العوالم الافتراضية على الإنترنت.. بوابة جديدة للإرهابيين

زوارها بالملايين ويمكن من خلالها إجراء اتصالات وكسب الأموال وإنفاقها

TT

يحذر المسؤولون في الاستخبارات الاميركية من ان خدمات الانترنت، التي تسمح لمستخدمي الكومبيوتر بتقمص شخصيات كارتونية مجسمة في الفضاء الانترنتي يتسببون في مشاكل أمنية، بفتح أبواب جديدة للارهابيين والمجرمين لنقل الاموال وتنظيم اجراءات وعمليات التجسس. وفي السنوات القليلة الماضية اصبحت «العوالم الافتراضية» مثل «الحياة الثانية» وغيرها من العاب الكومبيوتر ملجأ لملايين من الشخصيات الكومبيوترية المعروفة باسم «المتقمص»، أي شخصية تحل محل الشخصية الاصلية، وهي ترجمة لكلمة avatars وهي كلمة هندية تعني حلول شخصية محل شخصية اخرى. ويمكن للافراد عن طريق توجيه «المتقمص» تبني شخصيات تبادلية، واجراء علاقات اجتماعية، وكسب الاموال وانفاقها عبر مساحات على الانترنت.

وقال مسؤولون في الاستخبارات، الذين فحصوا تلك الشبكات، انهم على قناعة بأن النوعية الجذابة التي يجدها العديد من مستخدمي الكومبيوتر بخصوص العوالم الافتراضية ـ بما فيها الغموض والتواصل العالمي والقدرة المتوسعة على اجراء عمليات نقل مالية خارج القنوات الطبيعية ـ قد حولتهم الى مجال للتهديدات عبر الحدود.

وذكر بحث اصدرته مشاريع ابحاث الاستخبارات المتقدمة «ان العوالم الافتراضية هي الجبهة الجديدة، وهي لا تزال بيئة مثل بيئة الغرب البري». «ولسوء الحظ، فإن ما كان في البداية بيئة حميدة يتجمع فيها الناس لمشاركة المعلومات او استكشاف عوالم خيالية، اصبح الان يقدم فرصة للمتطرفين الدينيين والسياسيين، لتجنيد الاشخاص واجراء تجارب ونقل الاموال، وفي النهاية المشاركة في حرب معلومات او اسوأ من ذلك بدون عقاب».

وتجدر الاشارة الى ان قلق الحكومة المتزايد يشير الى احتمال تحول العوالم الافتراضية الى ميدان معركة في الصراع على الحدود المناسبة لطلب الحكومة لتحسين الأمن عبر جمع المعلومات وتحليلها ومراقبة شبكات الكومبيوتر التجارية.

ويمكن للعوالم الافتراضية ان تصبح ميادين معركة حقيقية. وبدأت اجهزة المخابرات في دراسة كيفية استخدام الحياة الثانية وغيرها من مثل هذه التجمعات، كمنصة للاسلحة الالكترونية التي يمكن استخدامها ضد الارهابيين او الاعداء، طبقا لما ذكره مسؤولون في قطاع الاستخبارات. واقترح محلل اجراء تجارب على فرق من خبراء الحرب الالكترونية. واشار البحث الى «ما هي الاشياء الاضافية الممكنة في العوالم الافتراضية، التي لا يمكن القيام بها في العالم الحقيقي؟ يحتاج قطاع الاستخبارات الى بعض السيناريوهات المحتملة».

واشار مسؤولون حكوميون الى ان وكالة الاستخبارات المركزية خلقت بعض الجزر الافتراضية للاستخدام الداخلي، مثل التدريب والاجتماعات غير السرية.

وذكر بعض خبراء المناقشات الخاصة بالخصوصية، انهم يعتقدون ان هيئات تطبيق القانون وسلطات الامن القومي على استعداد للتحرك عبر صياغة قوانين جديدة للتوصل الى خوادم الكومبيوتر الضخمة التي تضم تلك العوالم الافتراضية.

وقال جيم ديمبسي مدير السياسة في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا، وهي مؤسسة لا تسعى للربح تراقب القضايا الخاصة، انه سمع نفس مشاعر القلق من الحكومة بعدما اصبحت الهواتف الجوالة شعبية في الثمانينات، ومرة اخرى عندما زاد انتشار الانترنت في التسعينات.

وقال دمبسي ان مخاوف الأمن الوطني مبالغ فيها، لأن البلاد بها آلية قانونية وتكنيكية لإعطاء الحكومة حق الحصول على السجلات الرقمية التي تحتاجها. واضاف «يريدون السيطرة على هذه التقنية وتسهيل الاطلاع عليها. وعندما تنتهي الحكومة، تصبح كل تقنية جديدة وسيلة مراقبة اكثر قوة من التقنية التي سبقتها». وتجدر الاشارة الى ان الاسئلة الخاصة بتأثير المخترعات الحديثة في مجال الاتصالات ليس بالشيء الجديد. فقد استخدم المجرمون والارهابيون وغيرهم مواقع الانترنت لأكثر من عقد من الزمن، لتجنيد وتشغيل المشاريع الوهمية والاتجار في البورنوغرافيا. وردت هيئات تطبيق القانون وسلطات الاستخبارات على انتشار تقنيات جديدة بمحاولة الحصول على سلطات مراقبة جديدة.

وذكر مسؤولون استخباريون ان انتشار العوالم الافتراضية قد خلق تحديات جديدة، لأن الخدمات التجارية لا تحتفظ بسجلات للاتصالات بين الشخصيات الافتراضية، لأن الشركات بسبب طبيعة الشبكات، ليست لديها وسيلة لمراقبة خلق واستخدام المباني الافتراضية ومراكز التدريب، بعضها محمي بكلمة مرور لا يمكن اكتشافها تقريبا.

وقال تقرير مركز الابحاث ان «البيئات الافتراضية تقدم العديد من الفرص لتبادل المعلومات بدون لفت الانتباه. وبالاضافة الى ذلك هناك العديد من القنوات الخاصة التي يمكن استخدامها لتبادل الرسائل السرية. وهناك ايضا الارقام. بعض خبراء التسويق والتقنية اشاروا الى احتمال زيادة ضخمة في استخدام العوالم الافتراضية في السنوات القادمة. ومع زيادة عدد الاشخاص الذين يتقمصون شخصيات اخرى يصبح من الصعب معرفة الشخص السيئ، كما ذكر مسؤولون استخباريون، كما هو الامر في العالم الحقيقي. وواحد من الصعوبات الاساسية هو معرفة هوية الافراد.

وذكر التقرير «التحدي الذي نواجهه هو ان نتمكن من التفريق بين المتعصبين والشخص العادي الذي يبحث عن وسيلة للتسلية». وفي الشهر الماضي بادر تقنيو «الحياة الثانية» إلى إغلاق ما يقرب من 10 بنوك انترنتية تتعامل مع عملة افتراضية تساوي مبلغا غير محدد من الدولارات الحقيقية بعد أن أثار عدد من مستخدمي الكومبيوتر أسئلة حول ما إذا كانت تلك البنوك تدفع الفائدة المقترحة.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»