مرشح المحافظين لانتخابات عمدة لندن: «المحار لكل مواطن»

جونسون يرفع شعار التلقائية في مواجهة لفنغستون العمالي

السياسي المحافظ بوريس جونسون في أحد أسواق لندن («نيويورك تايمز»)
TT

اتجه السياسي المحافظ بوريس جونسون إلى اسواق المدينة أمس، وكأنه جهاز استكشاف يبحث عن الأصوات في انتخابات الأول من مايو (ايار) لاختيار محافظ لندن. وفيما كان يتذوق بعض المحار قال بصوت عال: «المحار لكل فرد! لقد وعدت بأن يكون المحار في جنوب لندن كله!» وكان جونسون يبحث عن مال ليشتري مجلة، فأخرج بصعوبة بعض القطع المعدنية وقطعة قذرة من الجبن. وعندما سئل عما يستطيع تقديمه كعمدة، قال سريعا: «التفاؤل والطاقة والنشاط والأفكار المبتكرة!» لقد كان هناك مزيج من الجاذبية العاصفة، وإنكار الذات من هذا الرجل الذي أعلن ذات مرة قائلا: «تحت كل قشرة خارجية جيدة الشكل للمهرج المرح، يكمن مهرج مرح». ولكن حدث شيء مضحك في طريقنا إلى الانتخابات. فقد تمكن جونسون من إقناع أهل لندن بأنه ربما يكون عمدة جيدا.

وقد أظهر استطلاع حديث للرأي أنه يتساوى مع مرشح العمال، كين ليفنغستون، وأظهر استطلاع آخر أن جونسون يسبقه بنحو 12 نقطة مئوية.

لقد أصبحت الانتخابات وكأنها مقياس للمزاج السياسي المحلي، كما أنها استفتاء مهم على شعبية حكومة حزب العمال المهتزة التي يرأسها غوردن براون. ومن شأن الفوز بلندن، وهي معقل قوي لحزب العمال أن يكون بمثابة فوز مهم لحزب المحافظين المعارض، الذي يقبع خارج السلطة لنحو 11 عاما. يقول توني ترافرس، مدير مجموعة لندن الكبرى في كلية لندن للاقتصاد: «إنها حرب بالوكالة. إذا خسر ليفنغستون، فسوف يقول المحافظون: انظروا، لا يمكنكم حتى الفوز في العاصمة. إنكم منهزمون، وأنتم حكومة سابقة. ولكن إذا فاز ليفنغستون، فسوف يقول العمال: إن ذلك بداية عهد العمال.. إنكم حالة يائسة أيها الرجال».

والمشكلات متشابهة في أي مدينة كبيرة: الجريمة والمواصلات والتنمية في مقابل البيئة، وارتفاع تكلفة المعيشة. ولكن في لندن، التي انتخبت العمدة لمدة ثماني سنوات فقط، يتجه السباق في جزء كبير منه إلى الناحية الشخصية. يبلغ ليفنغستون من العمر 62 عاما، وهو سياسي ماكر من أقصى يسار حزب العمال، وكان له الكثير من الأصدقاء والأعداء بسبب موقفه غير الوسط، وبسبب سلوكه الغريب في بعض الأحيان. وقد ساعد على استضافة لندن للأولمبياد عام 2012 وأثبت أنه قائد قوي بعد كارثة تفجيرات لندن 2005. وربما يكون أكبر إنجازاته تقديم غرامة زحام قدرها 16 دولارا كل يوم على السيارات التي تقود وسط لندن، وهو البرنامج الأكثر طموحا في العالم. وهناك جونسون (اسمه الكامل: أليكسندر بوريس جي بفيفي جونسون) البالغ من العمر 43 عاما، وهو محرر سابق لمجلة «ذا سبكتيتور» وضيف من آن إلى آخر على بعض البرامج التلفزيونية الناقدة الشهيرة، وقد اعتاد على الدعابة أثناء عمله. وبشعره اللامع الكتاني، وأسلوبه البلاغي، وعادته في التطرق إلى موضوعات شائكة، التي ربما يكون قد تعرض هو نفسه لبعضها ثم أصبح رجلا مشهورا، فإن جونسون يبدو متفردا عن سياسيي بريطانيا المتمرسين الذين يرغبون دائما في تلميع صورهم. ويبدو أن جهود جونسون لتصوير بعض الجدية والطابع العام قد بدأت تؤتي ثمارها. لقد بدأ حملته في أرجاء لندن وذهب إلى أماكن كثيفة ومختارة بعناية، وقد تم تقديمها إليه من قبل حزب المحافظين، حسب قول خصومه العماليين، وتحدث بسهولة عن موضوعات من قبيل تمويل خط قطار الأنفاق وسيولة المرور. يقول جونسون وهو يتذوق قطعة من النقانق من إحدى البائعات في السوق: «إذا نظرت إلى جدول أعمالنا، فلا أعتقد أنه يمكن أن تشك في جدية عملنا أو ما نحاول إنجازه». وقد أخبرته البائعة بأنها تشعر بالحنين إلى وطنها بولندا، فقال لها: «آه عزيزتي».

