أميركا : كتب الرياضيات الحديثة تثير الجدل بين الآباء والمدرسين

تدفع التلاميذ إلى استخدام الوسائل الإبداعية للعثور على إجابة

كريج بارلو يساعد ابنه كريستيان في حل مسألة حسابية معقدة «واشنطن بوست»
TT

كان غريغ بارلو، الضابط بالقوات الجوية في مكتب وزير الدفاع في البنتاغون، يساعد ابنه كريستيان، البالغ من العمر 8 سنوات، في حل مسألة حسابية معقدة: ما هو حاصل 674 زائدا 249.

ولم يحل التلميذ في مدرسة برنس وليام كوينتي المسألة بالطريقة التقليدية وينقل الارقام من عمود الى العمود التالي، بالطريقة التي تعلمت بها عدة اجيال، بل كان يطبق الدروس التي تعلمها من كتاب الرياضيات الجديد في المدرسة «التحقيق في الارقام والمعلومات والفضاء» وحاول كريستيان تفكيك المشكلة الى ارقام سهلة.

ولكن بعد عدة ثوان وصل الى طريق مسدود. ورسم خطوطا تربط الارقام وكانت النتيجة هرما مقلوبا مع ارقام في القاع. ودفعه والده بطريقة استاذية نحو الطريقة التقليدية. وفي برنس وليام وفي مدارس اخرى في الولايات المتحدة، اثارت كتب تدريس الرياضيات الجديدة الفوضى بين عدد من الاباء والمدرسين الذين قالو انها فشلت في مساعدة الاولاد على تعلم خبرات الرياضيات الاساسية. بينما ذكر خبراء التعليم الذين يفضلون الطريقة الجديدة في انها تساعد التلاميذ على تعلم الرياضيات بطريقة اكثر عمقا وهم يستعدون لدراسة الجبر.

والجدل حول «التحقيق في الارقام والمعلومات والفضاء،» وهو سلسلة أعدتها مدرسة بيرسون وتستخدم في آلاف من المدارس الابتدائية، هي واحدة من الجبهات الجديدة في حرب الرياضيات. ومثل هذه المعركة حول النصوص المدرسية ووسائل التعليم ناتجة في بعض الاحيان من قلق الاباء الذين يشعرون بالعجز حول تعليم اولادهم ولا سيما في موضوعات يعرفونها.

وبرنامج تدريس الرياضيات الذي طرح في التسعينات وظهرت منه نسخة جديدة في فصل الخريف الماضي، يقدم اجابة موحدة الى حاجة الولايات المتحدة المتزايدة الى تعليم اقوى في مجال الرياضيات في المرحلة الابتدائية. وقد طورت منظمة تيرك في كامبريدج بولاية ماساتشوستس «التحقيقات» بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية.

ولا يركز البرنامج على التلقين ويدفع التلاميذ لاستخدام المزيد من الوسائل الابداعية للعثور على اجابة مثل رسم الصور، وممارسة الالعاب واستخدام الاشياء. وقال مسؤولون في مدرسة الامير وليام ان «التحقيقات» التي تكلف المقاطعة اكثر من مليون دولار، تعلم التلاميذ لماذا الاجابة صحيحة، وتعدهم لمفاهيم الجبر وتزيد من معدلات النجاح في امتحانات الولايات.

