إضراب صحيفة «لوموند»

الصحف الفرنسية تتغير بحثا عن قراء مع تضاؤل الإعلانات لصالح الصحافة الإلكترونية

صحافيون بأقنعة مع قمصان «تي شيرت» بيضاء مطبوع فوقها من 1 إلى 129 ضمن اضراب صحيفة لوموند «نيويورك تايمز»
TT

خلال إضرابهم للأسبوع الثاني في صحيفة «لوموند» الفرنسية خرج الصحافيون من مقرها الذي يحتل مبنى بتسعة طوابق وهم يرتدون أقنعة أشباح مع قمصان «تي شيرت» بيضاء مطبوع فوقها من 1 إلى 129.

وتساوي الأرقام ما يقرب من ربع عدد العاملين في المؤسسة البالغ عددهم حوالي 600، وهي إشارة إلى عدد العاملين الذين تهدف الإدارة إلى تسريحهم من هذه الصحيفة التي تتمتع باحترام فائق والتي بلغ عمرها 63 سنة، مع ذلك فهي لا تحقق أرباحا، ضمن خطة تهدف إلى إزالة جزء منها لإبقائها على قيد الحياة.

قال لورنت غريسامر المحرر الإداري المساعد لصحفية «لوموند» والذي بدأ عمله فيها قبل أكثر من 30 عاما: «نحن نواجه حالة طارئة جدا. فلفهم ما يحدث للوموند من الضروري أن نتكلم عن صحيفتي لوفيغارو وليبيراسيون، إنه من الضروري التحدث عن الصحافة الوطنية اليومية».

فمع انخفاض الدخل من الإعلانات وانخفاض حجم مبيعات الصحيفة أصبحت «لوموند» تجسد حالة الغليان ضمن صناعة الصحافة الفرنسية، التي تحصل على دعم مالي حكومي كبير وظلت تفقد قراءها بشكل متواصل لصالح منافسين جدد على الانترنت ولصالح الصحف المجانية.

بل حتى الصحف الفرنسية راحت تتغير بحثا عن قراء مع تضاؤل متواصل للإعلانات لصالح الصحافة الالكترونية ولم تنجح صحيفة «لوموند» أن تغلق الفجوة في المداخيل مع تلك الصحف الانترنتية.

وخلال فترة سنوات ظلت ثقافة الصحافة الفرنسية ضعيفة نسبيا مقارنة ببلدان أخرى، هناك 181 شخصا في كل 1000 يساهم في شراء صحف في فرنسا مقارنة بـ 371 في ألمانيا و274 في الولايات المتحدة حسب الأرقام التي صدرت عن «الاتحاد الدولي للصحف» الذي يقع مقره في باريس.

وخسرت الشركة 15.4 مليون يورو عام 2007 (24 مليون دولار)، وواجهت عجزا في الميزانية زاد عن 180 مليون يورو خلال السنوات السبع الماضية، وفقا لما قاله رئيس لوموند اريك فوتورينو في عمود نشر السبت الماضي وحذر فيه من أن «الوضع المالي لصحيفة لوموند لم يكن أكثر صعوبة».

وقبل عامين وفرت لاغارديير، وهي شركة اعلام وفضاء فرنسية عملاقة، وبريسا، وهي مجموعة اعلامية اسبانية تمتلك صحيفة إلبايس، بعضا من الانفراج عبر شراء حصص في لوموند تصل قيمتها الى 50 مليون يورو.

واشارت كلتا الشركتان الى انهما مستعدتان لاستثمار أكبر مقابل التمتع بنفوذ أكبر. ولكن في الوقت الحالي لا تحظى أموالهما بترحيب في لوموند، الصحيفة ذات الثقافة المميزة والتي يتمتع فيها الصحافيون بسلطة كبيرة. ولدى لوموند، التي تأسست عام 1944 بناء على أوامر الجنرال شارل ديغول لتكون «ضمير فرنسا» بهيكل حملة اسهم معقد حيث صحافيوها يمتلكون حصة 60 في المائة من الشركة التي تمتلك فيها كل من بريسا ولاغارديير حصصا تقل عن 18 في المائة.

وقال باتريك ايفنو، المؤرخ في السوربون والذي كتب على نطاق واسع عن الصحف، ان لوموند كانت قد استندت إلى «استراتيجية معاكسة» مع خطط للتخلص من بعض مطبوعاتها. فقد باعت في الفترة الأخيرة مجموعتها الصحافية الاقليمية. وقال ايفنو انه يعتبر تقليص الوظائف مسألة ضرورية لبقاء الصحيفة، اذا ما اخذنا بالحسبان التكاليف العالية لطباعة صحيفة فرنسية وهبوط ايرادات الاعلانات.

ويحاول فوتورينو، وهو نفسه صحافي قديم في لوموند، ان يدير القوى المتنافسة كرئيس للمجموعة.

وتهدف استراتيجيته الى اعادة الصحيفة الى وضع تحقيق الأرباح خلال العامين المقبلين عبر تقليص عدد العاملين وحجم الصحيفة من خلال تقليص تغطية القضايا الثقافية والرياضية والاستمرار في التأكيد على ما يعتبره القراء جوهريا وهو القضايا السياسية والأخبار الدولية وموضوعات الرأي.

* خدمة «نيويورك تايمز»