«الثلاثاء الكبير» اختبار لقدرات الانترنت

المرشحون بثوا المئات من أفلام الفيديو في «يوتيوب» وأعدوا لمحات عن حياتهم على «فيس بوك»

هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الاميركية تحيي مؤيديها في مدينة البروك بنيو مكسيكو (رويترز)
TT

«الثلاثاء الكبير» ليس مجرد استنزاف الحملات الانتخابية من الأموال الضرورية وتحدي قدراتها التنظيمية. فالخامس من فبراير يتحول الى «اختبار كبير» لقدرة الانترنت، وفقا لما يقوله مساعدون في الحملات.

وقال كريستيان فيري مساعد مدير حملة المرشح الجمهوري السناتور جون ماكين «لا نستطيع سوى شراء المزيد من الوقت التلفزيوني، ولا نستطيع فعليا سوى الذهاب الى كثير من الولايات، ولهذا فإننا بحاجة الى الاعتماد على الانترنت لنشر رسالتنا والمشاركة مع مؤيدينا».

وخلال أشهر، بث المرشحون المئات من افلام الفيديو على قنواتهم في يوتيوب، وأعدوا لمحات عن حياتهم على مواقع الشبكات الاجتماعية، وجددوا مواقعهم على الانترنت. وبغض النظر عن الحملات الانتخابية يعبئ المؤيدون طاقاتهم على الانترنت للتبرع بالأموال والدعاية للمرشحين من الجمهوري رون بول، الذي غذت حالته كنجم للروك على الانترنت، مسألة ترشيحه الى حد كبير، الى السناتور باراك أوباما الذي صار الآن في مستوى السناتورة الديمقراطية هيلاري كلينتون في استطلاعات الرأي، ولكنه يمكن أن يلعب ورقة رابحة مع السيدة الأولى السابقة في الشعبية على الانترنت.

وأعد أوباما سجلا على الانترنت، وجمع ما يزيد على 28 مليون دولار في يناير. وكان هوارد دين، الذي يعرف بأنه مرشح الانترنت الأول، قد جمع مبلغ 27 مليون دولار على الانترنت عام 2004، خلال كل حملته.

ولكن شبكة الانترنت تدور حول ما هو أكثر من مجرد جمع التبرعات. فقد اصبحت، بطرق كثيرة، قوة تندمج على نحو أعظم، وفق ما يقوله المساعدون، في عملية الحملة الانتخابية بأسرها، وتؤثر على كل وجوهها: جمع التبرعات، والاتصالات، والبحث والتنظيم الميداني. انها لا تحل، بالتأكيد، محل الحملة التقليدية من دار لدار، كما اثبتت نتائج ايوا ونيوهامشير وكارولاينا الجنوبية، حيث كان التنظيم على الأرض عاملا حاسما. ولكن بالنسبة لمنافسات الثلاثاء، عندما تصوت 24 ولاية، فإن شبكة الانترنت هي السبيل الأسهل، ناهيكم من كونه الأرخص، للوصول الى المؤيدين.

وبالنسبة لجوي تريبي، الذي ترأس استراتيجية دين على الانترنت وعمل ككبير مستشارين لدى السناتور السابق جون ادواردز، قبل ان ينسحب من سباق 2008، لا يمكن المبالغة بالفارق عن عام 2004.

وقال تريبي «قبل اربع سنوات كانت لدينا وسائل بدائية الى حد ما. كانت لدينا وسيلة MeetUp ليس غير. وكان الناس في هذه الوسيلة على الانترنت يتوحدون من مختلف انحاء البلاد، ولكننا في مقرات الحملة لم نكن نعرف ما الذي فعلوه. أما الآن فمع GoogleMap يمكن للناس أن يعرفوا اين هم. ويمكن ان يحددوا اماكن تصويتهم. ويمكنهم الدخول الى الانترنت والحصول على قوائم انتخابية وفعل ما يريدون. ويمكن للحملة ان تعرف كل هذا».