كارول نايت، مشرف الأمير ويليام في مادة الرياضيات، قال ان الأطفال عندما يقسمون الأرقام الى مضاعفات الـ10 والـ100 يزداد فهمهم للقيمة و«الإحساس بالعدد». وأضاف نايت، ان التذكير والتلقين لا يفيدان كثيرا، وقال ان التقصي والتفكير يجعلان التلميذ مدركا للقيم الحقيقية للأرقام ولا يستخدم الطرق القصيرة. عندما يضربون الرقم 23 مرة فإنهم يضاعفون الرقم 20 خمس مرات ليحصلوا على 100 ثم يضيفون 3 خمس مرات ليحصلوا على 15 ويجمعون الحصيلة لتصبح 115. استعمل في دروس الرياضيات للأمير ويليام كتاب Investigations من مرحلة التعليم ما قبل المدرسي حتى السنة الثالثة، وهناك خطط للعمل له في السنة الرابعة ابتداء من العام الدراسي المقبل والسنة الخامسة اعتبارا من العام التالي. إلا ان عددا من أعضاء مجلس المدرسة يحاولون التكتل للقضاء على البرنامج. ووزع المعارضون له عريضة وقع عليها 1000 شخص وأوجدوا موقعا لهم على شبكة الانترنت. وقالت كاثي ديليندر، المسؤولة عن التعامل مع المسائل المتعلقة بالرياضيات، انها لا تعرف ما حدث للأمير ويليام، وتتساءل ما اذا زار الآباء والامهات فصول الدراسة، مؤكدة ان هذا يجب ان يكون قرارا يتخذه جميع المتأثرين له. وأضافت قائلة ان هناك كثيرين يؤيدون البرنامج. استخدم طلاب السنة الثالثة في الآونة الأخيرة بمدرسة سبرينغوودز الابتدائية مجموعة من الوسائل لحل مشاكل الكلمات. بعضهم واجه صعوبة في الحصول على المهارات التي يمكن تطبيقها على المشكلات. على سبيل المثال، كانت هناك 28 طاولة في حجرة الدراسة وضعها المدرسون في مجموعات، تضم كل واحدة 4... ما هو عدد المجموعات في حجرة الدراسة؟ عملت لانا كوبر واودري ميشلر على حل المسألة. رسمت اودري علامات لتسهيل معرفة عدد المجموعات، كما استعانت بمكعبات بلاستيكية. تدخلت المدرّسة، روندا ايلينغتون، ووضعت المكعبات الى اربع مجموعات، واستخدمت لانا واودري بعد ذلك اصابع اليدين لحساب مجموعات المكعبات، وتوصلتا الى الإجابة الصحيحة 7. وقال جيسي ميشلر (33 عاما)، وهو مدير خدمات مالية، انه وزوجته بريسيلا، سعيا في البداية الى اقناع أودري لحفظ بطاقات المعلومات السريعة ولكنها رفضت. وقال «كنا نحاول تعليمها كيفية حفظ أشياء مثل اثنين في اثنين يساوي أربعة. وقد خلق لديها الأمر بعضا من الاحباط والقلق. وقد غيرنا الطريقة. وتوصلت الى أنها لا ينبغي ان توضع في ذلك الموضع. وشعرنا انه من الأفضل المشاركة مع المعلم».

ويستشهد مسؤولو مدرسة برنس ويليام بالبحث من ناشر كتاب (تحقيقات) ليظهروا ان نسب الطلاب الذين يستخدمون منهج الرياضيات والذين اجتازوا الامتحانات قد زادوا في أنظمة المدارس في 20 ولاية. فقد أظهرت أن 80 في المائة من طلاب الصف الثاني الذين استخدموا (تحقيقات) في السنة الدراسية الماضية كانوا كفوئين في جميع مجالات المهارات العشر التي تضمنها «اختبار ستانفورد التشخيصي للرياضيات». ولكن المتشككين يقولون ان نتائج اختبار ستانفورد تظهر ان طلاب الصف الثاني وصلوا الى المستوى العام في البلاد وان طلاب الصف الأول كانوا دون المعدل بقليل، وهو ما يقل كثيرا عن توقعات أولياء الأمور.

كما يشير المنتقدون الى نتائج الاختبار في مدرسة بمنطقة غريس في نيويورك. وترأس ستيفن والتس تنفيذ «التحقيقات» في مدارس منطقة غريس خلال عمله كمشرف هناك. وارتفعت نتائج اختبار الرياضيات في المدارس الابتدائية والمتوسطة في عامي 2006 و2007 في مدارس غريس، ولكن مستويات النتائج في الصفوف المختلفة ما تزال تضع المنطقة في موضع أدنى بكثير من معظم المناطق الـ 17 الأخرى، وفقا لما قاله دوغلاس سكيت المدير المتقاعد في غريس.

وقد أثيرت الجدالات حول منهج الرياضيات في أنحاء كثيرة من الولايات المتحدة. وقد أرغم مشرف في نيوجيرسي دعم بدائل الرياضيات مثل «التحقيقات» على الاستقالة من وظيفته بعد شكاوى قدمها أولياء امور الطلاب. وفي أوتا تراجع مسؤولون عن «التحقيقات»تحت ضغط من المشرعين وأولياء الأمور، على الرغم من تحسن النتائج.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»