سيول: فيزيائي قعيد يثير الإعجاب إلكترونيا

لم يتوقف عن الاكتشافات منذ إصابته في حادث سيارة

العالم لي سانج موك على مقعده المتحرك وهو يلقي محاضرة في علم فيزياء البحار «نيويورك تايمز»
TT

كان لي سانج موك يجلس على مقعده المتحرك، وهو يلقي محاضرة في علم فيزياء البحار، وقد ظهرت خلفه صور توضح الطريقة التي يمكن أن تكون البحار قد تشكلت بها. ولتوضيح الصور، كان الدكتور لي المصاب بالشلل من رقبته حتى أسفل جسمه، يتحدث لتشغيل الكومبيوتر الخاص به. وهو يقول إن تمرير الشاشة هو أصعب الأمور. وقد عانى الدكتور لي من انخفاض معدل عمل الرئة بنسبة 40 بالمائة عن الشخص العادي. وعلى الرغم من إصابته بالشلل، نتيجة حادث سيارة منذ نحو سنتين، إلا أن الدكتور لي الذي يبلغ من العمر 46 عاما ما زال يتمتع بالقدرة الكبيرة على مواصلة العمل. وقد أصبح مثالا يحتذى للمعاقين في كوريا الجنوبية. وفي الإعلام الكوري الجنوبي، تتم مقارنته دائما بالعالم البريطاني ستيفن هوكنج. ويعارض الدكتور لي بتواضع شديد مثل هذه المقارنة، ويقول إنها مجرد مقارنة سطحية. وعلى الرغم من التقدم الاقتصادي والثقافي السريع في كوريا الجنوبية، إلا أن الوعي الاجتماعي بالمواطنين المعاقين ما زال يحتاج إلى المزيد. فالعائلات التي يصاب بعض أفرادها بالإعاقة يضطرون إلى إبقائهم في المنزل ويشعرون بالخجل من وجودهم ويخشون نظرات الآخرين ومعاملتهم القاسية. وفي الواقع فإن قرار الدكتور لي بالاستمرار في العمل في مجال التدريس في أكبر الجامعات، سبّب له حرجا أمام زوجته ووالديه، الذين يفضلون التركيز على محاولة تأهيله بدنيا. وقد أصيب الدكتور لي عام 2006 أثناء رحلة جيولوجية إلى صحراء كاليفورنيا، حيث انقلبت السيارة التي كان يقودها. ومع ذلك، فقد عاد إلى العمل بداية عام 2007. وفي كل مرة يقوم فيها باختبار جهاز جديد لاستخدامه الشخصي، فإنه يشعر بالسعادة، كما لو أنه قام بحل مشكلة علمية معقدة. وقد شعر بالسعادة الغامرة عندما عثر على جهاز يتيح له الاتصال والرد على الهاتف عن طريق النقر على فأرة الكومبيوتر. وهو الآن يعمل على جهاز كومبيوتر من خلال برنامج يسمى «كليكي» يسمح له بالكتابة واختيار الحروف عن طريق الكلام. وأثناء غداء مع زملائه، أدهش الدكتور لي الحاضرين باستخدامه ميكروفونا على مسند الرأس في كرسيه المتحرك بواسطة خده الأيمن لإرجاع الكرسي إلى الوراء. وفي طريق عودته من الكافيتريا إلى مكتبه، استخدم الدكتور لي خده الأيمن مرة أخرى، ولكن في هذه المرة لتحويل الكرسي إلى وضع يخفف الصدمات عند عبوره على الطريق غير الممهدة. وهو يقول: «إن الأمر يشبه التزحلق على التلال». وقد ولد الدكتور لي في سيول عام 1962، وانتقل إلى إندونيسيا عندما كان في سن 12 من عمره، بعد انتقال والده الذي كان يعمل في المجال المصرفي إلى هناك. وكغريب هناك، أصبح مهتما بجغرافية هذا البلد وكان يلتهم كل المجّلات التي كان يجدها في مكتبة المدرسة في جاكرتا، وكان يحلم بالسفر إلى أماكن بعيدة حول العالم. وهو يذكر أنه في أحد الأيام، رجع والده إلى البيت وكان قد تناول الشراب مع بعض الزملاء، وقال له إنك سوف تصبح عالما كبيرا. وكان والده مقتنعا بأن جغرافية المحيطات سوف تكون مجال المستقبل. وكان الولد مندهشا من هذا الحديث الذي وقع بينهما خلال هذه الحادثة، واتجه بعد ذلك إلى دراسة جغرافية المحيطات في جامعة سيول الأهلية. وبعد ذلك غّير والده رأيه ومارس الضغط عليه ليصبح طبيب أعشاب، وهو منصب جيد في كوريا الجنوبية، وسوف يجعله قادرا على علاج والديه عندما يكبران وأن يكون قريبا منهما. وتقول لي يوجين التي تبلغ 45 عاما وهي الأخت الصغرى للدكتور لي: «كان ذلك يعني حياة منغلقة له. وقد رفض ذلك رفضا قاطعا. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدى فيها والديه». وانتقل بعد ذلك في دراسته إلى الولايات المتحدة. وقام بعمل أبحاث تتعلق بجغرافية المحيطات. وبعد ذلك كان يقضى نحو 3 أشهر كل عام على باخرة أبحاث لمعهد المحيطات والتنمية الكوري، قبل الالتحاق بكلية ألما ماتر عام 2003.

* خدمة «نيويورك تايمز»