احتمالات تخريب كابلات الإنترنت في الشرق الأوسط تطفو على السطح من جديد

مع اقتراب شركة فلاغ تيليكوم الهندية من نشر تقريرها الفني

TT

مع اقتراب شركة فلاغ تيليكوم الهندية من نشر تقريرها الفني حول أسباب انقطاع عدة كابلات لشبكة الانترنت تحت البحر في منطقة الشرق الاوسط اواخر الشهر الماضي ومطلع الحالي، طفت على السطح من جديد احتمالات ان تكون أياد تخريبية وراء هذه السلسلة من الحوادث الدراماتيكية، التي لمسها ملايين مستخدمي شبكة الانترنت من مصر غربا وحتى الهند شرقا. فالتصريحات، التي اطلقها الخبير السعودي سامي بن صفوق بن البشير المرشد مدير مكتب تنمية الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة وقال فيها انه لا يستبعد ان يكون وراء الحادث عمل تخريبي، كان لها صدى مؤثر في اوساط العاملين في قطاعات الاتصالات بالمنطقة.

وهذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها مسؤول على هذا المستوى الاممي، حول وجود شكوك بأعمال تخريبية وراء عطل خمسة كابلات للانترنت والاتصالات الهاتفية في منطقة حيوية كالشرق الاوسط، وفي اوقات متقاربة للغاية تجعل عامل الصدفة مبالغا فيه على ما يبدو. وفي دبلوماسية واضحة، رمى المرشد شكوكه في ملعب شركة فلاغ تيليكوم الهندية، التي تملك الكابلات، بقوله ان نتائج ابحاث هذه الشركة ستظهر ما وصفها بـ«النتائج الدقيقة والحقيقية».

ونفى المرشد فى تصريحات على هامش المنتدى الاقليمي للامن المعلوماتي في الدوحة، قيام الاتحاد الدولى للاتصالات باجراء أي تحقيقات بشأن انقطاع الكابلات البحرية فى البحر الابيض المتوسط ومنطقة الخليج فى وقت واحد، مؤكدا ان الاتحاد ليس جهة تحقيق.

وتعرضت منطقة الشرق الاوسط وشبه القارة الهندية لانقطاع خمسة كوابل بحرية تمتد من البحر المتوسط عبر البحر الاحمر الى الخليج العربي والمحيط الهندي خلال فترة قصيرة، ابتدأت يوم 23 يناير (كانون الثاني) الماضي بعطل لم يتم الابلاغ عنه قبالة السواحل الايرانية، ثم يوم 30 من الشهر نفسه والاول من فبراير (شباط) 2008. والكابلات الخمسة التي تعطلت وفقا لماهيش جايشنكر المدير التنفيذي لتطوير الاعمال في شركة «دو» الاماراتية للاتصالات، كانت كابل سيميوي ـ4 (جنوب شرق آسيا ـ الشرق الاوسط ـ اوروبا الغربية ـ4) قرب بينانغ بماليزيا، وكابل فلاغ اوروبا ـ آسيا قرب الاسكندرية، وكابل فلاغ قرب سواحل دبي وكابل فالكون قرب بندر عباس في ايران، وكابل سيميوي ـ4 ايضا قرب الاسكندرية.

