اقل ضررا في مطبخك منها في مقلب القمامة «الا اذا كان يمثل خطرا صحيا». «بالطبع تنتج رحلة باتجاه واحد من زيورخ إلى واشنطن حوالي 1500 طن من ثاني أكسيد الكربون».

قال هاوكين إن الموقف المهتم بالبيئة يعني «أن يكون عندك أقل. وهذا يعني أقل. كل شخص يقول: أنت لست بحاجة إلى تغيير نمط حياتك. في الحقيقة أنت بحاجة إلى تغييرها».

أما ليزلي غاريت مؤلفة كتاب «المستهلك العفيف» إن «هناك بعض التشويق في تبديل كل شيء».

ووصفت غاريت المشاعر المتعارضة التي تعيشها هي وزوجها حينما يحاولان تحديد ما إذا كان عليهما التخلص من أريكة في غرفة الجلوس: «كلبنا علك جزءا من سطحها وهناك عدة أمكنة في البيت يمكننا وضعها فيها من دون أن تظهر آثار الكلب. ونحن ما زلنا قادرين على الجلوس فوقها من دون السقوط منها».

وأضافت غاريت أن هناك بعض الاستثناءات إذ أن هناك «بعض القضايا البيئية تفوق قضايا أخرى. فالحفاظ على الوقود الاحفوري هو أكثر أهمية من قضايا دفن الفضلات». وإذا كانت ثلاجتك أو طباخك لا يعملان كما ينبغي فبإمكانك أن تبدلهما من دون أن تشعر بالذنب.

وفي نهاية المطاف، اشترت غاريت وزوجها أريكة جديدة لكنهما قاما بالشراء بعد أن وجدا بيتا آخر للأريكة القديمة إذ أخذها منهما طالب جامعي وهو مسرور بذلك.

أما تشيب غيللر محرر مدونة عن البيئة فهو أقل قدرية. إذ أنه يحب شراء الأشياء العضوية. وهو يناصر الجهود التي يبذلها المستهلك المعني بالبيئة. وقال: «قبل عامين من كان يفكر بتعابير من نوع بصمات الكربون أو تناول الأغذية المحلية؟» وأضاف أن مراجعة الاستهلاك هي «مدخل» لكسب أناس معنيين أكثر بقضايا البيئة. والشيء المهم بالنسبة للناس هو المرور بهذه البوابة باتجاه تقليص السفر الجوي واستخدام الطاقة بشكل فعال في البيوت وشراء أثاث وسلع أقل. «نحن لن نقوم بشراء طريق خروجنا من هذا».

يا رعايا الكنيسة العضوية المقدسة دعونا نتخلص من ذنوبنا مع منتجات الجيل السابع من مواد التنظيف. لنتوجه صوب اكل التفاح المزروع محليا ولنبدل مصابيحنا غير المشعة بمصابيح النيون البشعة والغالية.

لكننا مع سيرنا عبر وادي السلع العضوية الفاخرة دعونا لا نستورد أي أغطية فاخرة لمقاعد السيارات من «شيربا» ودعونا نستعمل الأشياء القديمة حتى لو كانت بشعة الشكل لأن أطفالنا الصغار سيسكبون عصيرا على الأريكة العضوية حال وضعها على الأرض.

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»