الهند: قرارات عقابية تصل لحد السجن لمن لا يرعى والديه من الأبناء

الوالدان فوق الـ 60 عاما يستحقان النفقة

TT

حاول إبن في مدينة كولكتا بيع كلى والده العجوز للحصول على المال، وحاول أبناء امرأة مريضة بالسرطان في مدينة حيدر آباد تبلغ من العمر 75 عاما حرقها حية في مكان لحرق الجثث بالمدينة لأنهم لا يريدون ان ينفقوا على المزيد من جلسات العلاج. توضح هاتان الحالتان المحنة التي يواجهها كبار السن في الهند. لعلاج مثل هذه الحالات بالصورة القانونية أصدرت الحكومة الهندية في ديسمبر (كانون الأول) 2007 قرارا يلزم الأبناء والبنات برعاية آبائهم وأمهاتهم أو التعرض لعقوبة السجن. وكان البرلمان الهندي قد أجاز مشروع قانون «الإنفاق على الآباء والأمهات وكبار السن ورعايتهم، لعام 2007»، وهو قانون يتضمن إجراء عقابيا للذين يهملون آباءهم وأمهاتهم. وينص القانون المشار إليه على عقوبة السجن لمدة ثلاثة اشهر على من تدينه محكمة بالتخلي عن الأب أو الأم مع احتمال الحرمان من وراثة أي ممتلكات للوالدين. ثمة جانب مهم في القانون يتمثل في توفير الحماية ليس فقط لكبار السن وإنما لأي أب وأم في حاجة إلى رعاية. «كبر السن»، طبقا للتعريف، ينطبق على ما يتعدى عمرهم 60 عاما، ولا يشمل هذا التعريف الآباء والأمهات دون هذا العمر ويحتاجون إلى رعاية. الآباء والأمهات الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما يصبحون بنص القانون مستحقين للنفقة إذا كان لديهم بنات أو أولاد يتقاضون دخلا. استنادا إلى هذا القانون توجه أب وأم كبار في السن بمدينة مومباي إلى الشرطة لدى رفض ابنهما رعايتهما بذريعة انه سينتقل إلى العيش في مدينة أخرى. وفي نهاية الأمر اضطر الإبن إلى الإنفاق على والده ووالدته تحت إشراف مجموعة تعمل في مجال الرعاية الاجتماعية. على الرغم من ان رعاية وخدمة العجزة واحدة من القيم المعروفة عن المجتمع الهندي، ولكن في ظل تلاشي الأسرة المشتركة باتت حالات التخلي على الوالدين ظاهرة متزايدة. فقد باتت وسائل الإعلام الهندية تورد عددا من أعمال لا إنسانية من جانب الأبناء والبنات تجاه الآباء والأمهات الكبار السن، فضلا عن عدد من الحالات التي تخلى فيها أبناء وبنات عن آبائهم وأمهاتهم الكبار السن أو عاملوهم بطريقة سيئة. وتتلقى منظمة غير حكومية تعمل في مساعدة كبار السن في نيودلهي 300 شكوى في الشهر من سوء المعاملة بعضها من آباء وأمهات أخد منهم أبناؤهم وبناتهم المنزل ولم يوفروا لهم الرعاية. ويهدف التشريع إلى مساعدة 76 مليونا من المواطنين الهنود الكبار السن.

ويتوقع ان يصل عدد هؤلاء في الهند بنهاية العام 2026 إلى 173 مليونا. وطبقا لسجلات وزارة الرعاية الاجتماعية تنتمي نسبة 90 بالمائة من هؤلاء إلى الذين لا يشملهم نظام الضمان الاجتماعي، ويعيش 40 بالمائة من المواطنين الكبار السن تحت خط الفقر، ويسكن 75 بالمائة منهم في المناطق الريفية، و55 بالمائة من النساء اللائي تعدين سن الـ60 أرامل و73 بالمائة أميات. تقيم الحكومة الهندية بموجب القانون محاكم في كل مقاطعة لكي يتمكن الآباء والأمهات الكبار السن الذين يعانون من إهمال الأبناء والبنات من تقديم شكاواهم، وبوسعهم الذهاب إلى المحاكم بأنفسهم أو توكيل شخص نيابة عنهم. وينص القانون على ان الآباء والأمهات الكبار السن إذا سلموا منزلهم للأبناء أو البنات أو واحد من الأقرباء الذين لا يقومون برعايتهم، فإن المنزل سيعاد إلى مالكه الأصلي. لا يتضمن القانون مجالا لاستئناف الأحكام العقابية، ويتحدث التشريع أيضا عن إقامة دور للعجزة في كل مقاطعة «كحل أخير للفقراء والذين ليس لديهم بنات أو أبناء». على العكس من الغرب، حيث يترك الأبناء والبنات منزل الأسرة عندما يصلوا سن 18 عاما، يعيش الأبناء والبنات في مجتمعات شبه القارة الهندية في منزل الأسرة طوال حياتهم ويتعاملون مع الآباء والأمهات بالاحترام اللازم. ولكن في ظل تغلب موجة التحديث والنزعة المادية على العلاقات الإنسانية بدأ البعض يهملون الآباء والأمهات متخلين عن تقاليد اجتماعية راسخة.