كان عاما تجريبيا بالنسبة لاستخدام الانترنت، مع هدف واحد في الذهن: ترجمة مشاعر الحماسة على الانترنت للنتائج المتحققة بعيدا عنه. وأدى التسارع لإيجاد طرق جديدة لاستخدام هذا الوسط لتقوية مواقع المرشحين إلى حملات مجانية للجميع وإلقاء «كل ما يستطيعون فعله على الجدار لرؤية ما سيبقى عالقا» حسبما قال تيم تاغاريس الذي ترأس فريق الإعلام الجديد الخاص بالسيناتور كريستوفر دود والذي انسحب من السباق الشهر الماضي.

أما بيتر داو مدير الانترنت الخاص بكلينتون، فقال إن استراتيجية الحملة اعتمدت على احتياجات المرشح في وقت محدد. فاستخدام كلينتون في فترة مبكرة من الحملة موقع يوتيوب كان محاولة منها لإظهار الجانب الخفيف في شخصيتها. وستقوم اليوم قبل انفتاح أبواب مكاتب الاقتراع غدا ستعقد اجتماعا في قاعة البلدية، وهذا سينقل على موقعها الانترنتي. وقال داو: «نحن نستطيع القيام بذلك فقط عبر الانترنت».

أما المرشح الجمهوري ميت رومي، فإن موقعه يتميز بالبراعة والحذق. وقالت ميندي فين كبيرة استراتيجيي موقع الانترنت الخاص بالمرشح رومي، إن عدد الاتصالات زاد به خلال الشهر الماضي بمقدار عشرة أضعاف، منذ أن فاز رومي بولاية ميتشيغان. وأضافت: «في نهاية الأمر تعتمد شعبية موقعنا على ميت رومي نفسه. فالأجهزة موجودة، نحن بنينا ما كان ممكنا بالنسبة لنا، لكن كسب اهتمام الناخبين يعتمد عليه».

والدرس للجميع هو أن كل الأجراس والصافرات وكل التجديد لا يضمن بالضرورة توافر جمهور. والنجاح على الانترنت هو مزيج من التوقيت والرسالة والمرشح.

وقال لي ريني مدير «بو انترنت ومشروع الحياة الأميركية»: «إنهم يتعلمون من خلال تجربتهم. لكن الشيء المثير للاستغراب الشديد، هو أنه قبل عام لم يكن أي من المرشحين تقريبا قد نظر بخوف إلى الانترنت. هذا لا يعني بالضرورة أن كل ما قاموا به كان فعالا. لكن ما يعني هو أن الجميع يمتلكون تقريبا استراتيجية خاصة بأفلام الفيديو مع استراتيجية للشبكات الاجتماعية واستراتيجية لجمع التبرعات. الكل يحاول أن يقوم بكل ما هو ممكن سلبا أو إيجابا».

أما مايكل تارْك الذي أدار عملية الانترنت للرئيس بوش عام 2004 وعمل مستشارا للسيناتور السابق فريد تومبسون فهو يشعر بالخيبة بشكل عام مع أكثر العمليات المدارة عبر الانترنت بالنسبة للجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.

وأضاف تارك: «حينما تنظر من الخارج تجد أنه من الصعب معرفة أي من الحملات الانتخابية لها استراتيجيات متجانسة. نعم أصبح للتكنولوجيا حضور في هذا المجال. لكنني متأكد تماما بأنه إذا كانت الحملات قد حققت حقا تقدما». ولا يرمي تارك، اللوم على المعلنين عبر الانترنت وهؤلاء يحتلون مواقع متقدمة في البناءات الهرمية للحملات الانتخابية. ففي كل عملية هناك «فرق ما بين ما يحاول القيام به فريق الانترنت، ومع ما هو ممكن تحقيقه» حسبما قال تارك.

يمكن القول إن صعود الشبكات الاجتماعية هي قصة كبيرة في السنة الماضية. فماكين وأوباما بنيا موقعين هما McCainSpace وMyBarackObama لمعارضة النتائج. فمنذ البداية اعتبر ماكين «كارثة شاملة». أما موقع MyBarackObam فنظر إليه كتجربة ناجحة، والآن هناك 350 ألف مؤيد وقعوا، كي يدخلوا على الموقع.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)