استمرار ذوبان جليد القطب سيتيح زيارته ببواخر عادية

اكتشاف 700 نوع جديد من الحيوانات في قيعان البحار المتجمدة

صورة البحر وقطع الجليد المتناثرة من معهد الفريد فيغنر للأبحاث القطبية
TT

حذر البروفيسور جورج كلاينشميدت، من معهد الفريد فيجنر لأبحاث القطب، من ارتفاع مناسيب المياه على الأرض، بسبب الذوبان المستمر لجليد القطب. وقال كلاينشميدت في ختام المؤتمر الثالث والعشرين حول القطب في أيسن (غرب ألمانيا)، إن الذوبان الكامل لجليد القطب سيؤدي إلى ارتفاع مناسيب المياه على الأرض بمقدار 70 مترا، أي ما يكفي لتغطية مدينة كبيرة مثل أيسن ترتفع 47 مترا عن مستوى سطح البحر.

وكانت مدينة أيسن الصناعية قد شهدت وقائع المؤتمر الثالث والعشرين حول القطب بين 10-14 مارس (اذار) الجاري. وحضر المؤتمر أكثر من 150 باحثا من مختلف بلدان العالم، يمثلون فرق بحث ومعاهد ومؤسسات تضم أكثر من 50 ألف عالم. وقدم علماء البيئة والجيولوجيا أكثر من 150 دراسة في المؤتمر أجرتها البعثات الدولية المختلفة. ومول الألمان 25 بعثة منها، كما أجرت معاهدهم 15 منها خلال السنوات الماضية.

وذكر العالم راينهارد ديتريش، رئيس مركز الأبحاث القطبية الألماني، أن الإنسان ستتاح له فرصة زيارة مركز القطب بالبواخر الاعتيادية، من دون الحاجة إلى كاسحات الثلوج، لو استمرت التغيرات المناخية على ما هي عليه على الأرض. ووصف الباحث النتائج المخيفة التي طرحها العلماء، عن علاقة ظاهرة التسخين الحراري بذوبان جليد القطب بأنها ليست أكثر من نتائج المباراة في نصفها الأول. وتحدث ديتريش عن دراسات مختلفة أشارت إلى اكتشاف 700 نوع جديد من المخلوقات التي تعيش تحت الجليد، وفي أعماق البحار المنجمدة، وهي نتائج ما كان بوسع الإنسان التوصل إليها لولا تضاؤل سمك الجليد في القطب. ومعظم هذه الحيوانات هي من المخلوقات الصغيرة غير الفقرية التي يشير تاريخ بعضها إلى سنوات كثيرة مضت.

وكشفت الدراسات الحديثة أيضا أن العمر التقريبي لطبقة الجليد الأزلية على القطب هو 40 مليون سنة، وليس 20 مليون سنة كما كان معتقدا. وهناك الكثير من البحار التي تقع تحت الجليد والتي يقدر طول بعضها بنحو 250 مترا وعمقها بـ100 متر.

وعرض الباحث الألماني فيلفريد كورت نتائج دراسة حول الجليد في غرينلاند تشي، بأن الجليد هناك يفقد 150 كم مربعا كل سنة بتأثير ظاهرة التسخين الحراري. وقال كورت، الذي قاد بعثتين في غرينلاند عام 2002 و2006، إن الجليد في غرينلاند يكشف تقلصا بنفس المستوى في كل مكان، الأمر الذي يشير إلى تأثره بظاهرة واحدة هي التحولات المناخية الدرامية على الأرض. وأعلن كورت، من جامعة برلين التقنية، أنه سيقوم ببعثة أخرى مشابهة عام 2010 للكشف عن الأنواع الجديدة من الحيوانات هناك. ومعروف أن كورت يجري بعثاته العلمية بطريق التزلج على الجليد، وسبق لفريقه أن توغل مسافة 700 كم في غرينالند على الزحافات في بعثة 2006.

وحسب البروفيسور هاينريش مولر، من معهد الفريد فيجنر، فإن البحار المنجمدة تراجعت كثيرا خلال الخمسين سنة الماضية. وتقلص سمك الجليد السطحي في هذه البحار من 2.5 متر عام 1998 إلى متر واحد في سبتمبر (ايلول) 2007. كما رصد الباحث «هجرة» جليدية في القطب سببها التحولات المناخية التي ترافقت مع الحركة في طبقات الأرض السفلى تحت الجليد. فهناك تراكم للجليد في بعض المناطق على حساب انحسارها في مناطق أخرى.

وحسب تقدير، راينهاردت ديتريش، المنسق العام للفعالية، فلم يسبق أن قدمت مثل هذه الدراسات الواضحة عن علاقة تلوث البيئة بذوبان جليد القطب، إذ توصل العلماء لأول مرة إلى الحفر في أعماق القطب وصولا إلى البحار العميقة تحتها، كما حلل العلماء نماذج من طبقات الجليد تثبت عدم وجود مبررات لمواصلة تلويث البيئة بالبحث عن المواد الخام تحت طبقات الجليد. فالطبقات العليا لا تشي بوجود خامات ذات طبيعة اقتصادية، في حين أن المعادن الثمينة موجودة في الأعماق ويتطلب استخراجها كلفة عالية.

وسبق للأمم المتحدة أن أشرفت على توقيع اتفاقية مدريد، المسماة «اتفاقية انتراكتيس»، عام 1998 لتنظيم أعمال التنقيب عن المعادن الثمينة في القطب. وتنص الاتفاقية على الامتناع حتى عام 2041 عن التنقيب عن المعادن في القطب من دون موافقة الأمم المتحدة.