سقوط «تاجر الموت» في تايلند

تعتبره الولايات المتحدة أكثر تجار الأسلحة خطورة

الروسي فيكتور بوت أحد أشهر تجار السلاح في العالم بصحبة رجلي أمن تايلنديين لدى اعتقاله أول من أمس في العاصمة بانكوك لوجود ادعاءات عليه بأنه يورد الأسلحة لعدد من الجهات المحظورة في العالم (إ ب أ)
TT

تم في تايلند اعتقال رجل أعمال روسي، تعتبره الولايات المتحدة واحدا من أكثر تجار الأسلحة خطورة. وجرى هذا الإجراء أول من أمس باعتباره جزءا من عملية اميركية خفية. ووجهت ضده مباشرة تهمة التواطؤ في السعي لتهريب صواريخ وقاذفات القنابل الصاروخية للمتمردين في كولومبيا.

ويشتبه في أن رجل الأعمال فيكتور بوت، 41 سنة، زود طالبان والقاعدة بأسلحة وأرسل شحنات كبيرة من الأسلحة لتغذية الحروب الأهلية في أفريقيا بواسطة أسطوله الجوي الخاص. وتم إيقافه على يد السلطات التايلندية في فندق ببانكوك في عملية تظاهر فيها المحققون السريون بأنهم متمردون من «القوات الثورية المسلحة لكولومبيا»، يسعون لشراء أسلحة قيمتها ملايين الدولارات.

وقال مايكل غارسيا وكيل نيابة المنطقة الجنوبية في نيويورك إن بوت «تم اعتقاله في آخر مرحلة من مراحل عملية بيع بملايين الدولارات لأسلحة متطورة لأشخاص كان يعتقد أنهم يمثلون منظمة إرهابية، هي القوات الثورية المسلحة لكولومبيا».

وقال غارسيا: «يؤشر الاعتقال الذي جرى اليوم قمة عملية التحقيق التي شملت كل العالم، وهي تشير إلى انتهاء عهد واحد من أكثر مهربي الأسلحة المطلوبين للعدالة».

وتعتبر «القوات الثورية المسلحة لكولومبيا» تنظيما يساريا، ظل يقاتل الحكومة الكولومبية لعقود، ويسود اعتقاد أنها تمول نشاطاتها من خلال تهريب الكوكايين، وجرى تشخيص هذه المنظمة من قبل الولايات المتحدة، باعتبارها تنظيما إرهابيا أجنبيا ومساعدة مجموعة كهذه يعد جريمة.

وتم تسجيل المحادثات سريا، من خلال وكلاء يعملون لصالح وكالة مكافحة المخدرات الاميركية USDEA. لكن الصفقة لم تكن واضحة من خلال الوثائق التي تم نشرها من قبل الحكومة، لكن الشكوى أشارت إلى ان بوت كان يخطط لطلب 5 ملايين دولار تكاليف نقل صواريخ أرض ـ جو وقاذفات قنابل صاروخية إلى أميركا الجنوبية.

ولد بوت في طاجيكستان ودرس في المعهد العسكري للغات الأجنبية بموسكو، وبدأ في تجارته بالأسلحة بعدما تم حل وحدته الجوية مع انهيار الاتحاد السوفياتي.

وظلت الأقاويل تدور حول بوت، لكنه ظهر في عام 2002 فجأة عبر محطة راديو موسكو، حيث أصر على أنه شخص بريء وأنه لم يقم بأي اتصال بممثلي طالبان أو «القاعدة». وقال آنذاك إن الاتهامات «تشبه سيناريو مكتوبا لأفلام التشويق التي تنتجها هوليوود».

وأضاف بوت: «أستطيع أن أقول شيئا واحدا: أنا لم أزود أبدا أي طرف بأي شيء، وأنا لم أتصل قط بممثلين عن القاعدة أو طالبان».