من جهتها، لا تزال فلاغ تيليكوم تلتزم الصمت المطبق بعد سحبها للكابلات التالفة للتعرف على اسباب الاعطال التي اصابتها، واقتصرت المعلومات الصادرة عن مسؤوليها على تطور عمليات اصلاح الكابلات واعادتها للتشغيل. وكانت الشركة نفسها قد استبعدت في بداية الازمة سيناريو التخريب المتعمد للكابلات قائلة، أي جهة لو حاولت قطع الاتصالات في الشرق الاوسط لكانت قطعت كابلات أخرى ايضا كانت لا تزال صالحة حينه. وحسب فلاغ تيليكوم، فإن شبكتها هي واحدة من أحدث الشبكات عمرا، حيث قال فينيت كومار المتحدث باسم الشركة في تصريحات سابقة، انه من غير المرجح تعطل الكابلات بسبب التقادم او التلف، مشيرا حينئذ الى ان الشركة لا تستطيع التكهن بأسباب الانقطاع لأربعة كابلات في فترة زمنية قصيرة جدا، حتى ترفع الكابلات المقطوعة وتفحصها لمعرفة الاسباب. ووفقا لبيانات اللجنة الدولية لحماية الكابلات، فإن كابل فلاغ اختصار بالانجليزية لـ«عقدة الالياف البصرية حول العالم»، الذي يمتد من الاسكندرية في مصر الى مومباي على الساحل الغربي للهند، ويتألف من 11 مقطعا، دخل الخدمة عام 1997 أي منذ عشر سنوات فقط، وهو يستخدم التقنية الحديثة في صناعة كوابل الالياف البصرية. ويرى معظم خبراء الاتصالات ومشغلي الكابلات ان شبهة التخريب مستبعدة، الا ان احدا منهم لم يعرف بالضبط كيف تضررت الكابلات او ان كانت هذه الحوادث مترابطة. ففي البداية ألقي اللوم على سفينة ألقت مرساتها في منطقة الكابل قبالة الاسكندرية، الا ان السلطات المصرية سرعان ما نفت هذه المزاعم، بعدما تأكدت من صور الاقمار الصناعية انه لم تمر اية سفن في تلك المنطقة التي تبعد 12 كيلومترا في البحر عن الاسكندرية قبل الحادث او بعده بـ12 ساعة. وتتميز الكوابل الجديدة ببطانة خاصة مكونة من عدة طبقات، وكل طبقة لها وظيفة خاصة للحفاظ على سلامة الكابل ولنقل المعلومات بشكل سريع ومن دون مشكلات. الطبقة الاولى مكونة من البولي اثيلين، وهي مادة كيماوية مقاومة للماء. الطبقة الثانية عبارة عن مادة بلاستيكية دقيقة اسمها المايلار، والطبقة الثالثة مكونة من اسلاك فولاذية متراصة. اما الطبقة الرابعة فهي عبارة عن حاجز الومنيوم مقاوم للماء. وتتكون الطبقة الخامسة من مادة البولي كربونيت وهي مادة كيماوية خاصة مقاومة للصدمات ولدرجة الحرارة العالية. الطبقة السادسة عبارة عن حاجز ألمنيوم اضافي. والطبقة السابعة مكونّة من الالبترولاتوم وهي مادة كثيفة وصلبة جداً واخيرا تأتي الالياف البصرية؛ اي توجد سبع طبقات حماية. وحفلت منتديات الانترنت بنظريات المؤامرة حول هذا الحادث، واعتمدت على ان الاتصالات الشبكية والهاتفية في اسرائيل لم تتأثر بهذه الحوادث، كما استشهدت بأن ايران شهدت انقطاعا تاما لخدمة الانترنت. نظرية اخرى لمحت الى ان الولايات المتحدة قد تكون استخدمت غواصات لزرع اجهزة تنصت متقدمة في الكابلات لمراقبة حركة الاتصالات في المنطقة. وكانت الولايات المتحدة طورت في الستينات غواصات بهدف التنصت على الكابلات البحرية وقطع الاتصالات ونفذت هذه العمليات الغواصتان هاليبوت وبارتش. وتحمل الكابلات البحرية نحو 95 في المائة من حركة الانترنت والاتصالات الهاتفية في العالم، حسب اللجنة الدولية لحماية الكابلات وهي مجموعة تتكون من 86 عضوا مهمتها العمل مع شركات الصيد والتنقيب والحفر لدرء وقوع اية اضرار للكابلات البحرية. وتنتقل المعلومات بصورة اسرع واقل تكلفة تحت مياه البحار مقارنة بالاقمار الصناعية، كما ان البث بالكابلات البحرية يستحوذ على حصة اكبر في السوق وفقا للجنة.

تسلسل الأعطال

* الاربعاء 23 يناير : انقطاع كيبل فالكون التابع لفلاغ تيليكوم الهندية قرب بندر عباس قبالة السواحل الايرانية، وهو حادث لم يبلغ عنه ولم يتم اصلاحه حتى الاسبوع الاول من هذا الشهر.

* الأربعاء 30 يناير : انقطاع كابلي اتصال بحريين ناقلين لحركة المكالمات الصوتية الدولية في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما أدى إلى اختناقات في خدمتي الانترنت والمكالمات الصوتية الدولية في المنطقة ككل، وأثر على حوالي 60 مليون مستخدم في الهند و12 مليونا في باكستان وستة ملايين في مصر و4.7 مليون في السعودية و1.7 مليون في الامارات، حسب موقع «تيلي جيوغرافي» الدولي للابحاث.

* الجمعة 1 فبراير : انقطاع كابل فالكون البحري الواقع قرب سواحل الإمارات، بين الإمارات وعُمان وبين الامارات وقطر. وهو ما أدى إلى اختناقات في وسائط نقل الاتصالات الدولية.

* السبت 9 فبراير : فلاغ تيليكوم تصلح كابلا بحريا متعطلا يربط بين الاسكندرية وباليرمو الايطالية

* الاحد 10 فبراير ك فلاغ تيليكوم تعلن اصلاح الكابل البحري المتعطل الواصل بين دبي والسيب في سلطنة عمان