استخدام أجهزة المطارات الأمنية في الكشف عن الآثار والكنوز المطمورة

ألماني استخدمها لكشف مدينة طروادة.. وأميركية تبحث بها عن لوحة ضائعة لدافنشي

الأجهزة الأمنية الحديثة المستخدمة في المطارات تعمل اليوم على الكشف عن الكنوز الفنية المطمورة («الشرق الاوسط»)
TT

تسمح الأجهزة الأمنية الحديثة في المطارات، وخصوصا أجهزة مسح «التيرا هيرتز»، بالكشف عن القضايا المخبأة تحت الملابس وداخل الأعضاء الحيوية، لكن علماء الآثار صاروا يستخدمونها لكشف المدن التاريخية المطمورة تحت الأرض والكنوز القديمة المخبأة في أقبية الكنائس وجدرانها. فأجهزة «التيرا هيرتز» تتيح رؤية ما هو تحت الأرض كما أتاحت لجيمس بوند رؤية ما تحت تنورة السكرتيرة الجميلة في فيلمه الأخير.

ويستخدم فريق العلماء من جامعة دريسدن (شرق) أجهزة مسح «التيرا هيرتز» للكشف عن الآثار المخبأة في القصور الملكية والكنائس الألمانية. كما تساعد أشعة «التيرا هيرتز» علماء الآثار على كشف اللوحات القديمة التي تمت تغطيتها بلوحات مزيفة حفظا لها من السرقة، وهو ما حدث عندما نقل الجيش السوفياتي الآثار العظيمة في دريسدن، خلال الحرب العالمية الثانية، إلى موسكو. ويعول العلماء على التقنية في فحص آلاف الكنائس والأديرة القديمة في ألمانيا وأوربا بحثاً عن الكنوز.

وسبق للعالم ايرنست بيميكا أن استخدم التقنية للكشف عن آثار مدينة طروادة تحت جبل بالي داغ في تركيا. ويعتقد بيميكا، وهو تلميذ العالم الألماني مانفريد كاوفمان، أن طروادة تقع في تركيا، على الجبل المذكور، وطمرت المياه الجزء الساحلي منها وطمر التاريخ السهل الظاهر حاليا. واستخدم بيميكا «التيرا هيرتز» لرسم جدران المدينة المطمورة، جدران المنازل والأحياء، ووضع أول خريطة للمدينة التي يعتقد أنها طروادة. كما أعانت هذه الأجهزة الحديثة بيميكا على الكشف عن رؤوس حراب، وسيوف ورؤوس نبال كثيرة، في المنطقة، تعود إلى ذلك العصر، وتكشف حدوث معركة تاريخية هائلة يُعتقد أنها معركة طروادة قرب ساحل المتوسط. ومعروف عن أشعة «التيرا هيرتز» أنها أشعة تقع، من ناحية طيفها الكهرومغناطيسي، بين الأشعة فوق الحمراء وأشعة الميكروويف. ولا تؤثر الأشعة على صحة الإنسان، ولا ترث في الخلية البشرية، إلا أنها ليست بالقوة الكافية لاختراق العظام. وتستخدم الأشعة منذ عام 2005 في بعض المطارات الأميركية، ومطار فرانكفورت الدولي، للكشف عما قد يخبئه الإرهابيون من متفجرات أو مال تحت ملابسهم. كما تستخدمها وكالة الفضاء الأوروبية في قياس درجة الحرارة في طبقات الأرض العليا من الفضاء، وتستخدمها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في الكشف عن الأضرار التي قد تلحق بجدران خزانات مركبات الفضاء لأن هذه الخزانات مغطاة بطبقات من السيراميك والمواد المضادة للتأكسد، ومن غير الممكن رؤية الشقوق التي قد تحصل فيها بالعين المجردة.

وأعلنت جامعة ميشيغان قبل أيام عن رغبتها في استخدام التقنية للكشف عن الآثار والكنوز أيضا. واستخدمت الباحثة بيانكا جاكسون، من ميشيغان، جهاز «التير هيرتز» في الكشف عن بعض اللوحات المطلية على جدران كنيسة القديس جان بابتيس الفرنسية التي تعود إلى القرن الثالث عشر. ونجح الجهاز في الكشف عن اللوحات التي طليت عمداً في السابق، بل تلك التي تمت تغطيتها بطبقة من الجبس حفظا لها.

وذكرت جاكسون أنها ستعمل بالتعاون مع فريق من العلماء الفرنسيين على كشف ما هو مخبوء في قاعات وجدران وممرات وأقبية متحف اللوفر بباريس.

وتم تطوير الجهاز من قبل شركة بيكوميتريكس الأميركية. وتود جاكسون استخدام «التيرا هيرتز» الكشف عن أكثر من 100 ألف كنيسة قديمة في فرنسا وحدها. وقالت «نعرف بوجود مئات اللوحات المخبأة تحت لوحات أخرى أو تحت الجبس ويمكن لنا أن نزيد ثروة فرنسا الثقافية بسرعة». وكشفت الباحثة الأميركية الشابة أنها رسمت في البداية لوحة بالألوان ثم غطتها بطبقة من الزيت والجبس واستخدمت الجهاز للكشف عنها. وفعلا كشفت الأشعة اللوحة المخبأة تحت الجبس بالألوان.

وتأمل جاكسون في العثور على لوحة «معركة أنغاري»، التي يعرف العلماء أن ليوناردو دافنشي لم ينهها، ولكنه خبأها تحت لوحة أخرى يعتقد أنها في قصر «بلازو فيتشيو» بفلورنسا. ويبحث الآن هناك العالم ماوريزيو سيراجيني عن اللوحة المخبأة بواسطة أجهزة تستخدم النيوترونات، لكن جاكسون ترى أنها ستسبقه بجهازه «التيرا هيرتز» المتقدم.