عمل بوت ساهم، كما يقول البعض، في صياغة شخصية مهرب السلاح في فيلم نيكولاس كيج «سيد الحرب» Lord of the War، ويقول مسؤولون اميركيون انه كان يسيطر على اكبر أسطول خاص لطائرات الشحن في العالم خلال الحقبة السوفياتية. واستخدم بوت بمرور السنوات شركاته وشركاءه لإدارة سوق للسلاح لبيع البنادق والذخيرة وحتى الدبابات والمروحيات في إطار صفقات قال مسؤولون في وزارة الخزانة الاميركية انها أشعلت نزاعات في أفغانستان وأنغولا والكونغو وليبيريا ورواندا وسيراليون والسودان. وفي يوليو (تموز) 2004 جمدت وزارة الخزانة أرصدة بوت بموجب تشريع اميركي، وفي ابريل (نيسان) 2005 اتخذت نفس الخطوة تجاه 30 شركة وأربعة أشخاص لهم صلة ببوت.

وفي العام الماضي جمدت أرصدة سبع شركات أخرى وثلاثة أشخاص، قال مسؤولون انهم عملوا مع بوت على إرسال أسلحة إلى الكونغو. ردا على الطلب الاميركي أدرجت الأمم المتحدة غالبية الشركات والشخصيات التي ارتبطت ببوت على قائمة العقوبات. وقال النائب ايد رويس، العضو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب، انه على الرغم من المساعي والجهود الدولية الرامية إلى وقف العنف في القارة الافريقية، فإن بوت كان يعمل على «صب الزيت على النار».

إلا ان ريتشارد تشيكاكي، 49 سنة، وهو مواطن اميركي صديق لبوت سبق ان اتهمته وزارة الخزانة الاميركية بأنه شريك تجاري له، ينفى التهم التي تقول ان بوت مهرب سلاح عالمي. ونفى تشيكاكي أيضا أي علاقة تجارية له مع بوت وترك الولايات المتحدة عقب تجميد أمواله عام 2005. وفي وقت لاحق قال، خلال لقاء هاتفي معه، ان كل التهم الموجهة إلي بشأن تجارة السلاح مبالغ فيها، وقال أيضا ان بعض الأشياء صحيحة إلا ان الطريقة التي يصورون بها بوت لا علاقة لها بالواقع.

وأضاف تشيكاكي أيضا ان بوت ظل منذ عام 2006 يقيم خارج موسكو ويملك مصنعا صغيرا لإنتاج الرخام. وقال أيضا انه لا يعرف التاريخ الذي غادر فيه بوت روسيا في رحلته الأخيرة. وقال محلل أمني ان بوت كان في تايلند منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وكان يتنقل بين الفنادق. وتشير الاتهامات الموجهة إلى كل من بوت وسموليان إلى ان التحقيق بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 وتركز حول مخبر أشير إليه في الشكوى بـ"CS-1"، المصدر الموثوق رقم 1 الذين ظل يعرف بوت منذ منتصف عقد التسعينات ويعرف انه تاجر سلاح. وبعث المخبر برسائل بريد الكتروني إلى بوت عبر سموليان يطلب فيها ترتيب لقاء له لمناقشة صفقة محتملة، وأشير إلى بوت باسم «بوريس» وأشير إلى السلاح بعبارة «معدات المزرعة». وفي رسالة بريد الكتروني بتاريخ 3 ديسمبر (كانون الاول) 2007 ابلغ سموليان «CS-1» بالتحدث مع بوريس وأن كل شيء ممكن فيما يتعلق بمعدات المزرعة. وجاء في الشكوى بتاريخ 22 فبراير (شباط) ان بوت، الذي كان يعتقد انه كان في روسيا، وافق على لقاء أعضاء «قوات الثورة المسلحة لكولومبيا» في تايلند خلال الأسبوع الأول من مارس (اذار) لغرض استكمال الترتيبات الخاصة بالصفقة. وفي وقت لاحق ابلغ واحد من المصادر سموليان بـ«الاستعداد للسفر».

*خدمة «نيويورك تايمز»