بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة

TT

* تطعيم الأطفال ضد الانفلونزا

* من الأخطاء الشائعة أن ترى في كثير من البلدان حتى المتقدمة منها أن عددا كبيرا من الأطفال الصغار لا زالوا يعانون من حالات مرضية شديدة من جراء الاصابة بالانفلونزا الموسمية، بالرغم من وجود تطعيم ضد هذا المرض الذي تصل نسبة فعاليته لمستوى عال.

لقد تم انتاج لقاح الانفلونزا واصبح متاحا منذ الاربعينات. وبفضله تم انقاذ حياة الملايين من الوفاة بسبب هذا المرض الذي يبدأ نشاط انتشار فيروسه بصفة عامة في موسم الخريف ويستمر حتى الربيع. وتطعيم الانفلونزا كان بالفعل موصى به للذين يعتبرون أنهم الاكثر تعرضا لخطر الوفاة او الاصابة بمرض خطير من جراء فيروس الانفلونزا، خاصة الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 6 اشهر الى 5 سنوات، والبالغين وكبار السن فوق عمر ال 50 ، وكذلك الناس الذين لديهم ضعف في اجهزة المناعة.

إلا أن هذا لم يعد مقنعا أمام الدراسات التي تطرح باستمرار على المسؤولين في مراكز مراقبة الامراض والوقاية CDC، التي توصي نتائجها بتوسيع نطاق التطعيم ليشمل الاطفال حتى سن 18 عاما. فقد وجد أن الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 5 الى 18 سنة هم أيضا معرضون للاصابة بالانفلونزا بمعدلات أعلى من الفئات العمرية الاخرى، وإن كانت درجة اصابتهم لا تصل لمراحل مرضية خطيرة أو شديدة.

فمن بين من الوفيات التي تسجل سنويا منسوبة الى مرض انفلونزا والتي تقدر بأكثر من 36000 وفاة، هناك فقط 25 الى 50 حالة تحدث في الفئة العمرية للاطفال، وهذا ما أوضحته تقارير مراكز مراقبة الامراض والوقاية.

وهذا ما دعى الفريق الاستشاري الفيدرالي بالمراكز للمطالبة بتوسيع التطعيم السنوي للانفلونزا لجميع الاطفال تقريبا وليس فقط في اطار “من هم دون سن 5 سنوات” باستثناء الاطفال الاصغر سنا من 6 أشهر وأولئك الذين لديهم حساسية شديدة للبيض.

هذا يعني ان حوالى 30 مليون طفل، زيادة عن العدد السابق سوف يحصلون على التطعيم، وسيكون هذا المشروع واحدا من اكبر التوسعات فى التغطية التحصينية ضد مرض الانفلونزا في تاريخ الولايات المتحدة.

لقد تم اعتماد هذه التوصية المقدمة من الفريق الاستشاري، بصورة روتينية، من مراكز مراقبة الامراض والوقاية منها وتم اصدار المبادئ التوجيهية الى الاطباء والمستشفيات نحو هذا التطعيم.

وهناك من يرى أن بتم اعطاء لقاح الانفلونزا لكل شخص صحيح، بدلا من اضافة مجموعة اخرى من الاطفال من وقت لآخر.

ويعتقد الخبراء أن تطعيم الانفلونزا عندما يعطى لمزيد من الاطفال يمكن ايضا أن يمنع المرض من الانتشار الى البالغين وكبار السن، رغم ان الدراسات لم تحدد بعد بوضوح أهمية ذلك.

وهذا ما ركز عليه خبير الامراض المعدية في مايو كلينيك الدكتور غريغوري بولند بوضع علامة استفهام حول من ينبغي ان يحصل على التطعيم من مختلف شرائح المجتمع وما هي أهمية ذلك بالنسبة لكل منها.

* الفحص الطبي قبل الزواج

* من الأخطاء الشائعة عدم إهتمام المقبلين على الزواج على عمل الفحص الطبي المطلوب للكشف عن الامراض الوراثية التي قد يكونون حاملين لها في جيناتهم وبالتالي سوف يورثونها لأجيالهم القادمة. وتكون النتيجة مواليد مصابة بأمراض وراثية لا ذنب لهم فيها، يعانون من ويلاتها، طوال حياتهم، هم وآباؤهم. وتتميز كل منطقة في العالم بمجموعة من هذه الأمراض الوراثية، ومن أمثلتها أمراض الدم الوراثية الشائعة في منطقة الشرق الأوسط، ومرض التليف الكيسي في الولايات المتحدة.

مجلة نيو انغلاند الطبية New England Journal of Medicine أوردت في أحد أعدادها تجربة ولاية ماساشوستس الأميركية في تقليص عدد الاصابات الى النصف لأحد الأمراض الوراثية المشهورة وهو التليف الكيسي Cystic fibrosis or CF, كما ذكرت الانباء اخيرا.

لقد لاحظ الباحثون في جامعة ماساشوستس تراجعا دراماتيكيا، على مستوى الولايات المتحدة، في عدد المواليد الجدد المصابين بحالة التليف الكيسي، وقد عزوا ذلك الانخفاض الى تطبيق البرنامج الوطني للكشف عن الأمراض الوراثية.

والتليف الكيسي، هو مرض وراثي ينتج عنه افراز مخاط كثيف أكثر من الطبيعي يؤدي الى انسدادات في الرئتين واجهزة اخرى في الجسم. وتشير تقارير مؤسسة “التليف الكيسي” الى أن هذا المرض يؤثر على حوالى 30000 طفل في الولايات المتحدة كل سنة، أو 70000 طفل في جميع انحاء العالم.

ويتسبب هذا المرض عن طفرة جينية صغيرة تحدث عندما يرث الطفل نسخة مصابة من الجينات من كلا الوالدين تؤدي الى ظهور وتطوير المرض، أما الناس الذين يحملون نسخة واحدة فقط فهم في مأمن من الاصابة بهذا المرض.

لقد بدأ برنامج فحص وفرز الأطفال حديثي الولادة في ولاية ماساشوستس منذ عام 1999. وقد وثق الباحثون أن هناك انخفاضا ملحوظا فى عدد الحالات اعتبارا من عام 2001 بعد صدور التوصية من المعاهد الوطنية للصحة بعمل اختبار فرز للوالدين يكشف الحاملين منهم لجينات مرض التليف الكيسي CF gene قبل الاقدام على الانجاب.

وأكدت الدكتورة آن ماري كوميو، نائب مدير البرنامج، انه لم تعد تسجل حالات أطفال مصابين بالتليف الكيسي بنفس النسبة السابقة وأنها انخفضت الى النصف على مدى الاربع سنوات الأخيرة، وهو انجاز لم يكن متوقعا على الاطلاق.

وقد أمكن القضاء على بعض هذه الأمراض في بعض الدول بالتطبيق الصارم لبرامج الفحص قبل الزواج. وقد بدأ تطبيقه لدينا بالمملكة منذ بضع سنوات، والأمر يحتاج الى دراسات مماثلة لتوثيق النتائج.

* استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي مستشفى الملك فهد بجدة