ثم أردف بقوله: «عليك أن تأخذ الأمر بجدية، إلى حد ما. لأنك إذا لم تفعل ذلك، فإنك لن تنظر إلى أي شخص آخر بجدية».

ومع أن كل مرشح يبدو وكأنه شخصية جديدة ذات سمات أفضل، فإن أيا منهم لا يستطيع أن يهرب من ماضيه. السيد جونسون، على سبيل المثال، لديه قدرة كبيرة على مضايقة الناس. ففي العام الماضي قال في مقال عن السيارات في مجلة GQ إن مدينة بورتسموث بها الكثير من المخدرات ومشهورة بارتفاع نسبة السمنة والعجز عن تحقيق أي إنجازات وأن بها الكثير من النواب عن حزب العمال». وتسبب في أزمة قومية بعد أن كتب، عندما كان يعمل محررا في مجلة «سبكتيتور»، مقالة افتتاحية يتهم فيها ليفربول بالتقاعس بعد أن تم احتجاز أحد المواطنين كرهينة وقتله في العراق. ربما يكون ليفنغستون يختلف بعض الشيء عن جونسون، ولكن لديه مواقفه الخاصة. ففي إحدى المرات كان هو على رأس حفل غذاء رسمي للرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، مع أن السيد شافيز وصف توني بلير «لعبة بيد الإمبريالية والحليف الأساسي لهتلر» بسبب دعمه للرئيس بوش. وفي موقف آخر، رحب ليفنغستون بالشيخ يوسف القرضاوي وعانقه أمام المبنى الحكومي، مع أن هذا الشيخ المصري دائما ما يكتب عن كراهيته لليهود والشواذ. وقال ليفنغستون إن الشيخ القرضاوي هو مسلم تقدمي وأن من المهم أن يتحدث مع رجل مثله.

كما وصف ليفنغستون السفير الأميركي روبرت توتل على شاشات التلفاز بأنه محتال عندما كان يشعر بالغضب بسبب رفض السفارة الأميركية دفع رسوم الازدحام، قال عنها الأميركيون إن هذه الرسوم عبارة عن ضريبة. في عام 2003، قال ليفنغستون إن الرئيس بوش هو «التهديد الأعظم للحياة على هذه الأرض»، وفي عام 2004 تم توقيفه من عمله لمدة أربعة أسابيع بعد أن شبه أوليفر فينجولد، وهو مراسل يهودي لجريدة «إيفننج ستاندرد» اللندنية، بحارس في أحد معسكرات الاعتقال. يقول المدرس تيري وود عن جونسون: «إنه يهتم بنفسه على نحو ملحوظ في الآونة الأخيرة.. ليس بشعره فقط» في إشارة لشعر جونسون غير المصفف، والذي كان يبدو كما لو كان يقص باستخدام مقص تقليم الأشجار ويصفف باستخدام شوكة العشب. «ولكنه يتظاهر كما لو كان يشعر بهذا الأمر. لم يكن شخصا جادا في يوم من الأيام، كما أنه ليس من سكان لندن المخلصين». * خدمة «نيويورك تايمز»